كان تيلستار، الذي يشبه كرة شاطئ كبيرة الحجم، أول قمر اتصالات اصطناعي حيث أخذ يدور حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل وهذا كان معناه أن القمر قادر فقط على أداء عمله بشكل متقطع. في العاشر من تموز/يوليو 1962 تم إطلاق تيلستار حيث بث أول صور تليفزيونية حية بين أمريكا وأوروبا إيذانا ببدء عهد القرية الكونية التي أمكن خلالها معرفة ما يدور من أحداث في الجانب الآخر من العالم في التو واللحظة. وشهدت حقبة الستينيات من القرن الماضي اهتماما هائلا بالنجوم وفي تلك الفترة بدأ سباق الفضاء وحلقات "ستار تريك" وهي إحدى أهم ظواهر الخيال العلمي، وبدأ الروس السباق بإطلاق القمر الاصطناعي "سبوتنيك" في 1957 وفي عام 1961 أصبح رائد الفضاء يوري جاجارين أول رجل يدور حول الأرض وفي نهاية ذلك العقد هبط الأمريكيون على سطح القمر. وحقيقة الأمر أن أهداف تيلستار كانت أكثر من واقعية، فالهدف من هذا القمر الاصطناعي، الذي يزن 77 كيلو جراما والمزود ب3600 خلية شمسية، هو تسهيل الاتصالات عبر الأطلسي من على ارتفاع 8 آلاف كيلومتر وبالتالي توفير بديل للكابلات البحرية المثقلة بالأحمال. علاوة على ذلك كان يهدف إلى التقاط صور تليفزيونية وتكبيرها ثم إعادة بثها إلى الأرض، في ذاك الوقت كانت الإشارات التليفزيونية قادرة بالكاد على الوصول عبر الولاياتالمتحدة ناهيك عن عبر الأطلسي. وفتن الناس الذين كانوا يشاهدون التليفزيون بالصور المتحركة الحية، فقد كان بالإمكان رؤية العلم الأمريكي وهو يرفرف من الجانب الغربي من الأطلسي. واحتفل الناس بهذا الحدث في المنازل والمقاهي وتحدث الرئيس الأمريكي جون إف كيندي وهو من أشد المتحمسين للقمر الاصطناعي الجديد عن "تصور عصر جديد للاتصالات الدولية". ويقول هارالد فينسل عالم الاجتماع الإعلامي بجامعة برلين إن أجهزة التليفزيون كانت لا تزال نادرة حيث أن الأسر المحظوظة بما فيه الكفاية كانت تدعو الجيران لمشاهدة التليفزيون عندها، مضيفا: "آنذاك كان التليفزيون يشبه إلى حد كبير مدفأة يتحلق حولها الناس". وأضاف فينسل: "تعين على الناس أن يعتادوا على مشاهدة الأحداث في التو واللحظة، وهو ما أدى إلى تغيير عادات المشاهدة بصورة جذرية". وأثناء سباحته في مداره لمدة 15 دقيقة تقريبا حتى أمكن الوصول إلى تيلستار من القارتين بثت الولاياتالمتحدة كلمة لكنيدي بينما بثت عدة دول أوروبية مساهمات فردية. وبعد ذلك بأقل من سنة كان كنيدي هو محور الاهتمام عبر شاشات التليفزيون، فقد بثت جنازته على الهواء مباشرة عقب اغتياله في 1963 الأمر الذي تولد عنه تأثيرا يضاهي فقط تأثير أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، كما يرى فينسل. لكن بحلول ذلك الوقت كان تيلستار 1 توقف عن العمل منذ فترة طويلة حيث حلت محله أقمار اصطناعية أكثر قدرة في مدارات أعلى في الفضاء لتوفير الاتصالات عبر الأطلسي، لكنه لا يزال يواصل مساره الصامت حول الأرض. ومن المتوقع احتراقه لدى دخوله مرة أخرى إلى غلاف الأرض لكن ذلك لن يحدث إلا في غضون حوالي 200 عام.