حقق صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- المعادلة الصعبة في إيجاد مقومات راسخة ومتينة للنجاح، فكان رجل الحكمة والقرار السليم، وكان الشخصية القيادية التي جمعت بين الحزم المدروس والإنسانية المطلقة، التي تأتي من الخلفية الدينية القوية لديه، فاستطاع أن ينجح وأن يخرج من جميع المعارك السياسية التي خاضها كفارس المعركة الأول، لكنه في مقابل ذلك لم يدفعه طعم النجاح أن ينسى ويتخلى عن مفاهيم إنسانيته التي جعلت منه الرجل الأول كوزير داخلية بحجم فكره ورؤيته ونظرته الثاقبة للأمور. إن مسيرة النجاح التي بناها "فقيد الوطن" -رحمه الله- خلقت حصناً حصيناً وعالياً لا يمكن اختراقه أبداً، فمن الصعب جدا إدراك جميع أسرار مقومات النجاح لديه؛ لأن نجاحه لم يحقق المفهوم العادي للتميز والغلبة والوصول إلى الأهداف المرجوة فقط، بل كان نجاح الرجل الاستثنائي الذي قاد الوطن بثقل الرجل المحنك والقرار الذي يتخذه دون رجعة فيه، حتى تحولت قناعاته إلى إيمان عميق بوضع سياسة راسخة أسهمت في أن تتحول المملكة إلى الوطن الذي لا يهتز ولا يمكن اختراقها حتى من الداخل. الأمير نايف «فارس استثنائي» قاد الوطن بقوة الرجل المحنك ومسؤولية القرار دون رجعة فيه تجربة فريدة وأكد "د.طلال ضاحي" -رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى- على أن مقومات النجاح في شخصية الأمير نايف -رحمه الله- تنطلق من سببين؛ الأول يكمن في كونه بدأ من منطلقات واضحة قوامها أن شرعية الحكم في المملكة تنطلق من تطبيقها للكتاب والسنة، وهذه حقيقة لا تقبل الجدل على الإطلاق، ثانياً كان إيمانه الراسخ أن الملف الأمني ملف لا يمكن التعاطي معه إلاّ من خلال المعطيات والثقافة الاجتماعية، لذلك ركز كثيراً على الأمن الفكري من منطلقه، وهذا ما جعل تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب تجربة ناضجة جعلت الكثير من دول العالم تحاول أن تتعرف عليها وعلى منطلقاتها، مشيرا إلى انشغال مجلس الشورى بأكثر من وفد كانوا يأتون للتعرف على تجربة المملكة في ذلك الجانب مما يؤكد النجاح، موضحاً أن سياسته ستبقى دائماً ركيز التعاطي مع القضايا التي كانت تشغله؛ والسبب أن هذه الإستراتيجية لم توضع وتأتي بمحض الصدفة، بل جاءت أولاً نتيجة الخبرة التراكمية للأمير نايف، كما أنه استطاع بعبقريته أن يقنع كل من يعمل معه بتلك الإستراتيجية. ..وهنا مترئساً اجتماع وزراء الداخلية العرب ثقل كبير ورأى "د.عبدالرحمن العطوي" -عضو في لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى- أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- تميز بشخصية مختلفة خالف بها الكثير من الوزراء في منطلقاته الأمنية، فهو شخصية تُحكم شرع الله في تعاملته مع قضايا مختلفة، لذلك تميزت معالجاته بمنطلقاته الشرعية التي كان يستخدم فيها الحكمة والروية ومراعاة المصلحة العامة، حتى وإن كانت غير منظورة للمتابعين، لكنه برؤية ثاقبة وبُعد نظر نجح نجاحات كبيرة جدا في كثير من القضايا الصعبة والمشكلات التي عانت منها دول العالم، مشيراً إلى أن شخصية الأمير نايف -رحمه الله- جعلت لها ثقلا كبيرا بين الدول، وذلك حقق له الكثير من مقومات النجاح؛ لأنه رجل صاحب ديانة قوية ولا يتعامل مع القضايا إلاّ من منطلق الشرعي الديني، لذلك كانت قضايا الإرهاب ونجاحه فيها سبباً لأن ينبهر العالم به، ذاكراً أن مرتكز الإرهاب لديه يكمن في الحراك الفكري، وفي تحليلاته الكثير من المواقف التي يصرح فيها بأن السبب الرئيس خلف الإرهاب هو الفكر، لذلك استطاع أن ينجح من خلال فكره ورؤيته التي يعتمد فيها على العمق، حيث رأى أن الأمن ملك للجميع، وهذه القضية ساعدت على نجاحه في الكثير من القضايا، فسعى لأن يكون لوزارة التربية والتعليم دور فيها وللقضاء وأشرك الإعلام والمفكرين وجند القوى الأمنية للدفاع عن المواطن والوطن. الفقيد يرعى مسابقة الأمير نايف لحفظ الحديث النبوي منهج واضح وأكد "د.العطوي" على أن ما أسسه من فكر سيبقى ليحقق النجاح لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية حتى بعد وفاته؛ لأنه لم يكن يعتمد على معالجات شخصية، وإنما هي تأسيس ومنطلقات تسير عليها هذه الوزارة وسمو نائبه وبقية الوزراء الذي يتمسكون بمنهج واضح في القضايا الأمنية في مختلف جوانبها وأشكالها، فوضع القواعد الراسخة التي يسير عليها الجميع حتى إن كان غير موجود، ولذلك ستكون هذه الوزارة على هدى وإلى مزيد من المعالجة في القضايا الأمنية التي تكلل بذات النجاح الذي كان عليه الفقيد. سموه قريب من مشاكل المواطنين وأوضح "د.ناصر الميمان" -عضو مجلس الشورى في لجنة الشؤون الخارجية- أن من أهم مقومات النجاح لدى "فقيد الوطن" اعتزازه بالعقيدة الإسلامية، والتأكيد على الالتزام بها، وكون هذا المبدأ لديه دراساته الأولية التي تلقاها على أيدي العلماء والمشايخ، فكان دائماً ينطلق من ذلك المنهج وعلى هذا الأساس الذي بنى عليه الكثير من المواقف، فشكلت شخصية المملكة والسياسة الخارجية، فحتى حينما يكون ممثلاً للمملكة في الخارج فإنه يعتز بعروبته وإسلامه، مضيفاً: "لنا أن نتصور انعكاس هذا الأساس على جميع النواحي المختلفة سواء كانت الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية"، مشيراً إلى وجود الثبات في شخصيته على الرأي وعدم التزعزع عنه حينما يثبت له بأنه الحق، فلا يقبل بأي مساومة في أي حال من الأحوال، بل ولا يترك الحق الذي اتضح له أمام أي مغريات. الأمير نايف يلتقي أحد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة معادلة توازن وذكر "د.الميمان" أن الصور المشرقة لتلك النجاحات برزت في قيادته الأمنية للمملكة، والتي جعلته يتعدى حدود الجغرافيا ويقود الأمن في دول العرب، حتى أصبح رئيسا فخريا وصاحب الكلمة الأولى أمام وزراء الداخلية العرب، حتى كان الأب الروحي لهم، فلا يصدرون شيئا إلاّ من خلال توجهاته وآرائه، لافتاً إلى أن محاربته للإرهاب بشتى الأساليب عمقت من ذلك النجاح، حيث جنّب المملكة الوقوع فيه، بل وقضى على تلك الفتنة في بدايات الطريق، واستخدم مع الإرهابيين جميع الأساليب العقلية والحوار والمناصحة والقوة لمواجهة ذلك الخطر، وقد نجح في ذلك، مؤكداً على أن المملكة كانت محمية من خطر الإرهاب في الوقت الذي تعرضت إليه أكبر دول العالم وهي أوروبا والشرق. واتفق معه "د.زهير فهد الحارثي" -عضو مجلس الشورى في لجنة الشؤون الخارجية- والذي يرى بأن مقومات النجاح كثيرة في شخصية الأمير نايف ولها أبعاد عدة وتستند على رصيد وخبرة متراكمة عبر العمل الإداري والأمني، فالبعد الفكري لديه كان عميقا وكبيرا وكان يرتكز على جانبين؛ الأول ترسيخ مفهوم الأمن والأمان في البلاد، والثاني مواجهة الأفكار الدخيلة والتطرف والإرهاب، فحقق معادلة لمواجهة هذه المخاطر وهي معادلة تحمل التوازن بين الحل الأمني والفكري، مضيفاً أن فكر الأمير نايف -رحمه الله- استطاع أن يرسخ مفهوما جديدا لمواجهة المخاطر التي تعرضت لها البلاد، مشيراً إلى أنه يحسب له أنه حمى البلاد في أوقات عصيبة شهدتها هذه البلاد، فوجود خلايا إرهابية مست الأمن وتسببت في الكثير من القلق والإزعاج للمواطنين، إلا أن حزم وحنكة الأمير نايف استطاعت أن تخرج البلاد إلى بر الأمان. د.طلال ضاحي مهمة صعبة وأكد "د.الحارثي" على أن المهمة ستكون صعبة جداًّ بعد الأمير نايف -رحمه الله-؛ لأنه أحد ركائز الدولة الحديثة، وشخصية فريدة، ولها جوانب متعددة، فلم يكن يحصر اهتمامه في ملف واحد، بل كانت له ملفات عديدة، ولعب دورا محوريا في مسألة التنمية ومسألة الارتقاء بالعمل الحكومي وغيرها من الملفات، مضيفاً أن فكر الأمير نايف وسياسته التي وضعها ستسير عليها الوزارة من بعده، وسترسخ هذا المنهج الأمني الذي استطاع أن يؤكده، فمواقفه العديدة سواء مواقفه الإنسانية المتعددة والمتمثلة في عدة لجان وهيئات تقوم بالإغاثة والعمل الخيري، تكشف جوانب أخرى في شخصيته، قد لا نكون نعرفها عنه، فليس العمل الأمني الذي أبدع فيه، بل جوانب عديدة ساهمت بظهور الأمير نايف وتأثيره في القرار السياسي لترسيخ مفهوم الأمن في البلد، والاهتمام بقضايا المواطن، مشيراً إلى أن دور الأمير نايف لا يمكن أن نغفله، بدليل أن المملكة وصلت إلى مصاف الدول المتقدمة بفعل تواجده إلى جانب خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لتحقيق تطلعات المواطنين. د.عبدالرحمن العطوي د.ناصر الميمان د.زهير الحارثي