لا شيء أسهل في نادي الاتفاق من التغيير؛ ولكنه ليس التغيير الإيجابي الذي يؤشر على الديناميكية في التعاطي مع الأمور، ويدفع باتجاه الأفضل؛ لكنه التغيير الذي يفرضه أسلوب المحاولة والخطأ الذي طالما اتبعته إدارة النادي منذ سنوات بعيدة ولازالت حتى اليوم. في نهاية الأسبوع الماضي أعطت الإدارة مدرب الفريق السويسري ألين جينغر تأشيرة مغادرة مختوم عليها بعبارة مدرب (فاشل). الممسكون بالقرار لم يقولوا ذلك طبعاً، بل قالوا إنه مدرب كفء؛ لكن الظروف لم تساعده، والحظ لم يسعفه، وهذا تبرير لهم، وليس له، بينما في المدرج الدمامي قالوا عنه "سباك"، و"مافي رأسه كورة"، وقلة قليلة من المنصفين اعترفوا بأنه تسلّم فريقاً يتهاوى من الداخل!. لا أحد في مجلس الإدارة أيضاً قال ولن يقول أن عملنا الاستراتيجي خاطئ، بل إنهم لا يقولون حتى إن بعض خيارتنا لم تكن صائبة، ولن يعترف أحد منهم بأن التفريط في مقدرات الفريق الفنية في كل عام سبب في خلخلته، وأن كثيراً من التعاقدات المحلية والأجنبية تدخل في إطار الهدر المالي، وإن قالوا شيئاً من ذلك فسيخلقون ألف تبرير وتبرير لحماية أخطائهم، وينسون أن ثمة نادياً قريباً منهم اسمه الفتح بات يفضح كل تلك الحجج. الأخطاء في الاتفاق شماعتها جاهزة على الدوام، ولن أذهب بعيداً، فالإدارة وبعد موسم ناجح تفرط في الكرواتي برانكو، وهو المدرب الأنجح في تاريخ الاتفاق منذ نحو عقدين، فتبرر لذلك بسهولة، ومن ثم تتخلى عن خمسة عناصر أساسية من تركيبة الفريق في وقت صعب، ومن ثم تخلق العذر تلو العذر، ثم تأتي بالبدائل فلا يقدمون شيئاً يعوض الفراغ، فتستمر في تفريغ علب الأعذار، وتهتز صورة الفريق وتسوء نتائجه، ولا تنتهي التبريرات. الواقع في الاتفاق محبط للغاية، فالأمر يتجاوز الأمور الفنية إلى تفاصيل التفصايل، فالكثيرون يتساءلون: لماذا لا نرى الشرفيين يتحلقون حول النادي؟، وما السبب الذي يجعل جل أعضاء مجلس الإدارة خارج دائرة الضوء؟، وما بال جماهير فارس الدهناء قد هجرت المدرجات؟، وما الأسباب التي تجعل النادي يتوارى في المشهد الإعلامي؟، وما المبررات التي تجعل الرعاة والمستثمرين يفكرون ألف مرة قبل توقيع أوراق التعاقد، ولا يزالون يسألون ولا أحد من العارفين ببواطن الأمور يجيب، وإن تشجع أحدهم وأجاب، فكلامه يأتي غالباً على طريقة "بيني وبينك"! في الاتفاق شرفيون مخلصون، وإداريون مؤهلون، وجماهير عريضة، وإعلاميون متمرسون بل وغيورون، وتاريخ مسطر بالذهب، وكل تلك عناصر قادرة على وضع الاتفاق في المكان الذي يستحقه؛ لكن الجميع في هذا النادي منكفئ ومحبط، حتى بات التبلد سيد الموقف؛ وهناك من هو مستفيد من هذا الوضع، بينما الخاسر –بالطبع- هو الاتفاق. انزواء المحبين عن الاتفاق وإن كان يفضح واقع النادي؛ لكنه لا يبرر لسلبية كل العناصر المعنية بالأمر؛ لأن الصمت على هذا الواقع، فضلاً عن المشاركة فيه جريمة بحق الاتفاق وتاريخه، أقول ذلك وأعلم أنه قد يغضب البعض؛ لكنني أقوله إنصافاً للحقيقة المسكوت عنها، وليرضَ من يرضى، وليغضب من يغضب!.