التجديد سنة الكون. ديمومة الحياة. بدونه يتوقف نبض الحياة فيسودها الذبول والجفاف، ومن ثم الفناء- لكن.. هناك تجديد نافع رائع يدفع بعجلة التقدم والتطور دفعاً. إنه تجديد ضائف لا عائقاً، بانٍ لا هادماً. لا أدري ما أقول؟ فأنا أغص بالكلمات، وذاتي تتجرع الحسرات من هذه الورقة يالها من ورقة!!! كم أتعبتني وأقضت مضجعي! أتدورن ماهي؟ إنها الورقة السحرية. إنها (ورقة العمل). هذه الورقة من ضمن التغييرات التي طرأت على العملية التعليمية حديثاً، الغرض منها تسهيل وتثبيت المعلومة لدى الطالبة وهو غرض جيد لو استعمل في محلة ولكن، ما حدث هو العكس تماماً، فقد طارت المعلومة قبل أن تصاد أو تخترق ذهن الطالبة لتستقر فيه، وأصبحت الأرضية الذهنية لطالبتنا العزيزة خالية تماماً من أي معلومة، بهذه الورقة ومن خلالها أصيب ((التطبيق)) وهو الخطوة الأكثر إيجابية وفاعلية لأي درس تعليمي بالشلل التام. كيف لا؟ وهو المقياس الذي يعتمد عليه فهم واستعاب الطالبة وهذا لا يخفى على أهل العلم والدراية. وقد تقول قائلة إن ورقة العمل هي التطبيق، فأجيبها : هي كذلك لو حققت الهدف المرجو منها. لكن طالبة العلم اليوم- وبكل أسف وحزن أقولها لم تعد ترغب في العلم والتعلم! هي تريد أسئلة محلولة لتحفظها حفظا، وتسكبها بعد ذلك سكباً على ورقة الإجابة الامتحانية، لتخرج بعدها مزهوة بالفوز والنجاح. هذا بالضبط ما تريده طالبة اليوم، وليعلم الجميع بأني لست ضد هذه الورقة لكنني ضد تهميش الكتاب المدرسي، ضد تغييب العقل وإعطائه إجازة، ضد الاتكالية والاستسهالية ، فنحن في حاجة الى عقول واعية تحب البحث والسؤال والدقة والمعلومة، لكنا لسنا في حاجة أبداً الى العقول الجامدة المبرمجة، لا نريد عقولاً تتحرك بالرموت كنترول، اعلمي يابنيتي أن العلم لا يأتي الا بالتعلم فأينك من قول الشاعر:- والعلم ليس ينال إلا فوق جسر من تعب وأينك من قول معلم البشرية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقاً الى العلم سهل الله له به طريقاً الى الجنة) العلم بابنيتي بحر واسع عميق ذو لجج، يحتاج منك الى الصبر والمجاهدة، وطول النفس، وبذل الجهد. ولك أن تتخيلي عزيزتي أن جيلاً سيتخرج بهذه الحصيلة العلمية الضعيفة والناقصة كيف يكون حاله؟ وما هو مآله؟! هو بلا شك جيل عاجز مقعد يتكئ على عصا!! وأخيراً. اعلمي يا ابنتي بأني ما كتبت هذه الكلمات إلا حباً بك، وحرصاً عليك، لتأخذي وضعك بين المجتمعات لتكوني قوية بدينك، بعلمك، تجيدين الحوار والنقاش العلمي الهادف، نريد أن نفتخر بك فكوني كذلك، احترمي أمانة التعليم من داخلك لأنك ستسألين عنها. ولا تتباهي بحصولك على شهادة عليا لا تعرفين منها غير اسمها.