لم أتخيل أن المتعاملين في سوق الأسهم حالياً، هم أولئك الذين فقدوا أكثر من نصف رؤوس أموالهم في 25 فبراير 2006، ولم أتوقع أن يعودوا كما لو لم يكن هناك خسائر مالية ونفسية، ولم أصدق أنهم اقترضوا في الأشهر الماضية للمضاربة في سوق "مزعزع" ناره تتلظى، تلتهم عقولاً لا رأي لها، وأعيناً لا تبصر الحقيقة، ولكن ها هم يعودون مجدداً وكأن شيئاً لم يحدث. بدأ المؤشر في صعودٍ "بسيط" خلال شهر رمضان مع كثير من الدعم اللوجستي، من قِبل أُناس تدرك أن هناك أنفسا متعطشة للربح السريع، أثقل كاهلها الدَّين وارتفاع الأسعار، وهوامير العقار، فهم يعلمون أن هناك عقولاً ستتهاوى تباعاً، فشد المسيطرون على السوق ركابهم وحملوا عتادهم وغزوا المنتديات والجوالات والبريد الالكتروني وبثوا سموم توصياتهم عن شركات "متدحدرة"! لم يقف الأمر عند ذلك، بل حركوا أذرعتهم في التدليس والكذب ونفخ الأسهم، وهم المأجورون "المخللون" للسوق، كي يزيدوا البهارات، حتى يقطفوا رؤوساً خالية من العقل والتفكير السليم! ما يجري حالياً في سوق "مشتعلة" هي نتاج نافخي الزيف، بإطلاق شرارات التكهن مسبقاً بارتفاعات قريبة، قبل إقفال السوق في الشهر الكريم. أيُها المتعامل في عالم المال والاقتصاد والمقترض والمسلوب الإرادة والنضج: دع عنك أقاويلهم وتوصياتهم، فإن أغلب الشركات المساهمة، لا تساوي أسهمها مثقال ذرة، بل يتجاوز ذلك إلى أنها غارقة في الخسائر حتى أسفل السافلين، وقوائمها المالية تشهد على ذلك. فكيف تستثمر فيها؟! كن يقظاً فطناً متجرداً من نزاعات نفسك وهواها. وكن لبيباً عند الاستثمار والمضاربة، ولكل أداة منهما آلياتها البينة والمعروفة لذوي الألباب، ولا تجعلهم يصلون إليك كلما أرادوا، ويرمونك بعدما شبعوا! تذكر ما حدث في فبراير 2006، وتذكر حالتك النفسية والاجتماعية آنذاك، واعلم أن ما يقال في المنتديات ونحوها في أغلبه "مطبوخ" على نار هادئة! يقولون "كل فطير وطير".. هل تعلم من "الفطير" هو: أنت! وهم: يطيرون بمالك، فكن حذراً في التعامل، وحريصاً على انتقاء أسهمك بعناية فائقة، ولا تشترِ في شركات متصدرة قائمة الخسائر، حتى لو ربحت في يوم، فإنك ستدفع فاتورة جشعك في باقي الأيام!