يتباطأ النمو الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الحالي ليصل إلى 3,7% مقارنة بنمو قدره 5,1% في العام 2011، وفقا لتوقعات HSBC لإدارة الأصول العالمية التي أكدت قدرة البلدان المصدرة للنفط في المنطقة على تحمل أي هبوط محتمل في الأسعار عالمياً. وأكد تقرير التوقعات الاستثمارية ربع السنوية للسوق العالمية الصادر قدرة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على تحمل تراجع أسعار النفط إلى مستوى 80 دولاراً للبرميل مع الأخذ بالاعتبار الفائض الذي تم تحقيقه في الميزانية على مدى السنوات العشر الماضية. وقالت HSBC لإدارة الأصول العالمية إنه مع بقاء الاقتصاد العالمي ظاهرياً في حالة دائمة من التقلب، ومع بدء تراجع إجراءات التقشف المالية، فإن هناك الكثير من الدلائل المحتملة بالنسبة للمستثمرين على صعيدي الفرص والمخاطر على حد سواء. الأصول العالمية وسلطت HSBC لإدارة الأصول العالمية في تقريرها حول التوقعات الاستثمارية ربع السنوية للسوق العالمية الأخيرة الضوء على تجربة اليابان خلال فترة التسعينات من القرن العشرين كنقطة مرجعية عند تحليل الحالة الراهنة التي يمر فيها العالم المتقدم، والتي يبدو بأنه اكتسب فيها مزايا وسمات التجربة اليابانية، ومن ضمنها مخاطر الركود وهي مزيج بين النمو المنخفض وضغوطات الانكماش المالي. وقال فيليب بول، الرئيس الإقليمي لاستراتيجية الاقتصاد الكلي والاستثمار في HSBC لإدارة الأصول العالمية “عندما يسيطر الانكماش المالي فإنه يصبح من الصعب كبحه ومقاومته، كذلك فإن التجربة اليابانية توحي أيضاً بأن كل شيء يحدث ببطء كالتخلص من الديون الثقيلة الناجمة عن التمويل عن طريق الدائنين يستغرق في العادة وقتاً طويلاً". ويوضح بول أن أحد أقوى الدروس المستفادة من التجربة اليابانية هي ضرورة إصلاح المشاكل في النظام المالي للتعافي من مخاطر الديون بشكل سريع. ويضيف “هذا الأمر صحيح اليوم بالنسبة لمنطقة اليورو كما كانت عليه الحال بالنسبة لليابان، فأوروبا بحاجة إلى تصحيح أوضاع البنوك التي يكون صافي أصولها أقل من الصفر أو ما يدعى ب “بنوك الزومبي" وذلك على وجه السرعة، ومن ثم هناك المشاكل التي تتسبب فيها النسبة الهرمة من الكثافة السكانية". الإصلاحات الهيكلية وإضافة إلى ذلك، فإن الرسالة المستخلصة من التجربة اليابانية لأوروبا وللولايات المتحدة تشير إلى أن الإصلاحات الهيكلية بحاجة إلى سن قوانين مبكرة وفعالة للحد من المؤشرات السلبية للشيخوخة السكانية المترتبة على النمو والأداء المالي. كما يبين التقرير أيضاً أن البنوك والمصارف المركزية في الأسواق المتقدمة تبقي على تسهيلات كمية مفرطة للغاية ومن المرجح أن تتجه إلى المزيد من التخفيف في سياستها المالية في حال اقتضت الحاجة إلى ذلك. ورغم المخاوف التي تدور حول أوروبا، فإن هناك عدداً من العوامل الإيجابية التي ينبغي على المستثمرين أخذها بعين الاعتبار. فالأسواق الناشئة لا يزال لديها قدرة كبيرة على مجاراة قدرة المستهلكين على الإنفاق ومعايير المعيشة مقارنة بالأسواق المتقدمة. دخل المستهلكين تراجع أسعار النفط قد عزز من الدخل الحقيقي للمستهلكين إضافة إلى بقاء الميزانيات العمومية لدى الشركات بحالة جيدة. ووجود مثل هذه البيئة قد يجعل من الصعب على الأساسيات الأكثر إيجابية في منطقة ما أو فئة معينة من الأصول لتمييز ذاتها على المدى الطويل. ولكن على النحو الذي بينته التوقعات الاستثمارية ربع السنوية، فإنه من المهم مواصلة التركيز على الضوابط الاستثمارية مع أخذ هذه الأساسيات بعين الاعتبار لأنها ستقوم بإعادة تجديد ذاتها في يوم ما. من جانبه، قال دان رود، الرئيس الإقليمي ل HSBC لإدارة الأصول العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا “عند ذكر أسعار النفط، فإنه لا يمكننا تجاهل التأثير الاقتصادي على منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، فالهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية لا يشكل خطراً كبيراً باعتبار أنه بإمكان المنطقة تحمل تحديد أسعار النفط ب 80 دولاراً للبرميل". وأضاف: عند وصول السعر إلى حوالي 60 دولاراً، عندئذ قد نشهد بعض التدهور في النمو الاقتصادي، ولكن هذا السيناريو بعيد الاحتمال، وهناك مؤشر قوي على نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أساس سنوي. فقد كان إجمالي الناتج المحلي في عام 2011 عند حوالي 5,1% ورغم تنبؤ بعض المحللين في السوق بانخفاض طفيف في عام 2012 إلى 3,7% إلا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال بحالة إيجابية. وأضاف: من المتوقع حدوث انخفاض في إجمالي الناتج المحلي عند الأخذ بعين الاعتبار نظرتنا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل. دعم النفط وبين أنه في حال كان يتوجب علينا تحليل منطقة الخليج بعيداً عن شمال أفريقيا، فإنه ينبغي علينا رؤية سيناريوهين، كون منطقة شمال أفريقيا تتأثر بأزمة منطقة اليورو نظراً لتعرض صادرتها إلى أوروبا واستمرار دول مجلس التعاون الخليجي بتلقي الدعم بسبب أسعار النفط. كما ألقى تقرير التوقعات الاستثمارية ربع السنوية للسوق نظرةً على روسيا، وهي دولة ذات دخل متوسط تتسم بفترة عشر سنوات من النمو العالي وانخفاض حاد في السندات السيادية ومعدلات الإنفاق الأسري. وبينما يوضح التقرير بأن الاقتصاد الروسي وسوقها لا يزالان حساسين تجاه المخاطر الخارجية، فإن تقييمات الأسهم لا تزال قريبةً من أدنى مستوياتها مقارنة بمعادلاتها في الأسواق الناشئة. فالربحية في روسيا عند قياسها بعوائد أسهمها تبلغ 15٪ تقريباً، وهي أعلى بشكل طفيف مقارنةً بمتوسط الأسواق الناشئة العالمية عند حوالي 14٪. كما تطرق تقرير التوقعات الاستثمارية ربع السنوية أيضاً إلى توزع الأصول الدولية، باعتبار أن أحد أهم القرارات التي ينبغي على المستثمرين تبينها هي كيفية توزيع محافظهم الاستثمارية بين الدول.