لا تغيب عن عين السائرين سيارات اختار أصحابها أن يكتبوا على زجاجها الخلفي الشهادتين بخط كبير يحجب الرؤية ولا يضيف شيئا إلى البر والتّقى. ولا بد أن أحدا قال لهم إن هذا لا ينبغي، وقال لهم آخرون إن لهم بذلك أجرا. وأولاً: لكون الشهادتين تبقيان خلف الجالسين طوال الرحلة، وحتما ليس في هذا أجر ثانياً: أنهما - أي الشهادتين - عرضة لمخلفات الطيور. ثالثاً: أن سلامة الركاب والسائق تتطلب النظرة الواضحة لما في الخلف، وتلك الكتابة تشوش المرأى. ونعلم أن هذا العمل هو تقدير لقداسة العبارة لكنهما - أي الشهادتين - مسموعتان خمس مرات في اليوم. ونرددهما في اليوم أكثر من رؤية السيارات سراً وعلناً. وربما أن هذا الوضع إحراج للمرور الذي قد لا يستطيع منع هذا الاجتهاد وبنفس الوقت لا يقرّه. نصيحتي أن يفكر السائق جيداً قبل خط العبارة ونحن مسلمون في بلد مسلم. وسبق أن كتب عن ذلك في الصحافة المحلية أكثر من مرة. في أكثر البلاد العربية يُعلق صاحب المركبة الشهادتين وبعض الأدعية داخل السيارة وأمام السائق والركاب، في لوحة صغيرة أنيقة تستحق ترديد الشهادتين ولا تمثل الخطر الذي تعترف به كل أعراف القيادة. ومن غير المعقول أن نجد أحدا يحبّذ أو يجيز تعريض أرواح من في السيارة للمغامرة؟ وكانوا في السابق يتعمدون كتابة نصائح أو مديحا لسياراتهم، ولكن ذاك كان يجري على سيارات كبيرة. لا يرى سائقها من خلفه بأي حال، والذي يسير خلفه يستمتع بكلمات وشعر مدح مثل "سيري وعين الله ترعاك" أو "ومن لم يمت بالسيف مات بغيره!" كان الأوائل لديهم صواب. فجملة "سيري وعين الله ترعاك" المكتوبة على فتحة الحمولة في سيارات نقل البضائع القديمة لم يعترض عليها أحد.