كشف تقرير صندوق النقد الدولي الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، بعنوان "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: التحوّلات التاريخية تحت الضغوط" أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي وصل إلى 8 بالمائة العام الماضي بدعم من ارتفاع إنتاجها للنفط للتعويض عن انخفاض المعروض النفطي. وأشار التقرير الى أنه مع عودة الاستقرار إلى الدول الأخرى المنتجة للنفط، ستستأنف دول مجلس التعاون الخليجي إنتاجها للنفط عند المستويات الطبيعية، وبالتالي من المتوقع أن يستقر نمو ناتجها المحلي الإجمالي عند 5.3 بالمائة تقريبًا في 2012. وكان مركز دبي المالي العالمي، بوابة المال والأعمال التي تربط بين أسواق المنطقة الناشئة وأسواق أوروبا وآسيا والقارتين الأمريكيتين، استضاف أمس ندوة بمناسبة إصدار التقرير الذي أخذ بعين الاعتبار المخاطر التي تهدّد استقرار الاقتصاد الكلي للدول العربية على المدى القريب والتي زادت نتيجة عدة عوامل منها التحوّلات السياسية والمطالب الاجتماعية الملحّة والبيئة الخارجية المعاكسة. ووفقًا للتقرير، استفادت الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان من ارتفاع أسعار النفط، وتمكّنت بوجهٍ عام من تخفيف أثر التباطؤ العالمي الناجم عن أزمة منطقة اليورو، وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان في عام 2011 إلى 4 بالمائة، ولكنه متوقع أن يعود ليرتفع إلى 5 بالمائة في العام 2012. وفي العام 2011، ناهز فائض ميزان المعاملات الجارية للدول المصدّرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان مجتمعة ضعف ما كان عليه قبل عام ليسجّل 400 مليار دولار أمريكي تقريبًا. ومن المتوقع أن يدعم استمرار الإنفاق الحكومي، في ظل كثافة المطالب الاجتماعية وارتفاع أسعار النفط، القطاع غير النفطي والذي من المتوقع أن ينمو بمعدل 4.5 بالمائة في العام 2012. وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد الدولي مسعود أحمد: "يستمر مصدّرو النفط في منطقة الشرق الأوسط بالاستفادة من ارتفاع أسعاره، وبالتالي نتوقع أن يزداد نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان وأن يمتد على نطاق أوسع خلال هذا العام. ومع ذلك، فقد ازدادت نقاط الضعف المالية تجاه انخفاض أسعار النفط، حيث لا تزال التحدّيات الهيكلية قائمة بما فيها مواصلة تنويع الاقتصادات والحاجة الماسة لخلق فرص تتماشى مع النمو المتزايد لشريحة السكان في سن العمل". وأضاف: "سيكون العام 2012 عامًا صعبًا آخر بالنسبة لكثير من البلدان المستوردة للنفط في المنطقة، وبخاصة تلك التي تمرُّ بمرحلة انتقالية. ومع تعثر النمو وارتفاع معدلات البطالة، تواجه العديد من البلدان تقلصًا في الحيّز المتاح لخيارات السياسة، بعد أن أفرطت في السحب من احتياطيات النقد الأجنبي والمالية العامة في العام 2011". من جهته، قال رئيس الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي العالمي الدكتور ناصر السعيدي: "بالرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأخرى المصدّرة للنفط ما زالت تنتفع من الأسعار العالية للنفط إلا أن النمو الاقتصادي سيتأثر في ظل استمرار التحوّلات التي تشهدها مختلف أنحاء المنطقة، والبيئة العالمية الصعبة. ما من شكٍ في أن خلق فرص العمل يتصدّر أولويات السياسات الاقتصادية والاجتماعية ما يؤكد على أهمية وجود جدول أعمال شامل وقادر على دعم ودفع عجلة نمو القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات العائلية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة". ومن المرجّح أن يشهد قطاعا الاستثمار الخاص والسياحة – الذي يُعدّ مصدرًا مهمًا لفرص العمل وإيرادات التحويلات النقدية - تعافياً بطيئًا هذا العام في ظل القلق المستمر من حالة عدم الاستقرار الاجتماعي وعدم اليقين بشأن السياسات. ويسلط تقرير صندوق النقد الدولي الضوء على إجمالي احتياجات التمويل الخارجي والمالي للدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي من المتوقع أن يبلغ نحو 90 مليار دولار أمريكي و100 مليار دولار أمريكي في عامي 2012 و2013 على التوالي.