تأملتُ في أحوالِ النساء، على ظهر هذه البسيطةِ، وشرّقتُ وغرّبتُ في تأملاتي، ووجدتُ العجب العُجاب، أي والله!! وجدتُ، مَن جلُ همها، القشور والمظاهر والسطحيات ومن أُفقها الضيق لايتجاوز أرنبة أنفها، ومن تعيشُ حياتها، بالكيدِ ليل نهار، لغيرها من بناتِ حواء، ومن شغلت بالها وحالها، في نسجِ خططٍ شيطانية، من أجل تغريبِ بنات البلد، وزجهن في مساواة، عقيمة مع الرجال، ما أنزل الله بها من سلطان، ومن باتت هوايتها الأزلية، إفلاس زوجها والتنكيد والتنغيص عليه، أو تجاهله، بكثرة زياراتها، وثرثراتها مع الجارات والصديقات، وولوجها للأسواق ليل نهار، أو نومها الطويل، والاتكال على الخادمة في تصريف شئون المنزل والزوج والأبناء!! لكنني أثناء تأملاتي وجدتُ أن هناك نوعياتٍ ونماذج رائعة، ونساء فُضليات في مجتمعي، فكرا، وعلما، ونبوغا، وتدينا، ووفاء وإخلاصا.. لكن أعدادهن قليلة!! وشدتني قصة تلك المرأة الوفية التي عاشت مع زوجها، وكانت في حياته نعم الزوجة وبعد وفاته سطرت أروع قصص الوفاء، وشعرتُ أنها من النساء النادرات في أيامنا هذه!! عندما قرأت قصتها التي سطرتها الكاتبة ليلى الحربي، وقصيدتها التي أوردتها مع قصتها توقفت طويلا وتأملتُها مليا وعجزت عن التعبير!! تأملوا معي قصيدتها لزوجها، التي تدل على ندرة تلك النوعية من النساء: تأملوا معي بالله عليكم ماهي ذكرياتها، مع زوجها تأملوا في سطورها ستجدون أنها لاتشبه غيرها من النساء ذكرياتي معك يستحيلُ الهروب منها، بل لايمكن حتى تناسيها ولو لوهلة إنها روح الحياة ومعناها: ذكرياتٍ لي معه فيها معاني لا هي فعطرٍ ولا هي فالأغاني ذكريات ما تغيِّبها الليالي ولا تمحِّيها تصاريف الزماني كلما نادى المنادي شفت طيفه لحيته تقطر مثل حَبّ الجماني وكلما وجَّهت للكعبة لمحته ساجداً قدَّامه الركن اليماني وكلما رتلت بالمصحف سمعته جنبي يرتلهن السبع المثاني ولا قرأت الكهف بالجمعة نظرته صورته جنبي وصوته بالمحاني يا كثر ما سامح المخطئ وردد ما نجازي بالخطأ والكون فاني ويا كثر ما صغَّر الدنيا بعيني ويا كثر ما وجَّه لخير ودعاني ويا كثر ما واصل بليا مواعد ما يقول فلان جا ولاَّ جفاني ويا كثر ما غيَّر المنكر بيَده وإن عجز بالقلب وإلاَّ باللساني ما اذكر انه ضاق صدري في وجوده لا شكوته لا ولا مرة شكاني مرت أيامي معه مثل الدقائق لا حاشا بالله بل مثل الثواني يا إله الكون يا رب البرايا تصطفي له منزلاً بأعلى الجناني وافرغ الصبر بفؤادي يا إلهي يا من اليا قلت كن للشي كاني تأملوها وهي تقول لزوجها المتوفى: لوكانت ذكرياتي معك في أغنية مبكية لأم كلثوم أو فيروز لحطمت كل أشرطة الغناء، بلا استثناء، ولكنني اتفقت معك منذ أمدٍ بعيد أن الغناء لهوٌ وغثاء، لو كانت ذكرياتي معك في زاوية رومنسية، في مطعم عريق لهجرت، كل الطرق المؤدية إليه، لوكانت في شاطئ تهادت موجاتهُ، أمامي وأمامك مع بزوع الفجر لهجرتُ شواطئ الكون ومحوتها من عالمي كله، بل لو كانت في هداياك وعطورك لأحرقت الهدايا وحطمت القوارير، لكن ذكرياتي معك ليست ككل الذكريات إنها أجمل وأروع فكلما ردد المنادي "الله أكبر" لمحتك هُناك يقطر الماء من لحيتك كحبات الجُمان، تجفف ذراعيك، بتلك المنشفة البيضاء. الصغيرة لتدرك الصف الأول وكلما قصدت تلك الزواية الخافتة أرتل في مصحفي سمعتُ صوتك الشجي، يرتل في سورة ثانية، وكلما قرأتُ سورة الكهف في كل جمعة، تذكرتُ كيف تُسابقني وأُسابقك فتارة تكون عند الخِضر، وأنا أكون عند أصحاب السفينة، وتارة أكون عند الجدار الذي يريدُ ان ينقض،وتكون قد أغلقت المصحف! وكلما أردتُ ايقاظ أولادي لأداء الصلاة رأيتُ يدك تطرق الباب قبلي، وكلما يممت شطر المسجد الحرام أو حتى رأيَته في بث مباشر على الفضائيات شعرتُ بيدي تمسك بطرف إحرامك، ورأيتك تلتفت لي باسما وتقول أدعي لي فأقول أدعي لي أنت هذه ذكرياتي معه فهل لنسيانك من سبيل)؟.. هذا التعليق لصاحبة القصيدة أعلاه... يستحق التوقف والتأمل والتحليل وقبلها جميعا الإكبار. ياه هزت كلماتها، ووفاؤها، والذكريات العطرة الإيمانية التي تذكرت بها زوجها وعاشتها معه هزت قلبي ووجداني.. يا الله ما أروع وأطهر وأنقى هذه الذكريات وهذا التعامل وهذه العلاقة الطاهرة.. أين أنتن يانساء المساواة وقيادة السيارة، والنوم لآخر النهار، وسيدات التجوال في الأسواق بلا منازع، ومُفشيات الأسرار أين أنتنّ من هذه الزوجة الوفية النادرة وهذا التعامل الراقي بينها وزوجها؟ وتأملوا أنتم يارجال وامعنوا النظر في تعامل زوجها الراقي أيضا معها، هل هناك مثل هذا الرجل أيضا نعم ولكن أعداد الرجالِ قليل ولاحظنّ أنني طلبت من الرجال أيضا التأمل في تعامل زوجها معها، حتى لا تأتي من تتهمني بالتحيز للرجل والتجني على بنات حواء، لكنني هنا لا أُعمم ولم أعمم،ولكن أعداد النساءِ قليلُ!! يعجز قلمي عن التعليق، ويحار الحرف.. ويئن الحبر!! آخر الألحان: سألوها: لمَ زوجك يحبك، ولا يرى فى الكون غيرك، وهناك من هن أجمل منكِ؟! قالت: قد لا أكون الأجمل.. وقد لا أكون الأروع.. ولكن إن آذانى زوجي أصفح.. وإن جاءنى مهموما اسمع.. وإن أعطانى كثيرا أمدح.. وإن أعطانى قليلا أقنع. هكذا علمنّى ربي ..الود لا أقطع.. والطاعة لا أمنع.. ومهما حصدّت شوكا أظل للورد أزرع!