غضب علي عدد ممن قرأ مقالي عن تهرب الكثير من الناس من دفع كامل الزكاة المستحقة سنويا، بحجج ومبررات مختلفة، سواء على الاراضي، أو تلك التي تستحصلها مصلحة الزكاة والدخل وفقا لتعريفها لعروض التجارة، بينما كان غالبية قراء المقال يؤكدون في تعليقاتهم على أنه لو دفع «كل» الأغنياء في السعودية زكاتهم كاملة لما وجد لدينا فقير واحد. «المبرر» الذي تكرر لدى المعترضين بصياغات مختلفة يتمحور حول عدم القناعة بدفع الزكاة لمصلحة الزكاة والدخل مع وجود عدة مآخذ على أنظمتها وآلياتها، حيث يفضل عدد من رجال الاعمال القيام بدفع الزكاة بأنفسهم لمن يتأكدون أنه يستحق الزكاة. لن ادافع مجددا عن وجهة نظري، مكتفيا بالتذكير بأن قيام بعض الشركات والمؤسسات بإعداد ميزانيتين، احداهما بأرقام غير صحيحة تقدم لمصلحة الزكاة والدخل، يدخل ضمن جرائم التزوير التي يستحق عليها العقوبة كل من شارك في القيام بها بما في ذلك مكاتب المحاسبة. ولكن هنا أشير إلى أن هذا الجدل يؤكد أهمية وجود أنظمة وإجراءات أكثر تطورا لجباية الزكاة، حيث صدر نظام الزكاة قبل ستين سنة، وحين يكون هناك قناعة بالنظام، وبإجراءات مصلحة الزكاة والدخل، يجب تطبيق آليات فعالة للمراقبة، ومحاسبة كل مخالف لهذه الانظمة، والإعلان عن ذلك لردع الاخرين. علما أنه قد بلغت حصيلة الزكاة على عروض التجارة خلال عام 2011 م نحو 10 مليارات ريال تمثل وعاء زكوياً قدره 400 مليار ريال تقريبا لنحو نصف مليون شركة ومؤسسة مسجلة في المصلحة، ومعظم هذا المبلغ يأتي من عدد محدود من الشركات الكبيرة. ومن وجهة نظري أن من جوانب التطوير المهمة في أنظمة جباية الزكاة الجانبين التاليين: الاولى: السماح للمكلف بدفع الزكاة أو جزء منها بنفسه، وهذا أمر معمول به جزئيا وفقا لتصريحات مسؤولي المصلحة، إلا أن المطلوب هو توضيح ذلك بشفافية للمكلفين وبحيث تتم العملية وفقا لإجراءات مرنة، وعند توثيق ذلك يتم خصم هذا المبلغ من المبالغ الواجب دفعها للمصلحة. الثانية: ضرورة دخول الاراضي إذا كانت من عروض التجارة ضمن المبالغ التي يتم جباية زكاتها عليها سنويا وفقا للضوابط الشرعية. ختاما فإنه منذ أكثر من عشر سنوات وكانت هناك «دراسات» لتطوير أنظمة جباية الزكاة، وقبل أكثر من خمس سنوات تم البدء في إعداد نظام جديد، وطوال هذه الفترة ونحن نسمع أن النظام سوف يصدر «قريبا».. هذه الكلمة التي يجب أن تلغى من قاموس العمل الإداري لدينا، بحيث يحل مكانها استخدام «التقويم» الهجري أوالميلادي، فيتم تحديد موعد معين للانتهاء من كل نظام أو مشروع، لا أن تترك الأمور عائمة.. في أجواء غائمة!