طبيعة الانسان الخطأ، ويتميز العقلاء بالعودة للصواب ولكن يرتقي الانسان ويتميز نبله بقدرته على الاعتذار لمن اخطأ بحقة وان كان اصغر منه عمرا او مكانة.. والاعتذار يمثل مظهرا حضاريا وهو انعكاس لمستوى النضج والثقة في النفس. ورغم سمات الشجاعة التي يتصف بها مجتمعنا ورغم ثقافتنا الاسلامية التي تؤكد على التوبة الا ان اغلبنا تغيب عن ممارساته الاجتماعية ومضامين علاقاته الاجتماعية ثقافة الاعتذار حيث يعتبرها البعض شكلا من اشكال الضعف رغم ان الاعتذار لا يقوم به الا من يملك مستوى عاليا من الشجاعة الادبية.. لنا ان نتخيل مستوى الاحترام بين المعلم والتلميذ فيما لو اعتذر المعلم لتلاميذه عن خطأ غير مقصود وارتقى بعلاقته معهم الى حيث تكون الثقة مسار التواصل.. ماذا لو اعتذر الاستاذ الجامعي لطلبته في موقف او آخر.. رائع لو استطاع الاب او الام ان يدرك ان اعتذاره لابنائه لا يهز مكانته بل يعمق جذور الحب والاحترام.. ماذا لو اعتذر امام المسجد لطفل او مراهق..؟ ثقافة الاعتذار ممارسة نحتاج كثيرا لان تكون جزءا من تكوين علاقاتنا الاجتماعية بحيث نمارس الاعتذار بكل اريحية ودون تردد او شعور بالخجل او اعتباره ممارسة ضعف. في المناسبات السعيدة نتذكر الاحبة ونتذكر الكثير من المواقف التي ربما اخطأنا فيها بحق عزيز او قريب وربما باعدت بيننا الى حد الانقطاع فيما كان اعتذار صادق وفي وقت مناسب كافيا لاصلاح العلاقة وعودة اواصر الود والحب لعلاقة انسانية. أتمنى من مدارسنا ان تعلم ابناءنا وبناتنا ثقافة الاعتذار عبر ممارسات القدوة، انها ثقافة مهمة قد لا يغرسها البيت وهو مقصر فيها، فالمدرسة مؤسسة تنشئة اجتماعية تعالج نواقص الاسرة خاصة في ثقافات ربما تغيب عن الاسرة السعودية مثل ثقافة الاعتذار وثقافة احترام الرأي الآخر.. مع ملاحظة ان اسرنا تنعم ولله الحمد برصيد كبير من القيم الجميلة والاصيلة ولكن ايضا نحتاج ان نغرس قيما اخرى تضيف لنا كمجموعة وكأفراد الكثير من الجمال.. والاجمل لو ارتقت ثقافة الاعتذار لمستوى أسمى بحيث لا نقع في الخطأ وخاصة تلك الممارسات غير الحضارية فلسنا مضطرين للاعتذار لعامل النظافة لو لم نلقِ ورقة او منديلا في الطريق، ولن نكون مضطرين للاعتذار لرجل المرور لو لم نقطع اشارة المرور.. ولكن سيكون جميلا لو اعتذرنا لهم على خطأ ولم نعد له. نحتاج كثيرا لنشر ثقافة الاعتذار فهي مستوى من مستويات الشجاعة الادبية وهي سلوك النبلاء وتمثل حصانة قوية للابتعاد عن الخطأ واللا مبالاة بمشاعر الآخرين. اعتذر لطفلك او ابنك او ابنتك او الخادمة او السائق، لا تكتفِ بالاعتذار لرئيسك او لمن يفوقك قوة.. نحن في حاجة لثقافة الاعتذار وفق اخترام الآخر وليس الخوف من الآخر.