آلام البطن عند الأطفال شائعة وأسبابها كثيرة، وأهم هذه الأسباب التهاب الزائدة الدودية، التي تعتبر الأكثر شيوعاً من حيث حاجتها للتدخل الجراحي الإسعافي على البطن في مرحلة الطفولة، وسنتحدث بإسهاب عن هذه الحالة وسنوضح خطورة إهمالها وعدم الدقة في تشخيصها، ومضاعفات ذلك. فالمعلومية أن معدّل تعرض التهاب الزائدة الدودية والانفجار والانثقاب حوالي 30 - 40٪ من الحالات، وتبيّن أن 50٪ من حالات الانثقاب التي تحدث قد شوهدت وفحصت من قبل طبيب قبيل وضع التشخيص بغض النظر عن نوع هذا الطبيب. كما أن خطر الانثقاب وخاصة عند الأطفال بعمر 1-4 سنوات (50-75٪) وعند المراهقين حوالي (30-40٪) وهي الفئة العمرية التي يكون حدوث المرض بها في ذروته مقارنة بباقي فترات مرحلة الطفولة. أسباب ومدى انتشار المرض: يصاب ما يقرب 4/1000 طفل تقل أعمارهم عن 14 سنة سنوياً بالتهابات الزائدة الدودية. ويندر هذا المرض في الدول النامية التي تعتمد في طعامها على كمية كبيرة من الألياف. بالرغم من عدم الوصول والتأكد من العلاقة السببية بين مستوى الطعام من الألياف والتهاب الزائدة الدودية. وعادة يزداد حدوث الإصابة بهذا المرض مع تقدم العمر بحيث يصل إلى ذروته في سن المراهقة، ومن النادر ملاحظته قبل عمر السنة، وتدل الاحصاءات على زيادته في بعض العائلات ويكثر أيضاً في الذكور وتزداد نسبة حدوثه في فصلي الربيع والخريف ومع أنه يحدث على مدار السنة، ولكن بعض الاحصاءات ذكرت ذلك. أما كيفية حدوث الالتهاب لم يكتشف بعد السبب الرئيسي، ولكن تجريبياً يلاحظ أن الانسداد (ربط الزائدة) يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في الضغط ضمن اللمعة بحيث يصل بسرعة لرقم يتجاوز الضغط الشرياني الانقباضي، ويترقى الاحتقان الوريدي المريء إلى الخثار والنخر والانثقاب. وسريرياً، يشكل انسداد اللمعة السبب الرئيس لحدوث التهاب الزائدة، وينجم الانسداد عن انحشار المادة الغائطية (الحصاة الغائطية) وقد تتكلس تلك المادة مما يؤدي إلى ظهور حصاة زائدية واضحة بالأشعة (بنسبة 15 - 20٪). كما قد يترافق الانسداد الناجم عن التورم والوذمة المخاطية مع التهابات أجهزة أخرى أو التهابات معوية فيروسية أو جرثومية (مثل البرسينية، السلمونيلة، الشيغلة)، وعند الأطفال المصابين بالتليف الكيسي يوجه الالتهام للمخاط الشاذ كسبب مقترح لزيادة نسبة حدوث التهاب الزائدة لديهم. وفي أحوال نادرة يوجه ذلك الاهتمام للأورام السرطانية والأجسام الأجنبية والصفر الخراطيني الدودي الطفيلي كأسباب لحدوثه. نخلص إلى أن أسباب التهابات الزائدة غير معروفة حتى الآن، وقد تصيب حتى الكبار ولكنها شائعة كما قلنا في الصغار. كيف يحدث الانثقاب؟ تمر التبدلات التشريحية المرضية في التهاب الزائدة الدودية بثلاثة أطوار ففي البداية يحدث احتقان وريدي يرافقه انسداد اللمعة الدودية باتجاه إصابة الجدار المخاطي بالاقفار والنخر والانثقاب. أما الطور الثاني يتمثل في الغزو الجرثومي مع وجود رشامة التهابية تشمل كل طبقات الزائدة، وقبل حدوث الانثقاب المجهري يمكن أخذ كائنات حية مجهرية للزرع من سطح المصلية، وفي نهاية الأمر يؤدي النخر في الجدار إلى الانثقاب وتلوّث الصفاق، وعادة ما يحدث الانثقاب في ذروة الزائدة، في مكان بعيد عن الحصاة الغائطية التي سدت الزائدة. يتلو حدوث الانثقاب، تحديد للتلوث الجرثومي الغائطي بمنطقة الحوض أو الحفرة الحرقفية اليمنى من قبل الثرب والعري المعوية المجاورة، أو ينتشر خلال جوف الصفاق المحيط بالبطن. والثرب قليل التطور عند الأطفال الصغار، وبالتالي لا يتم تحديد الانثقاب بشكل موضعي. ومن خطورة ذلك الانثقاب وتلوث البطن بأن غزو الأوردة الدموية المساريقية بالأمعاء بالجراثيم وصولاً إلى وريد الباب الكبدي مسببة (التهاب وريد الباب) الذي يقود عادة إلى حدوث خراج خطير في الكبد. كما أن حدوث الالتهابات داخل البطن من جراء الانثقاب وانتشاره في داخل البطن إلى الانسداد المعوي والعلوص الشللي (شلل الأمعاء) والذي يؤدي إلى انتفاخ البطن والوفاة إذا لم يتم علاجه سريعاً.