أطلقت منظمة الفاو "منظمة الأغذية والزراعة في الأممالمتحدة" في تقريرها الأخير 2011م صفارة إنذار للعالم بأسره وتحذيرات شديدة وتخوف من انعدام الأمن الغذائي عالميا نتيجة موجة الجفاف التي ضربت 40 % من الأراضي الزراعية عالمياً، وشددت المنظمة على مخاوف تحول صدمات أسعار الغذاء الى كارثة انسانية تعصف بعشرات الملايين في مختلف اقطار العالم وتوقعت زيادة اسعار السلع او توقف تصديرها نتيجة لذلك، حيث ذكرت بالتقرير انها ارتفعت بنسب كبيرة جدا وما يحدث في العالم هو أمر عام وشامل ولا احد في الكرة الأرضية سيكون في معزل عنه خاصة الدول التي تعتمد في غذائها على المستورد. نحن في المملكة.. ما وضعنا وواقعنا في تأمين الغذاء؟ للأسف الشديد والله خير حافظ! ذكرت الاحصاءات التي أوردها معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات التابع لجامعة الملك سعود، في تقرير صادر منه ان 90 % من غذائنا في المملكة مستورد من الخارج ومن 8 دول من الاتحاد الاوربي! وهذه الاحصاءات والارقام لا تكذب بل إن واردات المملكة من المنتجات الغذائية تحتل المرتبة الرابعة من اجمالي الواردات بنسبة 13,44 % واجماليها 63,2 مليار، بمعنى اننا بلد نعتمد في غذائنا على الخارج ولا ننتج الا حوالي 10 % محليا، وهذه معادلة مقلوبة وحرجة في الاقتصاد السعودي الذي ينتج ويصدر النفط بنسبة حوالي 90 % من الدخل الوطني والذي اعطانا الفرصة في المقايضة للمنتجات والاستيراد مقابل التصدير، وهذا امر واقع ومتاح في شؤون الاقتصاد والمبادلات التجارية الدولية، الامر البالغ الحساسية والمخيف هو ماذا سيكون مصيرنا مع وجود هذه الازمة الغذائية العالمية ونحن اسرى لغذائنا من الخارج؟ بالتأكيد هذه قضية استراتيجية للأمن الوطني فالأمن الغذائي هو عصب البلدان ومصدر قوتها وثقتها وامان شعوبها وينبغي طرح هذه القضية الاستراتيجية على مستوى عال، ووضع خيارات تأمينها من خلال التوسع في الانتاج المحلي للسلع الاستراتيجية غير المكلفة للمياه وكذلك وضع مخزون استراتيجي تمويني للغذاء لحالة الطوارئ وتشجيع الاستثمار في مشاريع الغذاء سواء بالتصنيع أو الزراعة المجدية وكذلك الاستثمار الزراعي لصالح البلد في الخارج كما وجه به خادم الحرمين الشريفين تحسبا لهذا الامر، فبلدنا وان كنا بنعمة ولله الحمد ولكن مع ما نشر من حقائق حول مستقبل البترول يجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا ونقول "الله يستر لو ما فيه استيراد من الخارج وين ناكل منه"!.