استضاف مركز دبي المالي العالمي، بوابة المال والأعمال التي تربط بين أسواق المنطقة الناشئة وأسواق أوروبا وآسيا والقارتين الأمريكيتين، أمس ندوة بمناسبة إصدار صندوق النقد الدولي لتقريره الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، الذي حمل عنوان «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: التحولات التاريخية تحت الضغوط». ويأخذ التقرير بعين الاعتبار المخاطر التي تهدد استقرار الاقتصاد الكلي للدول العربية على المدى القريب التي زادت نتيجة عدة عوامل منها التحولات السياسية والمطالب الاجتماعية الملحة والبيئة الخارجية المعاكسة. وبالرغم من احتواء هذه المخاطر إلى حد ما خلال العام 2011م، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتسم العام 2012 بنفس القدر من الصعوبة نتيجة تعثر النمو وارتفاع معدلات البطالة واستمرار الضغوط المالية والخارجية. ووفقًا للتقرير الذي نقله موقع «أرقام»، استفادت الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان من ارتفاع أسعار النفط، وتمكنت بوجه عام من تخفيف أثر التباطؤ العالمي الناجم عن أزمة منطقة اليورو. وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان في عام 2011 إلى 4%، ولكنه متوقع أن يعود ليرتفع إلى 5% في العام 2012م. وفي العام 2011، ناهز فائض ميزان المعاملات الجارية للدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان مجتمعة ضعف ما كان عليه قبل عام ليسجل 400 مليار دولار أمريكي تقريبًا. ومن المتوقع أن يدعم استمرار الإنفاق الحكومي، في ظل كثافة المطالب الاجتماعية وارتفاع أسعار النفط، القطاع غير النفطي الذي من المتوقع أن ينمو بمعدل 4.5% في العام 2012م. ووصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 8% في العام الماضي بدعم من ارتفاع إنتاجها للنفط للتعويض عن انخفاض المعروض النفطي. ومع عودة الاستقرار إلى الدول الأخرى المنتجة للنفط، ستستأنف دول مجلس التعاون الخليجي إنتاجها للنفط عند المستويات الطبيعية، وبالتالي من المتوقع أن يستقر نمو ناتجها المحلي الإجمالي عند 5.3% تقريبًا. وقال السيد مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد الدولي: «يستمر مصدرو النفط في منطقة الشرق الأوسط بالاستفادة من ارتفاع أسعاره، وبالتالي نتوقع أن يزداد نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان وأن يمتد على نطاق أوسع خلال هذا العام. ومع ذلك، فقد ازدادت نقاط الضعف المالية تجاه انخفاض أسعار النفط، حيث لا تزال التحديات الهيكلية قائمة بما فيها مواصلة تنويع الاقتصاديات والحاجة الماسة لخلق فرص تتماشى مع النمو المتزايد لشريحة السكان في سن العمل. وفي تعليق له، قال الدكتور ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي العالمي: «بالرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأخرى المصدرة للنفط لازلت تنتفع من الأسعار العالية للنفط إلا أن النمو الاقتصادي سيتأثر في ظل استمرار التحولات التي تشهدها مختلف أنحاء المنطقة، والبيئة العالمية الصعبة. ما من شك أن خلق فرص العمل يتصدر أولويات السياسات الاقتصادية والاجتماعية وهو ما يؤكد على أهمية وجود جدول أعمال شامل وقادر على دعم ودفع عجلة نمو القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات العائلية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما يسلّط الضوء على الحاجة إلى توظيف الأموال بشكل فعّال وتوجيه الموارد لتلبية الاحتياجات المتزايدة للبنية التحتية والاستثمار في المنطقة. المطلوب هو حل تمويل رسمي وتعاوني، وأعتقد أن الوقت مناسب لإنشاء بنك عربي متخصص بإعادة الإعمار والتنمية وقادر على توفير حلول لتلبية احتياجات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل فردي، وفي الوقت ذاته يمول مشاريع البينية التحتية الإقليمية التي من شأنها دعم التكامل الاقتصادي والمالي على نطاق إقليمي أكبر. وكان العام 2011 عامًا صعبًا بالنسبة لمستوردي النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، حيث أضعفت الاضطرابات الاجتماعية والتدهور في قطاعي السياحة والاستثمار فضلاً عن ارتفاع أسعار الطاقة وتباطؤ النمو العالمي، النشاط الاقتصادي، مما أدى إلى انخفاض نمو هذه الدول إلى 2.2%. ومن المرجح أن يشهد قطاعا الاستثمار الخاص والسياحة - الذي يُعدُّ مصدرًا مهمًا لفرص العمل وإيرادات التحويلات النقدية - تعافيًا بطيئًا هذا العام في ظل القلق المستمر من حالة عدم الاستقرار الاجتماعي وعدم اليقين بشأن السياسات. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمستوردي النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان بشكل طفيف إلى 2.7% في العام 2012م، فيما ستكمن مخاطر التطورات السلبية الرئيسة على المدى القريب في احتمال حدوث زيادة كبيرة في أسعار النفط، الأمر الذي سيؤثر على الناتج والأرصدة الخارجية لهذه البلدان. كما يسلّط تقرير صندوق النقد الدولي الضوء على إجمالي احتياجات التمويل الخارجي والمالي للدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي من المتوقع أن يبلغ نحو 90 مليار دولار أمريكي و100 مليار دولار أمريكي في عامي 2012 و2013 على التوالي، وبالتالي الحاجة إلى الحصول على التمويل الرسمي في الوقت المناسب. وأضاف مسعود: «سيكون العام 2012 عامًا صعبًا آخر بالنسبة لكثير من البلدان المستوردة للنفط في المنطقة، وبخاصة تلك التي تمر بمرحلة انتقالية. ومع تعثر النمو وارتفاع معدلات البطالة، تواجه العديد من البلدان تقلصًا في الحيز المتاح لخيارات السياسة، بعد أن فرطت في السحب من احتياطيات النقد الأجنبي والمالية العامة في العام 2011م. وهناك حاجة لبذل جهد مشترك ومستدام لدعم هذه البلدان في مسارها خلال هذه الفترة الصعبة وتحديد رؤية اقتصادية عادلة وشاملة.»