شدّد الأمير نايف -رحمه الله- قبل وفاته بشهر تقريباً، وتحديداً خلال اجتماع لجنة الحج العليا، على الجهات المعنية بمضاعفة الجهد واستكمال الاستعدادات والتجهيزات كافة لاستقبال موسم حج هذا العام بجاهزية عالية، في سبيل تحقيق نجاحات المواسم السابقة، وما تمت ملاحظته على تنفيذ خطط الأجهزة الحكومية والأهلية المشاركة في موسم العام الماضي، متطلعاً إلى إحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات والتسهيلات التي ستقدم خلال موسم حج هذا العام، في ظل ما يحظى به موسم الحج من دعم ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وحرصه على تمكين حجاج بيت الله الحرام والزوّار والمعتمرين من أداء شعائرهم بكل يسر وسهولة وأمن واطمئنان. ويأتي إنشاء لجنة الحج المركزية انطلاقاً من استمرار منهج الحرص على مواصلة تطوير الأداء، وحسن تقديم الخدمات للحجاج خلال الفترة التي سيقضونها في المملكة لحين حلول مواعيد سفرهم وعودتهم سالمين غانمين بإذن الله إلى بلادهم، وكذلك يأتي انطلاقاً من أهمية مراجعة إجراءات واستعدادات موسم حج كل عام، والإفادة منها للاستعداد المبكر لمواجهة احتياجات ومتطلبات موسم حج هذا العام. ..وهنا خلال استقباله لقادة قوات أمن الحج ضيوف الرحمن والأمير نايف -رحمه الله- حرص أشد الحرص على راحة ضيوف الرحمن، واعتبر خدمتهم وسام شرف على صدره وعلى صدر كل مواطن، وهنا نقف إجلالاً وتقديراً مع مقولته الشهيرة: "مادام ملك البلاد خادماً للحرمين الشريفين، فكل مواطن خادم للبيتين، وهذا شرف لنا"، حيث أكد على أن الحفاظ على راحة الحجاج وسكينتهم وأمنهم هو أهم مسؤوليات المملكة، وأن السلطات لن تسمح بأي حادث أو تصرف يعكر صفو الحج، أو يعبث بأمن الحجاج وسلامتهم، مشدداً على أن أمن الحجيج من أولويات القيادة، وتواجد قوات الأمن في المشاعر لاتخاذ الاحتياطات ولتأمين سلامة الحجاج، ولدينا بإذن الله القدرة على ذلك بعد الاعتماد على الله ثم على الكفاءات البشرية التي تعمل على خدمة أمن الوطن وبيت الله الحرام وضيوفه. ..ويتفقد قطار المشاعر الجديد بمكة وجسر الجمرات أكبر مسؤولية وكان الفقيد يردد: "إن المملكة تتولى أكبر مسؤولية في العالم، وهي مسؤولية خدمة الحج والحجاج في كل عام، وخدمة الملايين من ضيوف الرحمن من جميع دول العالم"، والمتابع وضوح فكره ومنهجه -رحمه الله-، ففي كل موسم حج نلحظ التغيير والتطوير الذي يكتسي به الحج عاماً بعد آخر، فخلال العقود الثلاثة الماضية تحولت خدمة ضيوف الرحمن إلى صناعة احترافية في شتى المجالات سواء على مستوى الصعيد الأمني أو الخدمي أو التنظيمي بل حتى الفكري، ولا ننسى ثقة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في الأمير نايف -رحمه الله- عندما كلفه العام الماضي بالإشراف على الحج وعلى راحة حجيج بيت الله الحرام، وهو من زرع في الجندي أن خدمة الحجاج شرف وليست مجرد عمل، وقبل كل موسم حج بثلاثة أيام يقف على التأهب العسكري الذي ترسم فيه المملكة نهجها الصارم على خريطة حفظ أمن الحج، من خلال تلك العدة والعدد من رجال الأمن الذين أهلوا بشكل علمي لتقديم خدمة هي في أصلها إنسانية بحتة. هاجس أمني وكان يعمل -رحمه الله- بعيداً عن الأضواء؛ إذ إن الهاجس الأمني لضيوف الرحمن يتصدر أولوياته، وذلك لا يلغي النظرة الشمولية تجاه المشاعر في ظل بروز تحديات عدة على مدار الأعوام الأخيرة، وأشرف "فقيد الوطن" على جاهزية المشاعر المقدسة بنفسه من خلال جولاته الميدانية التي تبدأ بالعرض العسكري للقوات المشاركة في المناسبة، وصولاً إلى جاهزية مشاعر منى، عرفات، ومزدلفة، ودأب على حضور المؤتمر الصحافي عقب كل جولة للإجابة على كافة التساؤلات، ومن خلالها تتضح حجم المنجزات ليتم من خلالها التقييم المباشر والتطوير. وشكل الحريق الذي نشب في مخيمات منى القديمة قبل نحو (15) عاماً، بداية التحديات التي شهدتها المشاعر، الأمر الذي دفع لتحرك واسع للجنة الحج التي يرأسها، ما نتج عنه استبدال الخيام التقليدية بأخرى مقاومة للحريق، بتكلفة بلغت نحو (4.2) مليارات ريال، وفي تحول محوري جديد تابع الأمير نايف في العام 1425ه قرار البدء في تطوير جسر الجمرات إثر حادثة التدافع العشوائي التي نتج عنها ضحايا وإصابات. مواكبة التطور وعلى صعيد البناء في مشعر منى في العام 1418ه قال الأمير نايف -رحمه الله-: "إن هذا المشروع نال اهتمام الدولة وسيؤتي ثماره في الأعوام المقبلة، وسيجعل التنظيم أكثر، وعليه فإن التوجيهات صدرت بأن تخلى منى من جميع الإدارات الحكومية". وجاء مشروع قطار المشاعر خطوة لتسهيل تأدية المناسك وتطويرها مواكبة للتطور الذي يشهده العالم، فوقف الأمير نايف بنفسه على مراحل تنفيذ المشروع، وقال أثناء جولة تفقدية: "خادم الحرمين هو قائدنا في هذه المشروعات، وكل مواطن هو خادم للحرمين، الذي يعد مصدر فخر للجميع، نرجو أن يكون من المشروعات التي تؤدي خدمة في تنقلات الحجاج بما يكفل سلامتهم وراحتهم إن شاء الله". أبحاث الحج وحرصاً من الأمير نايف -رحمه الله- على راحة الحجيج اعتمد لائحة مساكن ضيوف الرحمن التي جعلت من أولوياتها تقديم أرقى الخدمات لهم، وفرض ضمانات بنكية لمعالجة أي قصور في نقص الخدمات والتجهيزات في مقار إقامتهم، وسخّر الأمير نايف معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج للإفادة من الدراسات المقدمة، وقال: "هناك إفادة من المعهد والذي يتطور، بحيث إنه أسهم في حل بعض المشاكل والأمور التي تحدث في الموسم، ومثلما نهتم بالتنفيذ في أعمال الحج، فإننا نهتم أن تكون أعمالنا مبنية على دراسات علمية معتمدة، إن ترتيبات الحج لم تكن يوماً ارتجالية، بل كانت نتيجة دراسات أعدها رجال على مستوى عال من القدرة والخبرة.