ما أن بدأت الأسر السورية تجد لها مقراً مؤقتاً للخلاص في دول تقاسمها هم المصاب، إلا ووجدت نفسها أمام شكل آخر من الحياة لا أعرف صراحة بماذا يمكن وصفه، هل هو نصرة ومساعدة وضرورة، أم هو استغلال للمعناة وجرح للكرامة ؟ اصطف الكثيرون من الرجال، وأمامهم كثير، وخلفهم كثير، ليشاركوا في نصرة الإشقاء في سورية، نصرة على طريقة ما يفعله الشبيحة بالحرام نحن نطلبه بالحلال، يتقدم الواحد منهم بعد الواحد ليختار له عروسا خضبت كفوفها بدم الشهداء، وتعطرت من تراب بلدها، كل ما في هذه العروس يحكي عن حب وطن ومأساة وطن وفقد شقيق واغتصاب شقيقة، سمعت عن روح من الحزن هي كذلك .. كانت تتمنى أن ترى رجلا لا يطمع في وسادة رأسها بل رجلًا احتضن همها وقدم ما يستطيع بدون أن تراه أو حتى تعرفه، رجلاً لا يرى فيها إلا مأساة أم الشهيد أو زوجته أو ابنته .. لا يعرف شهوة الانتصار على الضعف، ولكنه يعرف الانتصار على الشهوة . مع وافر الاحترام والتقدير للذين يرون في الزواج من اللاجئات السوريات أمرا محمودا يحقق لهن الستر والعفاف.. نقول إن بنات درعا وحمص وحماة وغيرهن من المدن لم تعبر مراهقتهن بهن الحدود ونوازع الجسد الشيطانية، بل الذي عبر بهن الحدود شيء تعدى كل حسابات الجسد الممتع واغاني الإغواء الرخيصة، عبرن للشرف وتركن ما عداه .. ونقول لمانحي الستر والعفاف هناك أيضا رجال لاجئون قدموا لهم بناتكم وشقيقاتكم بالحلال حتى تكتمل دائرة الستر والعفاف. انتفاضة الشعب السوري انتفاضة كرامة على الذل والمهانة، انتفاضة اقتربت من نهاية عامها الثاني والشعب السوري مازال صامدا ويقاوم شياطين الأسد على كل شبر من سورية، تسلح بإرادته بعد أن خذله العالم ووضع يديه خلف ظهره، ولبس قناع المصالح.. نظام الأسد يقول إن دول العالم القوية متآمرة على سورية، وهذا كلام صحيح تماما نعم متآمرة على سورية حتى يطول عمر نظامه أو يبقى للأبد، تآمر على حرية المواطن السوري وكرامته، فاليوم المطلوب من العرب وهم يرون صورا متعددة من الكرامة والتضحية والشجاعة تتجسد أمامهم، أن يكبتوا رغبات أجسادهم بسلاح النخوة بعد أن سمعوا صرخات أشقائهم في سورية تنادي أين العرب، تطلب منهم أن يكونوا لهم سندا في مأساتهم الدامية، وأن يكونوا رجال أزمات، وليس أزواج أزمات . فشعب ثار من أجل الكرامة فيجب أن لا تقدم له إلا الكرامة.