لازلنا نعيش أجواء الحزن لرحيل الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله، الأمر لدينا خارج إطار رحيل مسئول فقط، وإنما فقيد وطن بكل ما تعنيه الكلمة، تحولت وسائل الإعلام المحلية والدولية للحديث والحديث عن فقدان رجل نجح في خلق مفهوم الأمن والأمان بالحب وليس بالجبروت، باللين وليس بالقسوة، جسد صورة اخرى لمن يتولون منصب وزير الداخلية في الدول الاخرى وعلى مر الأزمان، فقدانه رسم هذه الصورة، الحزن الصادق لفراقه كان القاسم المشترك الأهم والوحيد في لغة تحاورنا وآفاق نظرنا. تتفاجأ بأن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز على مدار توليه اكبر المناصب، آثر اخفاء الكثير والكثير من إعلان أو إظهار المحاسن والمناقب وأعمال الخير عن اجهزة الإعلام التي كان سموه يرحمه الله يبذلها بالسر، وكشفها الكثيرون بعد رحيله كنوع من البِر له وتبيان الجانب الآخر من شخصيته الفذة. بالإمكان ان تستجمع الكثير من الكلمات لتكتب عن رثاء شخص ما، ولكن من الصعوبة ان تكون كلماتك بمستوى رثاء رجل الأمن والأمان، رجل الانسانية والنماء، الرجل المواطن الصالح قبل ان يكون المسئول، عندما تتابع حالة الرثاء فضائيا وعبر الأثير وعبر الاعلام المكتوب تجد نفسك تعيش حزنا اعمق واعمق، لان العظماء في حياتنا فقدهم مؤلم ولا يعوض مهما حاولنا، عندما تستمع للمناقب العديدة للراحل نايف بن عبدالعزيز تجدك تعيش حالة من الوجل لان هناك عظماء تهمهم الاعمال ولا تحركهم المظاهر الاخرى، ونايف بن عبدالعزيز واحد منهم، فقدناه، نعم بدون رياء او نفاق او تفسيرات أخرى لحجم الفقد، كون رحيله فقدا لوطن وفقدا لإنسانية من النادر ان تجد مثيلا لها في زمننا. احد الاصدقاء غير السعوديين ومن البعيدين عن معرفة التفاصيل الداخلية لعلاقتنا مع القيادة، بادرني باستفهام عريض عن السر للكثير من السعوديين الذين استبدلوا صورهم بالمواقع الاجتماعية (فيس بوك وتويتر) بصور للراحل الأمير نايف وهل لهذا الأمر علاقة بفرض أو إجبار معين او حتى لأهداف دنيوية متنوعة، فكانت اجابتي لاستفهامه الكبير بكلمة "انه الحب الصادق والوفاء"، وهذا الأمر الذي عرفه عنا نايف بن عبدالعزيز يوم كان معنا وحتى بعد رحيله. فالمتتبع لوسائل الإعلام خلال الاسبوع الماضي يجد ان الحدث الأهم والأبرز رحيل سموه الكريم، وزاد هذا الرحيل ألما انه كشف عن جوانب متعددة في شخصية الأمير نايف تمثلت بإضاءات تشع نورا بصورة مباشرة، عنوانها انساني ومحتواها بالغ الرقي في علاقة الإنسان المواطن المسئول بأبنائه واخوانه المواطنين، ولا نبالغ ان نقول ان ما زرعه سموه خلال عمله الكبير كمسئول في هذا الوطن كان له التأثير المحزن للجميع عندما تفاجأنا بخبر الرحيل. الإنسانية المفعمة بالخير والعطاء والمسئولة عن توفير الأمن والأمان من الخصال الحميدة التي تتوفر بالراحل، ونقلها الإعلام بمختلف وسائله بمصداقية، فشاهدنا رحلة من العطاء التي فجعنا بتوقفها، وعزاؤنا الوحيد اننا ولله الحمد رزقنا بخير خلف لخير سلف، وهم من النعم التي وهبنا إياها الخالق عز وجل، فهنيئا لنا بالأمير سلمان بن عبدالعزيز وليً للعهد والأمير أحمد بن عبدالعزيز وزيرا للداخلية.