سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التنمّر في المدارس ... الطلبة الأقوياء يسيطرون على زملائهم الضعفاء ! نسبة عالية من المراهقين والمراهقات يعانون من اضطرابات نفسية والبعض قد يفضل الموت على الدراسة
روى لي شخص بأنه في الأسبوع الثاني من الدراسة ، رأى طالبين بالقرب من المدرسة ، و احد الطالبين يضرب الآخر بدون رفق ، وكان الطالبان من مدرسةٍ متوسطة . تأثر هذا الشخص للمنظر ، واقترب من الطالبين ووقف يسأل الطالب الذي كان يضرب زميله ، وقد كان الطالب الضارب أكبر جسماً من زميله. وعندما طرح السؤال على الطالب الذي يضرب زميله ، عن سبب ضربه له ، إجاب ، بأن الطالب المضروب لم يعطه ريالين طلبهما منه ، ولذلك فهو يضربه لأنه هو الأقوى بدنياً و أكبر حجماً ، فأستغل بذلك قوته ليضرب الطالب الضعيف حتى يُعطيه في المرة القادمة كل ما يطلب منه!. هذه الحادثة البسيطة ، تُبيّن لنا بعض المشاكل التي يُعاني منها الطلبة والطالبات في المدارس ، خاصةً في المرحلة المتوسطة والثانوية. إن مشاكل الطلبة في اعتداء بعض منهم على الآخرين ، خاصةً الطلبة الذين لديهم بعض المشاعر العدائية تجاه الآخرين ويستغلون في إعتدائهم قوتهم البدنية ، ويختارون طلبة أقل منهم قوةً بدنية و أصغر حجماً وربما الطلبة الذين يكون لديهم بعض المشاكل ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. مشكلة التنمّر ( كما يطلق عليها في اللغة الانجليزية ) بمعنى أن يسلك الطالب الشرس سلوك النمر بالاعتداء على الآخرين. وهذه مشكلة تلقى اهتماماً كبيراً بين المهتمين بالتعليم في جميع أنحاء العالم ، حيث إن هذه المشكلة تجعل عدداً ليس قليلاً من الطلبة يتعثرون في دراستهم والبعض قد يترك الدراسة. في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، تلقى هذه المشكلة اهتماماً كبيراً و يتم التعامل مع المشكلة بجدية حقيقية ، نظراً لتفشي هذه المشكلة في المدارس الثانوية وحتى في المدارس الابتدائية. المسؤولون عن التعليم في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، أهتموا بهذه المشكلة نظراً للحوادث الكثيرة التي حدثت و أثرّت على سير العملية التعليمية لعددٍ لا يُستهان به من الطلبة في المراحل الثانوية و أحياناً الابتدائية. لقد أنتحر عدد غير قليل من الطلبة والطالبات ، وكذلك قام عدد من الطلبة بعمليات قتل جماعية في المراحل الثانوية ، حيث قام بعض الطلبة بقتل عشوائي للطلبة والمدرسين ، ذهب ضحيته أبرياء كل ذنبهم أنهم كانوا متواجدين في المدرسة أثناء تنفيس أحد الطلبة المضطربين نفسياً بقتلٍ عشوائي لمن كان موجوداً في ذلك المكان دون أي اختيار لمن يُطلق عليهم الرصاص!. بحاجة الى متابعة من قبل الوالدين والمدرسة الطلبة في المرحلة المتوسطة والثانوية يمرون بفترة عُمرية عصيبة ، حيث لم تتشكل شخصية الطالب بعد ، وفي هذه المرحلة يُعاني بعض الطلبة الضعفاء من أنهم يُصبحون كبش فداء لبعض زملائهم الأقوى ، وبذلك تتأثر الحياة التعليمية لعددٍ من الطلاّب و ربما ترك البعض من هؤلاء الطلاب المدرسة ، وقد مرّ عليّ خلال عملي بعض الطلبة والطالبات الذين تركوا الدراسة نتيجةً لبعض التنّمر الذي يُمارس عليهم من قِبل بعض من زملائهم. إن مرحلة المراهقة مرحلة خطيرة في حياة الشاب والفتاة ، فالدراسات النفسية تُشير إلى أن نسبة عالية من المراهقين والمراهقات يعانون من اضطراب الاكتئاب ، وتصل نسبة الاصابة بالاكتئاب إلى 13% منهم ، وهذه نسبة عالية بكل المقاييس. و الاكتئاب في هذه المرحلة العمرية لا يأتي باضطرابات مزاج مثلاً ؛ كأن يقول الشخص المكتئب الكبير : أنا أشعر بانخفاض مزاجي وأفقد اهتمامي بكل ما في الحياة. المراهق تأتي صورة الاكتئاب عنده باضطرابات سلوكية ، مثل العدائية والعصبية و اختلاق المشاكل مع زملائه في المدرسة وربما اللجوء إلى التدخين و أحياناً إلى اللجوء لتعاطي المخدرات ، خاصةً في الدول الغربية ، وإن كان الآن بدأت هذه المشاكل تغزو مناطقنا العربية ، و ربما نكون نحن في المملكة العربية السعودية مستهدفون من قِبل مهربي المخدرات ، خاصةً فئة الشباب و المراهقين الذين هناك من يوهمهم بأن حبوب مثل حبوب الكبتاجون ( الايمفيتامين ) تُساعد الطلبة على المذاكرة والسهر ، والحقيقة أن هذه الحبوب خطيرة جداً ، وتقود أحياناً إلى ترسيب أمراض عقلية خطيرة. و من هنا نرى أن الكميات الكبيرة والتي بلغت بالملايين من هذه الحبوب الخطيرة تم القاء القبض على من يحاول تهريبها. إن لجوء المراهقين من الطلبة في أوقات الامتحانات مثلاً إلى استخدام حبوب الكبتاجون بتشجيع من بعض المروجين الذين هدفهم الربح والكسب المادي وتدمير عقول طلابنا. إن الكميات التي تم القاء القبض عليها من قِبل رجال الجمارك وكذلك التي يتم القبض عليها داخل الوطن من قِبل الأجهزة الأمنية ،خاصةً إدارة مكافحة المخدرات ، يبّين أنه ربما نجح بعض المهربين من إدخال هذه السموم للوطن. إن استخدام المنُشطّات ، وخاصةً حبوب الكبتاجون تدمير لعقول الطلبة المراهقين و دخولهم إلى دوامة خطيرة من الاضطرابات النفسية والعقلية. كل ماذكرناه سابقاً يُلقي المسؤولية على المهتمين بالعملية التعليمية في بلادنا ، وكذلك أهمية وجود تفهّم من قِبل المدرسين و مدراء المدارس وكذلك ضرورة وجود توعية من قِبل المختصين ووجود أخصائيين نفسيين واجتماعيين في المدارس للمساعدة على حل مشاكل الطلاب النفسية والاجتماعية كما أيضاً الدراسية. قبل أيام أنتحر طالب في الصف الأول الاعدادي ( المتوسط) يبلغ من العمر 12 عاماً في مدينة الاسكندرية وذلك نظراً لعدم رغبته في الذهاب للمدرسة ، و قد أصرّ عليه الأهل بالذهاب للمدرسة ، فما كان من الطالب إلا أن علّق نفسه بحبل ، فمات مشنوقاً في أعلى المنزل الذي يسكن فيه!. هذا الحادث الآخر الذي نشرته الصحف المصرية يُلقي أيضاً ضوءً حول خطورة أن يكون المراهق يُعاني من مشاكل نفسية ولا يشعر به أحد ممن يُحيطون به ؛ سواءً من أهله أو من المدرسين أو حتى زملائه. إن خطورة أن ينتحر طفل في الثانية عشرة من العمر بسبب عدم رغبته في الذهاب للمدرسة أمر يقرع الأجراس حول ماهي المشاكل التي تجعل مثل هذا الطفل يفّضل الموت على الذهاب إلى المدرسة!. يجب دراسة الأسباب التي قادت الطفل للانتحار حتى لا يذهب إلى المدرسة. ربما يكون هناك مشكلة للطالب مع بعضٍ من زملائه أو ربما يكون لديه بعض المشاكل مع مدرسيه. أمرٌ آخر في غاية الأهمية وهو أن يكون هذا الفتى يُعاني من اضطراب الاكتئاب ، وكثيراً لا ينتبه أحد لمعاناة الأطفال من اضطراب الاكتئاب ، والذي قد يقود إلى الانتحار إذا لم يتم علاجه ، وقد حذرّت دراسات امريكية ويابانية عن قلقها من تزايد الانتحار بين الاطفال والمراهقين بصورةٍ ملحوظة. إننا لا نُريد أن يصل الأمر إلى أن يصل طلابنا المراهقون إلى مشاكل حقيقية مثل ترك الدراسة بسبب مشاكل نفسية أو اجتماعية أو دراسية ، ولا نُريد أن يُعاني طالب واحد من تعاطي الحبوب المنشطة (الكبتاجون) ، ويدخل في دوامة المشاكل النفسية والعقلية ، حيث إنها تقود إلى اضطرابات عقلية ونفسية خطيرة ، وقد تُرسّب أمراضاً عقلية مؤلمة كمرض الفُصام أو غيره من الاضطرابات النفسية الخطيرة والتي تدّمر حياة الطلاب المراهقين. والأكثر صعوبةً هو أننا لا نُريد أن نخسر طالباً واحداً من طلابنا بالانتحار - لا قدّر الله - لكرهه للدراسة وعدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة ، كما حدث مع طالب الصف الأول متوسط و الذي يبلغ من العمر أثني عشر عاماً في مدينة الاسكندرية بجمهورية مصر العربية. إن بعض الطلبة والطالبات في المراحل المتوسطة والثانوية يعُانون أزماتٍ نفسية وشخصية خلال دراستهم ولا يستطيعون أن يقولوا أو يعّبروا عن هذه الأزمات لأهلهم أو مدرسيهم أو الاخصائيين النفسيين أو الاجتماعيين في المدرسة خشية انتقام الطلبة أو الطالبات الذين هم سبب في خلق هذه الأزمة للطالب أو الطالبة ، ويُعانون في صمتٍ يؤثر على تحصيلهم العلمي ، وربما يؤثر على صحتهم النفسية بصورةٍ سلبية ، حيث قد يُصاب الطالب أو الطالبة الذين هم في موضع الضعف والاستغلال من قِبل طلبة أو طالبات آخرين من اضطرابات نفسية أو عقلية ؛ حيث قد يُعاني الطالب أو الطالبة من اضطراب ما بعد الحوادث المؤلمة ، والتي تحتاج لتدخّل علاجي من قِبل مختصين لعلاج مثل هذه الاضطرابات المؤلمة لمن يُعانون منها وكذلك قد تؤثر على التحصيل العلمي للطالب أو الطالبة أو كذلك قد تقود الطالب أو الطالبة للمعاناة من اضطراب الاكتئاب الذي قد يقود الطالب إلى رفض الذهاب إلى المدرسة و كذلك يكون الشخص الذي يُعاني من هذا الاكتئاب لم ينتبه له أحد من الأهل أو الأقارب أو المدرسين ، ويظل يعُاني دون أي مساعدة و يتعثر في دراسته وقد يرسب في اجتياز الامتحانات ويتدهور مستواه الدراسي ولكن لا أحد يرى السبب الحقيقي وراء ما يحدث له. إن الكثير من الطلبة والطالبات يعانون في صمتٍ مؤلم ولا أحد يقدم لهم أي مساعدة لتجاوز المراحل الصعبة خلال حياتهم الدراسية ، ويُراقبهم، الجميع مُستغرباً من التغيّر الذي يحدث لإنجازاتهم الدراسية و إخفاقهم في اجتياز الامتحانات المطلوبة منهم ، ولكن لا أحد يُريد أن يعلم حقيقة الأمر ، لأنه ببساطة ليس هناك من يهتم كثيراً بحالة التنّمر واعتداء بعض الطلبة الأقوياء على زملائهم الضعفاء وعدم وجود نظام ينُظّم عملية العلاقة بين الطلاّب بعضه البعض ، وكذلك الجهل بالاضطرابات النفسية للطلبة في مرحلة الدراسة المتوسطة والثانوية وبذلك لاينتبه أحد لهذه الاضطرابات و بالتالي يتم علاجها.