قرر «أحمد» السفر إلى دولة خليجية مجاورة لقضاء أيام عيد الفطر المبارك مع أسرته، حيث يعيش في المنطقة الشرقية وعائلته في المنطقة الجنوبية، وبسبب عدم توفر حجوزات الطيران، قرر توفير المصروفات من تذاكر الطيران الداخلية ومصروفات العيد من ملابس وهدايا وحلوى من أجل المغادرة والسفر إلى الخارج.. «أحمد» أحد الكثيرين الذين يمثلون «الدفعة الثانية» من الراغبين في قضاء فترة الإجازة خارج المملكة، وذلك بعد أن عادت الدفعة الأولى التي سبق لها المغادرة قبل شهر رمضان المبارك. ويمثّل العيد فرصة للأسر في البحث عن أماكن جديدة لقضاء الإجازة فيها، رغم ارتفاع تذاكر السفر وأماكن الإقامة ووسائل الترفيه، حيث تسعى غالبية الأسر إلى توفير مبالغ هذه المتطلبات من خلال تقنين المصروفات غير الضرورية من أجل توفير المال لقضاء إجازتهم في الخارج، ويعلل الكثيرون سبب سفرهم ب»الملل» الذي يتسم به العيد في الداخل، خصوصاً أنّه ليوم واحد فقط، وبقية الأيام يعود الحال كما كان، إضافةً إلى عدم وجود فعاليات تتناسب مع حجم المناسبة، معتبرين أنّ سفرهم حلاً حقيقياً ليبحثوا عن فرص الراحة والاستجمام. وشهدت الفترة الماضية نشاطاً متزايداً لمكاتب السياحة والسفر، خصوصاً التي تعد برامج متكاملة للأسر، حيث تقدم العروض الشاملة لحجوزات الطيران، ووسائل النقل في الدول المراد السفر إليها، والجدول اليومي الذي يحوي على زيارة المدن الترفيهية والمطاعم والمتاحف والمعارض والمواقع الأثرية والحضارية في تلك الدول. تشكيل العروض وأشار «نادر الفضل» -موظف بمكتب سفر وسياحة- إلى أنّ دول شرق آسيا تشكّل في الوقت الحالي الخيار الأول للغالبية من الراغبين في السفر لأجل قضاء وقت الإجازة والعيد خارج المملكة؛ نظراً للمقومات التي تجعلها خياراً أساسياً لديهم، ولذلك تتسابق مكاتب السفر والسياحة إلى تشكيل العروض الخاصة بالسفر والإقامة هناك، مبيناً أنّ هذه العروض تمر بتقلبات في الأسعار، مشيراً إلى أنّ العامل الأساسي المؤثر في ذلك هو الوقت، حيث أنّ هناك مواسم ترتفع فيها أسعار العروض، بسبب الإقبال الكبير عليها. الأوضاع الأمنية وأفاد «مرتضى أحمد» -موظف بمكتب سفر وسياحة- أنّ فترات الأعياد هي من أوقات الذروة، حيث يرتفع الإقبال على السفر لخارج المملكة من قبل الراغبين بقضاء أوقات الإجازة في الراحة والاستجمام، مبيناً أنّ مكاتب السفر والسياحة تتجهز لهذه الفترة بإعداد عروض خاصة برحلات السفر تشمل الحجوزات وتكاليف الإقامة، موضحاً أنّ العديد من المسافرين أحجموا عن سفرهم إلى بعض الدول العربية بسبب أوضاعها الأمنية غير المستقرة، فاختار البعض التوجه للدول الأوربية وشرق آسيا، فيما اختار آخرون الدول الخليجية بديلاً يقصدونه لقضاء إجازتهم. دوافع السفر للخارج واعتبر «مساعد المالكي» -معلم- أنّ من أهم الأسباب التي تجعل الأسر تختار السياحة الخارجية بدل الداخلية هو تكرار الفعاليات كل سنة، دون وجود تجديد في كافة الفعاليات والمهرجانات السنوية في مدن المملكة، حيث إنّ هناك الكثير من الأسر تبحث عن الجديد في الإجازة، من خلال عروض مكاتب السياحة والسفر، ولهذا يقصدون دول الخليج وشرق آسيا ولا يتوجهون إلى مدن المملكة، مبيناً أنّ التغيير في محتويات العروض الخاصة بأيام العيد يجذب الأسر، ويساهم في رفع مستوى السياحة الداخلية، كما ستزيد من تنشيط الحركة الاقتصادية، مطالباً بالتركيز على أماكن التسلية والترفيه، والأنشطة التعريفية بالمملكة، مشدداً على تقديم الحوافز للمستثمرين في هذه المجالات؛ مما يساعد في تطويرها والعمل على جذب السياح أو على الأقل المحافظة على الأموال التي يأخذها المواطنون لصرفها في الخارج. المواقع السياحية وذكر «سعد الدوسري» -رب أسرة- أنّ إقبال الأسر على السياحة الخارجية يعود لعدّة أسباب من أهمها ضعف الفعاليات الموجودة محلياً، وعدم مواكبتها لتطلعات الكثير، كما أنّ التركيز على المواقع السياحية محلياً يتسم بالضعف وعدم تسليط الضوء عليه، مبيناً أنّه رغم من احتواء المملكة على الكثير من الأماكن الصيفية والشتوية، إلاّ أنّ ضعف معرفة البعض بها جعلهم لا يفكرون باختيارها لتمضية إجازاتهم، إلى جانب تميز المملكة بالسياحة الدينية، والتي تتميز بوجود الكثير من الآثار القديمة وتستحق الزيارة والاطلاع عليها، موضحاً أنّ هذا المواقع المتميزة تحتاج إلى العديد من الاستثمارات من أجل تطويرها والنهوض بها، وجعلها مقصداً سياحياً حقيقياً للسياح من مختلف مناطق المملكة وحتى من الخارج. الاستثمار السياحي ورأى «داود العصيمي» -رجل أعمال وعضو اللجنة السياحية بغرفة الشرقية- أنّ استنساخ الأفكار الخارجية الإيجابية لدينا محلياً يساهم كثيراً في توطين السياحة والحفاظ عليها، موضحاً أن هنالك الكثير من المعوقات والعقبات التي تقف أمام المستثمرين وتحدّ من نشاطهم في المجال المهم والحيوي، تمثلت في تأخر منح التراخيص اللازمة والتأشيرات من قبل الجهات ذات العلاقة، وعدم تسهيل إجراءات الاستثمارات السياحية، مبيناً أنّ تجاوز تلك العقبات من شأنه جذب الاستثمارات إلى القطاع، والحد من السياحة الخارجية، حيث إنّها تستنزف الكثير من رؤوس الأموال، إذ يبلغ ما يصرف على السياحة بالخارج سنوياً (70) مليار ريال وهذا الرقم كبير جداً، كما أنّ تنشيط السياحة المحلية يساهم في دعم حركة الاقتصاد الوطني، والحفاظ على رؤوس الأموال من الهجرة إلى خارج المملكة.