أظهرت الأرقام الإحصائية الصادرة عن الجمارك الصينية مؤخرا أن حجم التبادلات التجارية بين الصين والبلدان العربية نما بزيادة 22.1% في النصف الأول من هذه السنة ليصل إلى 111.78 مليار دولار أمريكي، بالمقارنة مع 91.5 مليار دولار أمريكي في الفترة المماثلة من العام الماضي. واجتاحت الاضطرابات السياسية التي بدأت في نهاية عام 2010، عدة دول عربية في العام الماضي، وألقت بظلالها على العلاقات الاقتصادية والتجارية المزدهرة بين الصين والدول العربية، ولكن شهد حجم التجارة بين الجانبين نموا سريعا في عام 2011 ليبلغ 195.9 مليار دولار أمريكي بزيادة 34.7%. ومنذ بداية هذه السنة، عاد استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية في بعض الدول العربية، اذ شهدت التبادلات التجارية بين الصين ومصر وتونس نموا مطردا في النصف الأول بعد تراجعها في السنة الماضية، لا سيما قفز حجم التجارة بين الصين وليبيا بزيادة 130% في النصف الأول ليصل إلى 4.83 مليارات دولار أمريكي،ما تجاوز بكثير القيمة في العام الماضي.. وفقاً لوكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا). وقال لي شاو شيان، نائب رئيس معهد العلاقات الحديثة بالصين، إن الحكومات في تونس ومصر وليبيا وغيرها من دول الشرق الأوسط ستتعرض لصعوبات كبيرة في إنعاش الحياة الاجتماعية وتنمية الاقتصاد الوطني. واضاف : أعربت هذه الدول عن رغباتها الكبيرة في تعزيز التعاون مع الصين، وعلى وجه الخصوص، تأمل بأن توسع الشركات الصينية استثماراتها في هذه الدول وان تشارك في إعادة البناء الاجتماعي . وأعرب رئيس جمهورية مصر الجديد محمد مرسي بصورة متكررة عن أمله في تعميق العلاقات الودية والتعاونية مع الصين للاستفادة من التجارب الصينية الناجحة في النمو الاقتصادي والاجتماعي. كما يتطلع إلى المزيد من المساعدات الصينية في مجالات الاستثمار واستخراج النفظ والغاز واستخدام الطاقة الجديدة ومكافحة التصحر وتنشيط الزراعة وغيرها. وفي الوقت ذاته، انعقد المؤتمر الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الصيني -العربي في تونس بنجاح في نهاية شهر مايو الماضي، بعد أن تغلبت تونس على كثير من الصعوبات الداخلية. وقال رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي على هامش المنتدى إن تونس تتطلع إلى جذب المزيد من استثمارات الشركات الصينية وكما فتحت خطوط جوية مباشرة بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، عبرت ليبيا عن أملها في عودة الشركات الصينية إلى ليبيا بأسرع وقت ممكن للمشاركة في بناء البنية التحتية والمساكن والسكك الحديدية. وبلغ حجم التجارة بين الصين ودول الخليج في النصف الأول من هذه السنة، 77.72 مليار دولار أمريكي بزيادة 29.1%، ما شكل نحو 70 % من الإجمالي بين الصين والدول العربية، حيث وصل حجم التجارة بين الصين والسعودية إلى 38.12 مليار دولار أمريكي في النصف الأول، وأصبحت الصين أكبر الشركاء التجاريين للسعودية. وقال تشانغ يان شنغ، الأمين العام للجنة الأكاديمية التابعة للجنة الدولة للتنمية والاصلاح، إن الإمكانيات كبيرة للتعاون بين الصين ودول الخليج، نظرا لأن الصين ومنطقة الخليج تعدان من أهم المستهلكين والمنتجين للطاقة ومن أهم المصدرين والمستوردين للمنتجات الكهروميكانيكية في العالم، ويمكن إقامة آلية تعاون طويلة الامد بين الجانبين على أساس المنفعة المتبادلة. وأشار يانغ هونغ لين، السفير الصيني السابق لدى السعودية والبحرين والعراق، إلى أنه مع صعود نفوذ دول الخليج سياسيا واقتصاديا، يتعين على الصين تعزيز العلاقات مع دول الخليج وتعميق التعاون في مجال الطاقة والتكنولوجيا استنادا الى التجارب والمزايا التي تتمتع بها الصين لتنفيذ التعاون العملي في مختلف المجالات. من جهة أخرى، ما زالت التبادلات التجارية بين الصين والدول العربية تتأثر بالعوامل غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط، التي تتجسد في اضطرابات الأوضاع السورية والعلاقة المتوترة بين السودانين وغيرها، علما بأنه في النصف الأول، انخفض حجم التجارة بين الصين والسودان بتراجع 64.9 بالمائة على أساس سنوي، كما انخفض حجمه مع سوريا بنسبة 37.9 بالمائة. ويعتقد يانغ هونغ لين، قائلا إن منطقة الشرق الأوسط ما زالت تتمتع بأهمية بالغة في صعيد السياسة والاقتصاد وأمن الطاقة العالمي، كما تبرز تأثيراتها على منظومة السياسة العالمية تدريجيا، الأمر الذي يظهر في الاهمية الكبيرة التي توليها الدول الغربية بأوضاع المنطقة، فضلا عن الرغبة الشديدة للقوى الإقليمية في النفوذ السياسي. وستعقد الدورة الثالثة للمنتدى الاقتصادي والتجاري الصيني- العربي في الشهر المقبل في منطقة نينغشيا شمال غربي الصين، وقد لعبت هذه الآليات والمنصات دورا هاما في دفع تنمية التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين. وفي سياق الحديث عن مستقبل التعاون بين الجانبين، أشار تساو جيا تشانغ، مسؤول من وزارة التجارة الصينية، إلى أنه يجب على الصين تنفيذ المزيد من التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول العربية على أساس خصائص واحتياجات التنمية في البلدان العربية.