احتفل متحف الجو والفضاء في واشنطن امس بالذكرى الخمسين لأول بث تلفزيوني مباشر، ففي 12 تموز (يوليو) 1962، نقل القمر الاصطناعي «تلستار» أول مشاهد تلفزيونية مباشرة بين الولاياتالمتحدةوفرنسا، فاتحاً الباب أمام حقبة الاتصالات الفورية في العالم. أطلق «تلستار-1» وهو أول قمر اصطناعي مخصص للاتصالات وصنعته شركة «بل لابز»، في 10 تموز من قاعدة كاب كانافيرال في فلوريدا (جنوب شرق) ووضع في مدار إهليلجي راوح ارتفاعه عن الأرض بين 950 و5630 كيلومتراً. لكن القمر الاصطناعي الدائري الذي كان يقوم بجولة حول الأرض في ساعتين ونصف الساعة لم يكن قادراً على تأمين الاتصالات العابرة للأطلسي إلا في الدقائق العشرين تقريباً التي كان خلالها فوق المحيط. وتتبعته محطتان أرضيتان، واحدة شمال شرقي الولاياتالمتحدة في أندوفر في ولاية ماين والأخرى في فرنسا في بلومور-بودو في بريتاني. وزودت المحطتان بهوائيات كبيرة تدور حول نفسها لالتقاط الذبذبات. وبعد أحد عشر يوماً من بث المشاهد التلفزيونية المباشرة الأولى بين محطتي أندوفر وبلومور-بودو، بثت المحطات الأميركية «سي بي أس» و«أن بي سي» و«أيه بي سي» ومحطتا «سي بي سي» في كندا و«يوروفيجن» في أوروبا برامج تلفزيونية للمشاهدين في 23 تموز. وكان تمثال الحرية في نيويورك وبرج إيفل في باريس المشهدين الأولين اللذين رآهما المشاهدون على جانبي الأطلسي. وعندما تأخر خطاب الرئيس الأميركي جون كينيدي الذي كان من المفترض أن يفتتح البرنامج، بثت المحطات مباراة بيسبول بين فريق «فيليز» من فيلادلفيا وفريق «كابز» من شيكاغو. وفي ذلك الوقت، قال وولتر كرونكايت الصحافي الأكثر شهرة في «سي بي أس»: «كانت تلك اللحظة من اللحظات النادرة التي ينحني فيها المشاهدون إلى الأمام ويركزون أنظارهم على الشاشة وهم في حالة من الذهول». وذكر واين كلو الأمين العام لمتحف الجو والفضاء في واشنطن أن «البث التلفزيوني المباشر لأحداث تحصل باستمرار في العالم يعتبر اليوم من المسلمات. لكن قبل 50 سنة، لفتت المشاهد الأولى التي بثها «تلستار» الأنظار وأسرت المشاهدين في كل أنحاء العالم». وأضاف أن «هذه الذكرى الخمسين تذكرنا بالتقدم الهائل المحرز مذاك، بالإضافة إلى قدرات الأقمار الاصطناعية في الحقبة الجديدة الخاصة بالاتصالات الرقمية». ونظم المتحف امس سلسلة من الأحداث للاحتفال بالذكرى الخمسين للمشاهد التلفزيونية المباشرة الأولى بمشاركة سفير فرنسا في الولاياتالمتحدة فرانسوا ديلاتر والقنصل الأميركي في فرنسا روبرت تيت ومساعدة وزيرة الخارجية الأميركية كيري-آن جونز. وافتتحت النشاطات بتأمين اتصال بالأقمار الاصطناعية بين متحف الجو والفضاء في واشنطن ومتحف الاتصالات السلكية واللاسلكية في بلومور-بودو في بريتاني. وعرض نموذج مصغر من قمر «تسلتار 1» في متحف الجو والفضاء في واشنطن، والذي عرض المشاهد الأولى التي بثت بين الولاياتالمتحدةوفرنسا. يذكر أن الولاياتالمتحدة وضعت مشروع «تلستار» رداً على إطلاق الاتحاد السوفياتي أول قمر اصطناعي في التاريخ: «سبوتنيك». ودعت حكومات أوروبية إلى الانضمام إلى هذا المشروع لبناء محطات أرضية، ما أدى إلى اتفاق بين شركة «بل تلفون لابوراتوريز» ووكالة الفضاء الأميركية «ناسا» ومكتب البريد البريطاني ومصلحة البريد والتلغراف والاتصالات في فرنسا.