لا يمكن لأي مجتمع على وجه الأرض أن يحقق تنمية مستدامة بدون الأعمال اليدوية.. فمهما تطورت الآلات فلن تكون أكثر تطوراً من المخ البشري الذي اخترع هذه الآلات.. (المخ المعجزة) الذي خلقه الله جل وعزّ وفضّل به بني آدم على بقية المخلوقات حتى سادها جميعاً.. واليد طوع المخ وتتحرك بأمره، لذلك كانت - وستظل الأشياء المصنوعة يدوياً - هي الأجمل والأكثر أصالة.. ولنا في ناسج السجاد عبرة.. فالسجاد المنسوج يدوياً بصبر وإتقان لا يزيده الزمن إلا جمالاً وأصالة وارتفاعاً في الثمن، وكذلك لوحات كبار الفنانين.. * في حياتنا اليومية العمل اليدوي أساسي كالطعام والشراب، وأي مجتمع لا يحترم الحرف اليدوية ويُقدِّر أصحابها هو مجتمع متخلِّف ومهما تكن موارده الآنية كثيرة فلن تودي به سوى للترف والخمول والخمود والخروج من دائرة المجتمعات المنتجة.. * وديننا الإسلامي الحنيف يحترم الحرف اليدوية، ويرفع من شأن أصحابها وقد صافح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً فوجد يده خشنة من آثار العمل فقال: (هذه يد يحبها الله ورسوله). واعتبر عمل اليد أفضل الكسب.. * وأنبياء الله كانوا يعملون بأيديهم: فنوح كان نجاراً، وادريس خياطاً، وداود حداداً، وعلماؤنا وكثير من سلفنا الصالح كانوا يعملون بأيديهم حتى سموا بحرفهم كالخراز والجزار والزجاج والقفال والدباغ والصباغ والنحاس والبزار والنجار ويندر أن تجد حرفة يدوية لا تحمل عائلة مسلمة اسمها جيلاً بعد جيل.. * مع تدفق النفط على المملكة - وهو نعمة عظمى من الله - زهد كثيرون في الحرف اليدوية رغم تقدم العدد المساعدة للعمل اليدوي وتضاعف دخله، ولانوا واستكانوا للعمل المكتبي ولو كان بأجر زهيد وتركوا مناجم الذهب للوافدين، فالحداد والكهربائي والسباك ومصلح السيارات والآلات يكسب الواحد منهم عشرة أضعاف راتب الموظف العادي مع تحسن ظروف المهنة إلى آخر حد ووجود مؤسسة تدرب الفنيين السعوديين في كل مجال.. الخلاصة لا تنمية مستدامة بلا حرف يدوية..