بقدر ما فُجع العالم الإسلامي بفقدان قائد فذّ وجندي مخلص لدينه وأمته، وبقدر ما فجع أبناء هذا الوطن في ولي العهد الأمين المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وخلفه في عقبه وأهله ووطنه بخير، بقدر ما سكنت النفوس واطمأنت يوم تولى زمام القيادة رجل المهمات الصعبة، رجل المواقف والإدارة، رجل بأمة، سلمان بن عبدالعزيز، فنسأل الله للسلف الرحمة والمغفرة والرضوان، ونسأله سبحانه للخلف العون والسداد والتوفيق والتمكين. لقد كان نايف بن عبدالعزيز رحمه الله صمام أمان وقوة وسيف أمن وسلام، اتسم بالحكمة والحزم والرحمة والقدرة على إدراك الأحداث وما وراء الأحداث، والاستقلالية في معالجة الأمور، والتفرد في حل المشكلات برؤية واضحة ومنهج يمكن وصفه بالسهل الممتنع، فبالرغم من كل الأحداث الجسام التي مرت بها المنطقة وبشكل خاص في الثلاثة عقود الأخيرة بدءاً من حرب العراق وإيران وانتهاء بأحداث سوريا كانت سفينة الأمن والأمان في هذا البلد تسير بثقة وثبات وتطوّر ايجابي بفضل من الله ومنّة، ثم بفضل قيادة أمنية وسياسية حكيمة رُبانها الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله. ومن السمات التي تنفرد به شخصية القائد نايف بن عبدالعزيز رحمه الله ذلك الذكاء الفطري الذي صقلته خبرةٌ اكتسبها من قائد من عظماء قادة العالم في العصر الحديث الملك عبدالعزيز يرحمه الله ، ومن ملازمته لرجال عظام كالملك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله - رحمة الله على من قضى نحبه منهم، وأمدّ الله لنا في عمر خادم الحرمين الملك عبدالله وألبسه لباس الصحة والعافية - كما أسهمت الأحداث التي عاصرها وعايشها الأمير نايف جندياً عند والده ومساعداً لإخوانه وقائداً في ميدانه كلها جعلت من الأمير البطل نايف بن عبدالعزيز قائداً فذاً وشخصية شامخة كستها حلة الأخلاق العالية، والتواضع الجم الذي دوما يبهر به نايف المقربين منه قبل البعيدين، والمخالفين قبل الموافقين. وباختصار لم يكن الأمير نايف رجلاً عادياً بل كان قائداً ومصلحاً وقدوة لمن يأتي بعده، وأنموذجاً يحتذى به في عالم القيادة والإدارة والسياسة. ولعل من نعم الله على هذه البلاد أن هيأ لها رجالاً نذروا أنفسهم لخدمتها والذود عنها، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل رفعة الوطن ورياديته، صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب سلمان بن عبدالعزيز أنموذجاً متفرداً بكل ما تحويه كلمة التفرد من معنى، تسلم الراية بعد أخيه المغفور له بإذن الله نايف بن عبدالعزيز، فاستقرت الأفئدة بعد أن شعرت بأن ملء الفراغ الذي تركه نايف بن عبدالعزيز ليس بالأمر الهين. إن تسلُّم سلمان للراية بعد أخيه نايف هو نعمة من النعم على هذه البلاد، وهو مزيد من الأمان والأمان اللذين يشكلان هاجساً لكل مواطن عربي وسعودي في ظل هذه التغييرات المتسارعة وغير المتوقعة والتي لا يعلم ما تؤول إليه إلا الله سبحانه وتعالى. فالبيت الداخلي الذي أثبتت الأحداث الماضية وحدته وقوته وثقته في قادته سوف يحظى بمزيد من الدعم والتعزيز، وعلى خطى أسلافه رحمهم الله لن يكون في الداخل مكان للذين يحملون أجندات خاصة أو ولاءات خارجية ، وبإذن الله سوف يكون لكثير من القضايا ذات الصلة بأمن وراحة الموطنين مزيد من العناية والاهتمام. وداعاً نايف إلى جنات الخلود مع إخوانك وأجدادك الأبطال، ونشهد الله لقد كنتم نعم القائد ونعم المواطن، ونعم المعين على نوائب الدهر، وضربتم الأمثلة الرائدة في الأمانة والإخلاص والقدوة الحسنة، وأهلا بسلمان العدل وسلمان الوفاء والعطاء وسلمان الإدارة والقيادة، أهلا سلمان فقد خبرناك في كل مكان تقوده تحدث فيه نقلة نوعية متميزة، نسأل الله لهذا الوطن التوفيق والسداد في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين سلمان بن عبدالعزيز.