الإحساس بالغربة شكل ثورة وأصالة فكر صقل موهبة وأيقظ عشق العلم، ضيفتنا عاصرت الغربة بكل معانيها وكان حنين العودة يراودها منذ طفولتها، ولأنها عاشقة للحرف حورت حنينها للوطن بأروع القصائد ولأنها عاشقة ونهمة وباحثة عن العلم زاد من جمال وتألق شعرها فأصبحت كلماتها تبرق كبريق الألماس ويرى بريقه الكفيف قبل المبصر، شاعرة دكتورة عاشقة العلم وطنية هذه ليست صفاتها فقط بل مزجتها بالطيبة ولين الجانب وجميل الحوار، إنسانة متميزة محبوبة قريبة للقلب وهي الدكتورة "فدوى التكموتي ". - من هي الدكتورة فدوى التكموتي؟ أنا فدوى أحمد الكنعاني التكموتي من أصول يمنية مقيمة بالمغرب، لي شوق كبير جدا لموطني الأصلي بلد اجدادي اليمن و أتمنى يوما ما أن أسترجع جنسيتي اليمنية، وسأسترجعها إن شاء الله، فدوى بكل بساطة شديدة تحب العلم وتعشقه حد الثمالة، خاصة فيما يتعلق بتخصصي الأكاديمي العلوم السياسية، كما أعشق الأدب نثرا قصيدا، ومسيرتي العلمية سبحان الله كما مر بها والدي الحبيب أحمد بنفس القوة والدرجة مع اختلاف بسيط جدا، أبي قبل ما يكون تخصصه في القانون كان تخصصه فلسفة، وأخذ البكالوريوس من جامعة بغداد ودكتوراه من جامعة كمبريدج، و بعدها تخصص في القانون، أنا نفس الشيء باختلاف بسيط حيث كان تخصصي الأكاديمي هو القانون العلوم السياسية بعدها اتجهت إلى الفلسفة في شقها فلسفة التواصل السياسي، وهذا إن دل يدل على مدى إيماني بالعلم فأنا طالبته أينما وجد حتى أني أفكر بعد نيلي لشهادة الدكتوراه في العلوم السياسية وشهادة الماجستير في فلسفة التواصل السياسي لا أدري أين سيعرج بي فكري ربما إلى تخصص آخر لستُ أدري لكني بالفعل مجنونة علم، ومجنونة قلم، ومؤمنة به بعد إيماني بالله سبحانه وتعالى، أول لم يقل سبحانه وتعالى في أول آية نزلت على نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم"وقوله سبحانه وتعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[فاطر:28].وقوله سبحانه: ""فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب" أو لم يكن ديننا الحنيف يحث على طلب العلم، لأجل أن نصل إلى التفكر والتأمل وفي النهاية إلى المسؤولية التي حملها الإنسان وكان ظلوما جهولاً لو أن كل البشر بغض النظر عن جنسياتهم وتلون دينهم تأملوا الوجود، وأنه يسير وفق نظام معين فلا الليل مدرك للنهار .. و"هُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ "صدق الله العظيم,ما كانت حروب ولا سقوط الدماء، لكن حب الإنسان للخلود، وأيضا حبه لنفسه جعله يكون طاغيا، فاجعلنا يا رب من عباده الذين يخشونه ولا يخشون عباده،وحبي الشديد للعلم جعلني أتلذذ وأنا أقوم بالتدريس لطلابي في الجامعة، وأحبب لهم العلم خاصة العلوم السياسية، جعلتُ نفسي وطلابي الذين أدرسهم لستُ بالأستاذ الذي يلقن لهم المحاضرات لمدة معينة من الزمن ويذهب لا بالعكس جعلت من نفسي واحدة منهم أدرس، سيسألني قارئي كيف أدرس من طلابي، فالمعرفة غير محدودة على شخص أتعلم منهم فكرهم الذي أجهله، لكي أستفيد في كيفية تعاملي معهم، فأستاذيتي مع طلبتي تكون ملغية حينما أقوم بتدريسي لهم، وأشرح لهم ظروف العالم، وأيضا كيف لنا نحن العرب أن يكون لنا وجود بوجود،لا الوجود بقوة الموجود، أدخل معهم في حوار، أناقشهم، ويناقشونني، وتبلغ ذروة المناقشة إلى نسياني للفترة الزمنية المخصصة لي بالتدريس لهم، وهم كذلك ينسون أي شيء خاصة لما يكون الطلبة قد أحبوا التخصص، وهذا يرجع السبب لله عز وجل ثم كيفية إمساكي كل الخيوط التي تدور في قاعة التدريس بحنكة وتروٍ وضبط مطلق، والحمد لله تفوقت بهذه المنهجية التي أدرس بها طلبتي، آملة في الغد في جعل شباب الألفية الثالثة يكون الاهتمام بتفكيرهم وليس تهميشهم. - هل تشعرين بالغربة..؟ وكيف أثرت الغربة في مسيرتك؟ يا الله. غربتي تعيش معي بقوة، وأنا بعيدة عن موطني الأصلي، موطن أجدادي اليمن، رغم أني أعيش بالمغرب ولدي الجنسية لكني أشعر أني غريبة عنه وهو غريب عني، وقد أثرت غربتي داخل وطني الثاني المغرب انعكاسا قويا جدا جعلني أصمم أن يكون لي وجود فيه وبقوة، داخل الجامعة مع هيئة التدريس، مع الطلبة في تعاملاتي لكني لازلتُ أشعر بغربة قوية، ومؤنسي وعزائي الوحيد في شعوري هو الكتاب فهو يسلب مني ذاتي ويجعلني أعيش بوحدة رائعة برفقته. - ما تقييمك للعرب من ناحية القراءة؟ وما ترتيب الكتاب في أولويات المجتمع العربي؟ آه على أُمَّة اقرأ التي للأسف لا تقرأ، كلما سألتُ هذا السؤال في كذا محفل أتذكر على الفور مقولة بن غريون الذي قال: يا لعار أُمَّة اقرأ فإنها لا تقرأ، وإن قرأ العرب فإنهم لا يفهمون، ويا لفرحة بني إسرائيل في العربي الذي لا يقرأ،هل تعلمين إن هذه المقولة أول شيء تدرس في مدارس إسرائيل، وإقرئي سيدتي ما هو السبب في تدريس المدارس الأولية الإسرائيلية لقولة بن غريون بين السطور؟ إذا كانت أُمَّة اقرأ تعشق الفضائيات في الرقص الخليع، والغناء الماجن حدثي ولا حرج في هكذا مقام، و آخر صيحات الموضة معهم فبالله عليك هل سيكون موضع للكتاب عند أُمَّة إقرأ؟ - هل تعتقدين إن الانترنت والكتب الالكترونية أثرت على الكتاب الورقي؟ وهل قُرِأ الكتاب الورقي لكي يُقْرَأُ الكتاب الإلكتروني، صحيح يُقْرَأُ الكتاب الذي يجعل من شبابنا وبناتنا في الوطن العربي من الخليج إلى المحيط مدمنين عليه، السقوط في وحل الفكر وجعل الإنسان لا يعيش إلا لرغباته كأنه حيوان وجد فقط فالدنيا لنشرها. ناسيا دينه وربه وآخرته. - كيف نستطيع من خلال خبرتك أن نعود أبنائنا وجيل المستقبل على القراءة..؟ وهل تعتقدين إن هذه مسؤولية الأهل أم المدرسة.؟ كلما كانت الأسرة مبنية على أساس صحيح كلما كان البيت قويا ويصعب هدمه، حتى ولو جاءت عواصف ورعود لاختراقه يظل صامدا في وجهها، وكلما كانت الدولة تريد البناء لشعبها كلما كان العلم بها الأول والأخير. - منذ متى اكتشفت موهبتك؟ وكيف طورتيها؟ آه على الشعر وعلى الشعراء يتبعهم الغاوون ويقولون ما لا يفعلون. حبي للأدب كان منذ فترة طفولتي وبرز بشكل قوي لما كتبت قصة قصيرة باللغة الفرنسية في مسابقة مدرسية وكان عمري آنذاك حوالي 13 سنة، حينها فزت بأول جائزة، تبلور ذلك في فترة الثانوية العامة حيث عينت من طرف مدير المدرسة أن أكون مشرفة على اللجنة الأدبية في المسابقات الأدبية باللغتين الفرنسية والعربية، لكن بلغ أوج عشقي للشعر وكتابته بدون انقطاع منذ سنة 2004، فمنذ ذاك التاريخ وإلى الآن وأنا أقرض شعرا، ناهيك عن كتابتي للنثر في شكل قصص وأيضا رواية، ولما رأيتني بهكذا الشكل قررت أن أبلور موهبتي الأدبية بدون انقطاع فأي كتاب وجدته أمامي وخاصة و أن مكتبة والدي الحبيب مليئة بكتب قل مثيلها، أقرأ بدون انقطاع لدرجة قد يطلع علي الصباح وأنا بصحبة أحلى حبيب الكتاب وهو خير جليس. - من هم الشعراء الذين تأثرتي بهم في بداياتك.؟ ولمن تحبي أن تقرئي الآن؟ أعتقد أن ما من أحد ما قرأ لجبران خليل جبران، كان أول فيلسوف وأديب وشاعر تجرعتُ منه باب العلم والأدب بشقيه نثرا وقصيدا، لدرجة أنني في مرحلة ما من إنتاجي الفكري الشعري كنتُ أكتبُ كأنه هو الذي يكتب وليس شخصا آخر اسمه فدوى، وصلت بي الذروة أني عشقته وتمنيت أني لو عشتُ عهده أو هو عاش عهدي، بل أكثر من ذلك كنتُ أقرأ كتبه أقول في نفسي لا يكتب هذه الكلمات إلا لي أنا فدوى وليس لمي زيادة، في فترة كرهتُ مي زيادة لأنها عاشت فترة جبران وتحول كرهي لها إلى قولي لو كان جبران على قيد الحياة لوهبته نفسي، وأقول مع نفسي كيف وأنتِ مسلمة وهو مسيحي، أرجع هنا وأقول هو الحب المستحيل تحقيقه لا في الواقع ولا في الأحلام، تأثرتُ به كثيرا في فكره، حتى أنه تنبأ لمصير لبنان لما قال: لكم لبنانكم ولي لبناني، لبنانكم دماء تسيل في نهر ملوث بطغاتكم، لبنانكم فيه موتى تنتظر دفنها على جدران الكنسية لكنكم تأبون أن تدفنوا موتاكم، لبنانكم حرب بلا انقطاع، فيه كل دماء البشرية، أما لبناني بستان زاهر فيه ورد وفل وعنبر، فيه عطر العذراء وفيه سماحة المسيح، كما أني قرأت للفكر الغريب عنا ثقافة قرأت لهيجو، ولافونتان، غبريال كوسون، أغاتا كريستي، كارل ماكس، كانط، روسو، أما الآن فأينما وجد الحرف الراقي يكون غرفة لقلبي، قرأت للشاعرة سمو الشيخة خلدية آل خليفة، وتعجبني كلماتها في قصيدتها الرائعة: ضحكة صفراء فأتذكر أنها قالت في بدايتها: عصاتك للعمى عيونك أو إيدك أو الرجّال. عصاتك في الظلام أغلى من اللي يقول يا غالي عصاتك ضحكةٍ صفرا أو عينٍ عليها ظلال أو بعض الغلا وبعض الطلا يا المنتقد ( حالي) كما أقرأ الآن للشعر النبطي ويعجبني بقوة، قرأت لشعراء كثر في هذا التخصص، و أذكرهم على سبيل المثال، الشعراء والشاعرات: إبراهيم الحسان، عبد المحسن المسعودي، موج القصيد، سحايب العازمية، مبارك الودعاني، محمد الخشيبان، عوض النفاع، فارس الصميدان، عبد الله بن حديجان، ريانة العود، رنين الذهب، تاج الغرور، صلاح الضويحي القائمة طويلة وأعتذر لمن لم أذكر اسمه ..أما في الشعر الفصيح فأشعر بكوني عاجزة أمام حروفها وهي الشاعرة الرائعة عائشة الفيزازي، و تجرعت من سيل فيض الأصالة و سلالة الشعر أبا عن جد الرائعة لطيفة الشابي. كما قرأت لدرويش، وسميح القاسم و أحمد مطر و فدوى طوقان. أما باب النثر فقد قرأت للمنفلوطي، طه حسين، العقاد.وأما عن كتب النقد الأدبي الشعر والنثر: شوقي ضيف، محمد مفتاح. من الذي ساندك بمسيرتك الشعرية؟ من أكن له كل الحب، هو عطاء بلا حدود، هو منبع الحنان المتدفق من قلب طيب جدا، وهو ذاته حازم جدا لما يستدعي الأمر كذلك، هو إن أعطيته حياتي كلها فهي لا تفي بعطاءاته اللامحدودة إنه قرة عيني وصديقي وأخي وكل شيء في حياتي والدي الحبيب أحمد، ربي يرزقه الصحة و السعادة في الدنيا والآخرة، و مرآتي التي أرى فيها ذاتي، هي توأم روحي، وظلي، هي من تأنبني إن أخطأت و تشجعني إن أصبت حبيبتي وقرة عيني أختي الحبيبة الدكتورة نهلة، هؤلاء وقفوا معي بقوة في مسيرتي الشعرية وكنت أرى ولا زلت نفسي وروحي، فبمجرد ما ينهل علي سهم القصيد والنثر إلا وكانا ( والدي الحبيب أحمد وأختي الغالية نهلة ) هما أول من يسمعا قصيدي أو نثري، فهما الشخصان اللذان إن قالا لي غيري هذه الكلمة بأخرى أو هذه الجملة لم تكن في مكانها اسمعهما للنهاية وأغير ما يراد تغييره. - متى كان أول ظهور لك من خلال وسائل الاعلإم الأعلام؟ نرجع للوراء شيئا ما، فأنا يا غاليتي، كانت أول مهنة امتهنتها في حياتي هي الإعلام، واستمر لمدة غير طويلة لإدراكي الجيد إن مكاني ليس هناك و إنما بين الكتاب والورقة والقلم، فإن أصابني القلم بالسجن النهائي غير القابل للطعن على درب العلم أجدر لي وأنفع لي من سجني بكلمات قد تغضب مني الكثير الكثير، وفي النهاية يكون حصادي صفرا، أما وسلاحي القلم فحصادي عقولا، وهذه العقول لا تموت وإنما تعيش وتحيي، وكلما كان القلم واثق الخطوة يمشي ملكا كلما كان الوقع أكبر، وهذا هو دربي الأول والأخير، أما عن ظهوري بوصفي شاعرة فكان عبر الإذاعة المغربية، ثم بعدها عبر فضائية صلاح الدين العراقية، وبعدها ابتدأت تنهل علي أمطار الإعلام سواء منها المغربية أو العربية مكتوبة أو مرئية. - حدثينا عن انتسابك في وكالة أنباء عرار؟ سأترك هذا السؤال وللآتي سيكون أرقى وسأوضح كل شيء ليس فقط عبر الإعلام الإلكتروني وإنما المرئي أيضا فعذرا عدم الإجابة. - كيف تنسقي بين عملك وبيتك.؟ وهل يطغى أحدهما على الآخر ؟ أصدقك القول سيدتي الفاضلة أنني أسعى إلى تحقيق التوازن بين عملي و بيتي، ولكن يبقى ملاذي الأخير هو بيتي دفئي، فما أحلى أن تجد الأنثى نفسها بين زوجها وبين أبنائها هذا بالدنيا كلها. أهديكم قصيدتي عنوانها: لغة الضاد قف على كنز بحرف عالي - من فريد المعاني يثمن تثمينا وا فقدتاه على حرف مسلم - إن نادى بالقرآن لغة ودينا غُرِّبْنا عنوة في ديارنا غدونا - أسرى حرب أعلاناه منذ سنينا تمسكنا عروش الماديات سلما - فارتوينا ظمأ عطش الروح دفينا لغة القرآن يا حسرة عليها - إقرأ كانت لنا دربا قنديلا يقينا تستغيث وا عرب تاه تحت ظلال - السيوف يتغنون بالشعر واللهو مجونا قرآنا عربيا بلسان مبين أزكى عطرا - وا إسلاماه إنا نحن الآن أحياء ميتينا أصول اللغة تموت تستغيث يا لعار أمة إقرأ - إنا نحن ضجيج أموات أسود مغردينا فينا خرج محمد سيد الأكرمين رسولا - واحسرتاه جمعنا بقرآن وتفرقنا بماء وطينا هذا يسكب ريح عصارة نبيذ حرف ليس له - أصولا ولا هو من الأنساب جدود الفاتحينا وا إسلاماه إني لعمري أرى العرب - أكثر خذلانا من لسعة بعوضة هم مستضعفينا أبكي كل لحظة يصيبني غضب الضرغام - أرى أمة إقرأ تجتمع على الهدم نحن آفلينا من صرخ وقال كلا ثم كلا سنبقى أحرارا - ولدتْ معنا ثورة لغة الضاد نحن حق الثائرينا يرجم بهتاف حروف نصاب لجامها - جهالا فوق أعلم رؤوس هم الجاهلينا يا أخي يا بن العرب أوطان فلنقرع - رصاصا بالحروف هي خمر للشاربينا تمزق كياناهم أشلاءا تبعثرها فوق النار - سيصلونها غدا في لقاء رب الأجمعينا وبالختام أقدم شكري وامتناني باستضافتي في هذا الحوار و أتمنى أن أكون عند حسن ظن قرائي في وطننا العربي من الخليج إلى المحيط.