شهدت المملكة في السنين الأخيرة تضخماً كبيراً في النهضة، تسارع تقني كان أو تعليمي، مما ازداد من حاجيات سوق العمل لتخصصات أكثر دقة وتنوعاً، ومع توعية الناس بأهمية التعليم في بناء المجتمع والقيام بالدولة، كان الازدحام قائماً على التنافس في مقاعد الدراسات العليا في الجامعة، فلم تعد شهادة البكالوريوس كافية في زمن يتطلب خبرات عملية وأكاديمية، ولأن المقاعد الصباحية مخصصة وقليلة، كان التعليم الموازي خياراً لمن لم يستطع الظفر بها، أو لم يعطه عمله فرصة لإتمام تلك الدراسة فهي لا تتطلب موافقته لأنها خارج أوقات العمل، ولأن رسوم التعليم كانت بمتوسط 40 ألف ريال والذي قلل من إمكانية تواجد الطلبة هناك، كان الأمل وتشجيع الطلبة والطالبات على إكمال الدراسة عندما أتى قرار موافقة المقام السامي على تحمل الدولة تكاليف برنامج التعليم الموازي في الجامعات بتاريخ 28/1/1430ه. ولكن تبقت هناك بعض المنغصات على الطلبة والطالبات - الذين لم يتوظفوا بعد - ففرحة التعليم الذي بات مجانياً فرحة لم تكتمل، إذ إنه على كل طالب وطالبة تحمل أعباء الدراسة مادياً، فالمواصلات ليست مجانية بل ومكلفة خاصة لمن يدرس خارج المنطقة من الطالبات والكتب بعضها نادر ويباع بأغلى الأسعار، كما أنه لا يتخرج الطالب إلا بمشروع يحتاج فيه ما بين ال1500 وال3000 ريال سعودي، هذه النقطة جعلت الجميع يفضل التعليم الصباحي ولكنه صعب المنال وتضيع السنوات إلى أن يحين دوره فالمقاعد محدودة وهذا مقلق جداً، ولكن مع بدء هذا العام بافتتاحية حافز، الذي أسعد المليونين ونصف عاطل وعاطلة قد أضاق الخناق على الطلبة والطالبات الذين لا تُسلم لهم مكافآت، ومع انه لم يدم هذا الخناق فترة طويلة للجميع، فقد استفاد طلاب وطلبة التعليم عن بعد، والانتساب من هذا القرار وتم شملهم لحافز، في حين أن شهاداتهم لا تتعدى الثانوية، بل وشملت التعليم الموازي لمؤسسة التدريب التقني والمهني، ولا يزال الجامعيون والذين يدرسون الماجستير الموازي في حالة تذبذب مع حافز والذي رفضهم نهائياً، بعد أن تم دفع شهري محرم ثم صفر وإيقافه ربيعي الأول والآخر ثم عودته في شهر جمادى الأولى فتوقف بشكل نهائي، وتم التعامل مع طلبة وطالبات الماجستير الموازي حتى تم رفض حقهم في رفع اعتراض..! على الرغم أن أوقات الدراسة بعيدة كل البعد عن أوقات الدوام المعروفة، حافز الذي كان الأمل لحمل بعض التكاليف الدراسية كان أول المتخاذلين، أليست شهادة البكالوريوس، والدورات الاضافية التي يحملها كل منهم بل والدبلومات التي بها استطاعوا الدخول إلى بوابة الجامعة والتقديم للدراسة يثبت جدارتهم واحتياج العمل لهم بل إن إقبالهم على الدراسة وحده سبب كافٍ لتلك الجدية، فهم بحق باحثون عن العمل.. وحافز للباحث عن العمل.. وعندما نأتي لنقطة أخرى (مقولة الجميع بأن الماجستير الموازي ما هو إلا بعثة داخلية) يجعلنا نسأل سؤالاً وهو ما فرقه عن البعثات الخارجية لدول بعيدة وتكاليفها عالية، فبالرغم من كل تلك التكاليف يتم دفع مكافآت للطلبة، ويدفع مرتب حتى لولي أمر الطالبة المتغربة إلى أن يحين وقت عودتها، في حين أن من سيكمل طريقه للحصول على شهادات عليا في دولته لا مكافأة له، ويزيد الموضوع تعقيداً بأن التقديم في الخدمة المدنية بلا جدوى، فهو طالب وإن كانت دراسته مسائية، فلمَ يتم التفريق بين أصحاب الدراسة الصباحية والمسائية، من يأخذ المكافأة تعويضاً عن تضييع أوقات العمل، ومن لا يأخذ مكافأة ولا يملك الحق بالتقديم للوظائف في الجهات الحكومية، فهل يجب أن أكون موظفة لأستطيع إكمال دراستي مثلاً؟ أليست الدراسة حلاً لأنني لم أجد العمل أصلاً؟ وإذا علمنا أن عدد الطالبات في الماجستير الموازي غير الموظفات يفوق عدد الموظفات فما هو الحل؟.. وخاصة بعد أن تأتي الصدمة الأخيرة خاسفة بالتعليم الموازي وهو وجود البعض من أقسامها ترفض إكمال من حصل على الماجستير الموازي للدراسة وخاصة في جامعة الملك سعود - الماجستير والدكتوراه حلم كل من يبدأ هذه المسيرة، فبأي حق يتم رفض صاحب شهادة الماجستير الموازي ومنعه من المقابلة أو الاختبار قبيل القبول للدكتوراه؟ وهنا يأتي الخيار بين ترك الدراسة لأجل إيجاد عمل، أو إيجاد حلول بديلة لهؤلاء الطلاب والطالبات، بتوفير مكافآت لهم تضمن حقهم كالصباحي تماماً، أو يتم إدخالهم للباحثين عن العمل «حافز» حتى لا يكون هناك عقبات ضد دراستهم تمنهم منها مستقبلاً..