الإسلام عزيز بمبادئه وتطبيقاته، وهو يستند في ذلك إلى ركنين مكينين هما كتاب الله، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك على الرغم من كل أنواع الكيد والحقد والجهل والدسائس منذ بزوغ فجره ومروراً بجميع مراحل انتشاره بدءاً بدعوة فردية بمكة وأتباع قليلين إلى تمكين في طيبة الطيبة حيث الهجرة والأنصار وحيث حيكت مكائد اليهود التي ما برحت تمثل العنصر الفاعل في المؤامرة في قديم الزمان وحديثه، وفي كل ما يلحق بالإسلام من تشويه وايذاء وتآمر. ولذلك فإن ما يتم اليوم من إساءة للإسلام والمسلمين من خلال الإساءة إلى نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم سواء أكانت على شكل رسوم أم أفلام أم تصريحات أم إحراقاً لنسخ من القرآن لا يخرج عن كونها جزءا لا يتجزأ من حرب الكراهية والحقد الدفين من قبل أولئك الذين تطور أداؤهم بعد أن أصبح لهم دولة قامت أساساً على الظلم والعدوان واغتصاب حق الشعب الفلسطيني في أرضه وممتلكاته وثقافته وموروثه ومصادره المائية والاقتصادية، ناهيك عن انتهاك المقدسات وإحراقها والتآمر على العرب في الليل والنهار. إن توقيت وضع حجر الأساس للتوسعة التاريخية للمسجد النبوي الشريف التي أمر بها ورعاها الملك عبدالله - حفظه الله - كان خير رد على كل حاقد على الإسلام وأهله وهو بمثابة رد حضاري متميز يُظهر ان الرد العملي الحضاري خير وأبقى من الردود الغوغائية التي ضررها يفوق نفعها بآلاف بل ملايين المرات إن الدولة الصهيونية ومخابراتها ليست ببعيدة عن كل جهد يلحق الضرر بالمسلمين سواء في أمنهم أو اقتصادهم أو معتقداتهم أو وحدتهم أو تقدمهم أو حتى تعاونهم.. وفتش عن دورهم في كل مصيبة تحدث هنا أو هناك ولذلك فإن من يقوم بالإساءة للمسلمين من خلال الاساءة إلى خاتم الأنبياء والمرسلين مستغلاًن أحداث 11 سبتمبر (2001) وردة الفعل العاطفية لدى المسلمين ومحدودية قدرتهم الإعلامية وعدم استغلال موروثهم الثقافي، يسعى إلى تثبيت الصورة السلبية عن المسلمين التي ألصقت بهم ظلماً وبهتاناً كرعاة للإرهاب ومصدرين له خصوصاً لدى الشعوب الغربية التي يسيطر اللوبي الصهيوني على كثير من مراكز الإعلام ومراكز اتخاذ القرار فيها وتغلغلهم في كثير من مفاصل المال والأعمال ما جعل لهم القدرة على التأثير الإعلامي والسياسي والاجتماعي وبالتالي القدرة على التحكم في صناديق الاقتراع ما جعل كل ذي طموح سياسي يسعى إلى التودد إليهم حتى وإن كان على حساب مبادئه ومصالح وطنه كما هو حادث هذه الأيام من قبل مرشحيْ الرئاسة الأمريكية خصوصاً المرشح الجمهوري ميت رومني الذي يدافع عن إسرائيل ومصالحها أكثر مما يفعل لأمريكا التي يسعى إلى تولي رئاستها! نعم إن تأجيج مشاعر الناس في بلاد الغرب ضد الإسلام والمسلمين، وإعطاءهم انطباعاً سيئاً عن الإسلام والمسلمين ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم لايمكن أن يكون عملاً فردياً معزولاً خصوصاً مع تكراره في شهر سبتمبر من كل عام فعمل مثل: * الإساءة للرسول الأعظم من خلال الرسوم الكاريكاتيرية ومكافأة صاحبها بجائزة كبرى من قبل مؤسسة رسمية في ألمانيا، وإعادة نشر تلك الرسوم من قبل مؤسسات صحفية أخرى بصورة تنبئ عن التحدي والاستهانة والاستهتار وتنبئ عن أن الفعل مؤسسي. * عملية إنتاج أفلامة قميئة وقذرة لا تنم إلا عن أخلاق من قام على إنتاجها ومثلها، وتحمل تكاليفها وقد كان آخرها ذلك الذي تداولته وسائل الإعلام وردود فعل المسلمين الغاضبة عليه والتي تستغل هي الأخرى استغلالاً سيئاً لأنها لا تقوم على أسس مدروسة بل هي ردة فعل غوغائية يحرص عليها ويستغلها بعض الانتهازيين. * تحميل قضية الحجاب أكثر مما تحتمل خصوصاً ان أغلب المتحجبات يكتفين بتغطية الرأس وكشف الوجه مع أن أغلب نسائهم يفعلن ذلك في حالة الأجواء الباردة والأمطار وغيرها من العوامل. * عملية حرق وتمزيق القرآن وتغطية تلك الأفعال المسيئة إعلامياً وإكساب من قام بمثل ذلك الفعل المشين شهرة واسعة من خلال المقابلات ونشر الصور والسير الذاتية حتى ولو كان معتوها أو مجنونا مع انه في الغالب مأجور وفعله مدفوع الثمن. هذا وقد سهلت التكنولوجيا الحديثة على المبتزين وخفافيش الظلام ومن يقف خلفهم ويدعمهم ويخطط لهم سهولة نشر وإشاعة تلك الأعمال المشينة وذلك من خلال الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى بعض الفضائيات المغرضة وذلك تحت طائلة حرية التعبير المكفولة هناك عدا ما يتعلق بالمساس بالصهاينة وربيبتهم إسرائيل! وخير مثال على ذلك ان لا أحد في الغرب يستطيع تكذيب المحرقة اليهودية المسماة «الهولوكوست» والتي قام بها النازيون والتي تدعي ان هتلر قد أحرق (6) ملايين يهودي وعندما حقق ذلك الادعاء أحد المؤرخين الشرفاء الذي أفاد بأن عدد اليهود في ألمانيا في ذلك الوقت لم يتجاوز بضع مئات من الآلاف فكيف يكون العدد (6) ملايين فحاربوه وشوهوا سمعته وألحقوا به كثيراً من الأضرار وكذلك كان الأمر مع المؤرخ الفرنسي جارودي الذي حاصروه لمجرد أن قال كلمة حق ليس هذا فحسب بل إن المساس بالسامية أمر مجرّم دولياً وذلك نزولاً عند رغبة إسرائيل ومن تسودهم من ساسة الغرب ومثقفيه. وعلى العموم فإن أبرز الأسباب التي تدفع إلى ارتكاب تلك الأعمال المشينة يتمثل في: * إن الصهيونية العالمية وربيبتها إسرائيل استشعروا الخطر المتمثل في الاقبال المتزايد على اعتناق الإسلام من ناحية، وزيادة حجم الجالية الإسلامية في بلاد الغرب وبروزها كمكّون فاعل داخل المجتمعات الغربية ما سوف ينعكس في المستقبل كصوت انتخابي له تأثيره على معادلة التوازن الحالية وتغيير لغة الربح والخسارة بالنسبة لمن يهيمنون على العملية الانتخابية هناك من خلال الإعلام والمال والأغلبية التي سوف تضمحل مع المد الإسلامي هناك والتي سوف تكون أقوى أثراً لو تمكنت الجاليات الإسلامية هناك من العمل المنظم وانخرطت في مؤسسات المجتمع المدني بصورة أكثر فعالية. لذا فإن إسرائيل واللوبي الصهيوني ومن يتحالف معهما من القوى بدأوا بوضع مخططات لزرع الكراهية ضد المسلمين لدى الشعوب الغربية وذلك من خلال: - تشجيع التطرف وحصره في العالم الإسلامي والعربي ودعم الإرهاب ومفرداته حتى وإن ادعوا أنهم يحاربونه لأن أسلوب محاربتهم له لا يعدو أن يكون وسيلة تشجيع لافراز المزيد منه ناهيك عن خلق مناطق احتضان وتوليد وتدريب له وخير الاشارة على ذلك غزو العراق وأفغانستان وعدم حسم الوضع في سورية وتفاقم الوضع في اليمن وهشاشة الوضع في كل من مصر وليبيا والسودان، واستغلال ذلك في عمليات تهريب السلاح وتصدير الإرهاب وبث روح الطائفية يساعدهم في ذلك الخونة والمغفلون والجشعاء من أبناء تلك الدول والشعوب. - أحداث (11) سبتمبر (2001) لازالت تستغل وتستغل ذكراها كل عام من أجل تأجيج المشاعر ناهيك عن أن تنظيم القاعدة لا يعدو أن يكون من صنعهم وذلك ان كل ما يقوم به ذلك التنظيم يصب في صالح القوى المعادية للإسلام حتى وإن تضرروا جزئياً منه لأن أغلب أفعال ذلك التنظيم هو هدم وتخريب لأوطان المسلمين، ونشر للفوضى والدمار وإعاقة للتنمية فيها. فمتى تبنى تنظيم القاعدة ولو عملا واحدا ضد إسرائيل؟ - اتخاذ الحجاب قضية مفصلية وسن قوانين تمنع من ارتدائه فلماذا لا يتم سن قوانين مماثلة تمنع الإساءة إلى الأديان وفي مقدمتها الإسلام؟ وعليه لابد ان يتحرك المخلصون في العالم العربي والإسلامي ويقوموا بتقديم الإسلام إلى تلك الشعوب المتعطشة إلى الحقيقة والمحجوبة عنها من خلال الإعلام الصهيوني والمتصهينين وذلك من خلال: * استغلال الانفتاح الإعلامي الفضائي والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر والفيس بوك وغيرهما من أجل ايصال مبادئ الإسلام الأساسية في مجال العدل والرحمة ورعاية الحقوق مثل حقوق الطفل وحقوق الوالدين وحقوق البيئة وحقوق الأجير وحقوق الحيوان وحقوق النبات وحقوق الشراكة وحقوق الفقراء بالاضافة إلى بيان حقوق الزوج والزوجة والأبناء وأهمية صلة الأرحام والتكافل الاجتماعي، ودور الزكاة والصدقة في ذلك ناهيك عن حقوق الأسرى والمحاربين في الإسلام ونبذ التطرف والارهاب وبيان نظرة الإسلام إلى الأديان السماوية الأخرى واستعراض تاريخ الإسلام مع الأقليات واحترامه لهم ودفاعه عنهم داخل المجتمعات الإسلامية.. نعم ان تلك المهمة لا يستطيع القيام بها إلا صاحب معرفة ضافية بأصول الإسلام ومبادئه وبثقافة الشعوب المستهدفة وأسلوب التعامل معها.. وهنا يجب التنبيه إلى ان الهدف من ذلك ليس دعوياً بقدر ما هو تثقيفي الغرض منه تنوير تلك الأمم بمبادئ الإسلام السامية وترك الباب مفتوحاً لمن يريد الاستزادة أو الدخول فيه وذلك على أساس ان: وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود - أن يتم وضع برامج خاصة موجهة للمسلمين ومنظماتهم المدنية تزرع فيهم أساليب ردة الفعل العقلانية المبنية على السنّة النبوية والتي تُظهر المسلمين بصورة حضارية بعيدة عن الغوغائية ما يحرم الغوغائيين وسائلهم المفضلة في نشر الفوضى ناهيك عن ان ذلك يفوت على صانعي الإساءة للإسلام استغلال ردود الفعل الغوغائية التي يستعملونها هي الأخرى في إثبات ما ذهبوا إليه من أن الإسلام والمسلمين إرهابيون ومتعطشون لايذاء الآخرين. إن الاحتجاج مطلوب ولكن بأسلوب حضاري. - على الحكومات الإسلامية التقدم بطلب إلى منظمة الأممالمتحدة لاستصدار قرار يجرّم الإساءة للأديان والثقافات بالاضافة إلى التواصل مع الحكومات الغربية لاستصدار قوانين تجرم الاساءة للإسلام أسوة بتجريم أفكار الهولو كوست ومعاداة السامية وأسوة بقرار البرلمان الفرنسي بشأن مذبحة الأرمن في تركيا وغيرها من القوانين والقرارات التي تمنع الاساءة للآخرين، أو تعطيهم حقوقا ومزايا تصب في صالح بعض اللوبيات. أي ان اللوبي العربي والإسلامي لابد وأن يفرد عضلات المصالح لأن حرية الرأي غير المسؤولة يمكن أن يثنيها الاضرار بالمصالح المشتركة. إن الاساءة للإسلام ليسة جديدة والمعارك ضده فتحت منذ فجره الأول وتفتح الآن وسوف تفتح من قبل أعدائه إلى يوم الدين ومع ذلك ظل الإسلام ينتصر في كل المعارك لأنه الحق وغيره الباطل. «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا» الآية. نعم إن توقيت وضع حجر الأساس للتوسعة التاريخية للمسجد النبوي الشريف التي أمر بها ورعاها الملك عبدالله - حفظه الله - كان خير رد على كل حاقد على الإسلام وأهله وهو بمثابة رد حضاري متميز يُظهر ان الرد العملي الحضاري خير وأبقى من الردود الغوغائية التي ضررها يفوق نفعها بآلاف بل ملايين المرات. ناهيك عما يمثله ذلك المشروع من خدمة لزوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله المستعان.