سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«أزواج مطنشين»! مشغولون مع التقنية إلى درجة «الهوس» دون إحساس بمسؤولية الأبناء أو مشاركتهم في حوار أسري «فراغ عاطفي» انتهى بكل واحد منهما إلى «عالم افتراضي» لا يعرف نهايته
هوس تقني كبير أصبح يطفو مؤثراً على سطح العلاقات الاجتماعية التي انجرفت إلى التواصل الاجتماعي التقني بشكل لافت، فلم تعد محصورة على أجهزة الكمبيوتر المنزلي، بل إن أجهزة الهاتف الخلوي أصبحت تقوم بالمهمة لتوفر للباحث عن ذلك الهوس "تلك التقنية" في كل مكان يذهب إليه، فأصبحت تلون أوقات الناس في الأماكن العامة وفي المنزل وعبر المطاعم ومن خلال الأسواق، وحتى في المناسبات الخاصة والاحتفالات الاجتماعية والعزاء، فلم يعد هناك حدود، بل إن الأمر أصبح مفتوحاً بشكل كبير وغريب وطال التغير علاقات الناس بعضهم ببعض، وأصبح هناك فتور في علاقة المقربين ببعضهم البعض وأصبحت سمة البرود وإهمال المعاني الاجتماعية العميقة التي لها قيمة -في السابق- غير موجودة؛ حتى دخل الزوجان ذلك الصراع العاصف الذي أصبح فيه الزوج يهمل ويبتعد عن زوجته حتى حينما يقضي الوقت البسيط في البيت، فالتقنية المحرك الأساسي والعمل الأهم في حين بادرت الزوجة -أيضاً- الزوج تلك الاهتمامات حتى أصبحت التقنية تخترق كل تفاصيل حياتهم لتكسبها عدم الاهتمام مع وجود أجهزة أصبحت تمنحك الأصدقاء والأحاديث والاطلاع على متغيرات العصر في ثوانٍ. فمتى ينسحب الزوجان إلى عالم التقنية متناسين واجباتهم وروابطهم الإنسانية مع بعضهم لبعض بشكل يؤثر على روابطهم الأسرية؟، وهل حقيقة أن تلك التقنية خلقت زوجاً غير مهتم وزوجة غير مهتمة؟، أم أن مايحدث اندفاع نحو موضة جديدة سرعان ما تهدأ وتعود الأمور إلى سابق عهدها؟. الصورة القديمة ترى "أمجاد الخالد" أن التقنية بريئة مما يحدث من اختلالات ليس فقط في علاقة الزوجين بعضهما ببعض، بل كذلك حتى على صعيد العلاقات الاجتماعية بأكملها؛ ففي الوقت الذي كنا نشاهد فيه الشباب مندفعين إلى التقنية وإلى اختراقها لاكتشاف هذا العالم نجد أن الكبار في السن أصبحوا يطالبون أبناءهم أن يضعوا لهم ذات البرامج التي يستطيعون من خلالها أن يتواصلوا، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي فغابت القدوة، ومن هنا جاء الزوج "المطنش" والزوجة "المطنشه"؛ فالزوج طوال فترة النهار غائب في عمله عن الزوجة والبيت، وحينما يحل ضيفاً في المساء يصرف الوقت المتبقي في التعليقات والأحاديث والاطلاع على آخر المستجدات من خلال مواقع التقنية، ولذلك صورة الزوجة التي "تقدم القهوة" لزوجها في غرفة الجلوس أمام التلفاز برفقة الأبناء مع وجود أحاديث حميمة وسعيدة صورة أصبحت منقرضة، أو غير موجودة إلاّ في حدود ضيقة. وقالت إن ذلك "الإهمال أو البرود في العلاقة بين الطرفين" لم تعد تزعج أحدا منهم؛ فالغريب أن الزوجة أصبح لها عالمها الخاص، من خلال مواقع التواصل ولم تعد تهتم للتقرب من رجل بصفة زوج لأن انشغالها مع آخرين بصفات متعددة وغير واضحة؛ فعالم التقنية أصبح يمنح كلا الطرفين العلاقات المتعددة والمفتوحة بشكل مخيف وكبير واتسع إلى حد الخلط في الحدود، ومايمكن أن يثار من أحاديث ومالا يجب أن يثار، فالزوج مشغول بكل ذلك والزوجة كذلك حتى وجد الانسحاب الذي أصبح يسعدهما بشكل كبير من منطلق تفهم اهتمامات كلاهما؛ في حين يسهم ذلك في هدم التقارب بين الزوجين وتلمس ما يشعر به أحدهما. إهمال في الواجبات وتتفق معها "أشواق فهد"، وترى أن التقنية خلقت زوجاً "مطنشاً" من العيار الثقيل؛ فهناك هوس كبير بالضغط على أزرار جهاز الكمبيوتر أو بالمسح على شاشة الهاتف الخلوي -الذي أصبح يوفر للزوج روابط كثيرة ومتنوعة يستطيع من خلالها أن يشاهد ويخترق كل أصناف اهتماماته-؛ فوجد الزوج الذي أصبح شغله الشاغل التقنية بشكل أثّر كثيراً على علاقته بأسرته وحتى على مستوى تحمله لمسؤوليته "كزوج وأب" في البيت. وقالت إن زوجها الذي أصبح طوال اليوم يتنقل من موقع لموقع ويتبادل الدردشة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع أصدقائه حتى أصبح يتحدث معهم أكثر من حديثه معها أو مع أبنائه، ولأنه أصبح يكره أن يقاطع سلوته تلك أحد من أفراد أسرته أصبح يجلس دائماً بمفرده في الخيمة الخارجية الملحقة بالمنزل، وحينما يريد شيئاً يبعث برسالة إلى زوجته يحدد فيها طلباته، حتى اضطرت أن تجاريه في ذلك الأسلوب فأصبح تواصلهما عبر التقنية حتى في أكثر الأمور أهمية وهم في بيت واحد؛ فعلى سبيل المثال حينما يمرض أحد أبنائه ترسل له رسالة تكتب فيها "أبنك حرارته مرتفعة.. هل تأخذه إلى المستشفى"؟؛ فيرد برسالة "بعد شوي"، ويحدث ذلك الحوار عبر تبادل الرسائل على الرغم من وجوده في ذات البيت. تحول كبير أما "أماني سعد" فقد عاشت مرحلة من مراحل حياتها الزوجية شعرت فيها أن اهتمام زوجها بالتقنية المفرط سيقلل من فرص إنجاح حياتهما الزوجية، وقد بدأت مشكلتها حينما أهدت لزوجها في حفل زواجهما جهاز "آيفون" كهدية مميزة لزوجها الذي لم يكن يهتم كثيراً بالتقنية، ولم يكن منشغلاّ بها بالهوس الموجود لدى الكثيرين، ولكن المشكلة بدأت تكبر حينما حصل على هذا الجهاز الذي أصبح يوفر له الكثير من المتع والانشغال؛ فأصبح الجهاز لا ينزل من يده فحتى حينما يذهبان للتسوق في "السوبر ماركت" تبقى هي تختار الاحتياجات؛ في حين يجر العربة بذراعيه؛ لأن يديه تخوضان صراع الفضول عبر جهازه حتى دخل الملل لحياتهما، وبعد زوجها عنها كثيراً وأصبح يهمل كل التفاصيل الكبيرة قبل الصغيرة حتى انتهزت فرصة ترك فيها زوجها "جهازه"، وقامت بكسره وقد أخبرت زوجها أن أبنه الصغير فعلها.. وبقي لأيام دون جهاز يستطيع من خلاله التواصل، وفي تلك الفترة طلبت من زوجها حواراً عاجلاً لمناقشة اهتماماته الجديدة التي طغت على اهتماماته وواجباته القديمة حتى استطاعت أن تقنع زوجها أن التقنية جميلة ولكنها لا تستحق التضحية الكبيرة أن يتحول من زوج "استثنائي" إلى زوج مطنش!. «شلّة الاستراحة» وقتهم طويل زوجة للكماليات وينتقد "سليمان حميد" بعض سلوكيات الزوجات اللواتي أصبحن "مطنشات" بدرجة امتياز؛ فوسائل الترفيه الحديثة خلقت من المرأة سيدة موجودة في قائمة الكماليات وكأنها جزء من أثاث المنزل؛ فأصبح همها الكبير وسائل التواصل الاجتماعي الذي اقتحمته بجدارة عالية وأصبحت لا تتخلى عنه حتى حينما توجه الخادمة أن تعد لها كوب من الشاي، بل إن الأمر وصل إلى إهمالها لأطفالها الذين قد يستغرقون وقتاً طويلاً في البكاء؛ لأنهم يبحثون عن مايأكلون فيما هي منشغلة في قراءة تعليقات صديقتها على خبر منشور. وأوضح "سليمان" أن المشكلة ليست فقط في مجرد الاهتمام والهوس الذي أصبح يدخل عالم المتزوجين؛ فالمشكلة مشكلة مجتمع بأكمله، فحينما تتنقل في الأسواق التجارية فإنك قلما تشاهد رجلاً غير مشغول بجهازه الخلوي، وكذلك المرأة التي تدردش وهي تقف على السلم المتحرك.. فالمشكلة في طريقة تعاطي الأفراد الذين يصرون على أن يلغوا الكثير من المعاني الجميلة في العلاقات الإنسانية لمجرد جهاز ينقلهم إلى علاقات إما وهمية أو غير مجدية، وحتى إن كانت مجدية فإنها لن تكون بأهمية الاهتمام بالأسرة. عالم التقنية وترى "منال الصومالي" - أخصائية اجتماعية في مستشفى الملك فهد بجدة - أنه - للأسف - أصبحت التقنية الموجه الأساس لجميع السلوكيات الاجتماعية، سواء للرجل أو المرأة؛ فأصبحت هناك إنسحابية ملاحظة في مدى المبالغة في استخدام القنية، خاصة التواصل الاجتماعي؛ فعملية الانسحاب أصبحت ملاحظة لجميع أفراد المجتمع، ولا يمكن فصلها عن الأمور الأخرى، مشيرة إلى أن من الآثار الجانبية لهذه التقنية على الزوجين إضعاف الروابط الاجتماعية فيما بينهما بحكم أن العلاقة بين الزوجين علاقة تحكمها الكثير من الواجبات والأولويات؛ فالإنصاف إلى هذا العالم سوف يؤثر في الواجبات المناطة لكلاهما. وقالت إن الانجذاب الذي يحدث يأتي من وجود بعض المواقع الاجتماعية التي تقدم معلومات وإشاعات وتتضمن عالم الموضة والطبخ والتواصل الكتابي ليس كالحديث المباشر، فالآثار السلبية تكمن في وجود تواصل مع الآخرين عبر التقنية، إلاّ أنهم فاقدون لذلك التواصل مع الذين حولهم، فلايمكن حصر تلك الآثار بالجانب السلبي كلها ولا يمكن أن توضع بشكل كامل في الجانب الإيجابي. وأضافت أن هناك مشكلة كبيرة وحقيقية في الانجراف إلى كل ماهو جديد نتعايش معه، فعلى سبيل المثال كان في السابق تبادل التهاني لشهر الصوم عن طريق الرسائل العادية، أما الآن فعبر طرق التواصل تحمل رسائل مواعظ تنصح المتلقي وتحمل جوانب تثقيفية. وأشارت إلى أن كل زوج أو زوجة لا يحمل بداخله عمق المسؤولية بعلاقته بشريكه في الحياة قد ينغمس في عالم التقنية بشكل تؤثر على علاقته مع الشريك؛ فهذه الحالات موجودة ولا يمكن تجاهلها؛ فالمشكلة أن المحادثة تحدث للزوج أو الزوجة مع كل المتواجدين بدون حدود، فهو عالم مفتوح ويستطيع أن يتحدث مع كل الناس دون حواجز، ولذلك فالوعي والإدراك يلعب دوراً كبيراً في التقليل من التأثير. استخدام لا ينقطع لمواقع التواصل عزلة الزوجة أخطر سيدة تبحث عن متنفس افتراضي