التضخم جزء من حياتنا ، وأصبح ظاهرة يومية اعتدنا عليها ، وأصبحنا لا نفاجأ حين يتغير السعر من شهر إلى شهر بل من يوم إلى آخر ، وأسباب التضخم عالمية ومحلية ، وقد تميز النصف الثاني من القرن العشرين في أوروبا والولايات المتحدة بزيادة سنوية مطردة في الأسعار ، خاصة حين تم ربط الأجور بزيادة الأسعار ، فأصبحت هناك دورة جهنمية يستحيل التحكم فيها ، ولإعطائك مثلا واحدا يكفي في حد ذاته ، فالسيارة التي اشتريتها عام 1960 بمبلغ عشرين ألف ريال ، أصبحت الآن تباع بستمائة ألف ريال ، وإذا كانت هناك أسباب خارجية للتضخم ، فهناك أيضا أسباب داخلية ، وأهمها زيادة تكلفة السكن وإيجاراته ، فمنذ نصف قرن كان بوسع الإنسان أن يبني فيلا متوسطة بمبلغ 120 ألف ريال ، أما الآن فأصبحت هذه الفيلا تكلف أكثر من مليون ريال ، هذا غير تكلفة الأرض التي ارتفعت أسعارها ارتفاعا فلكيا ، وصدق أو لا تصدق كانت الأرض التي تبلغ مساحتها ثلاثة آلاف متر تكلف قبل نصف قرن عشرة آلاف ريال أما الآن فالسعر لا يقل عن مليون ريال ، وسعر الأرض هو الآخر يرتفع من يوم إلى يوم ، ويرتفع معه بالطبع سعر البناء ، ولهذا قال المستشار الاقتصادي فادي العجاجي في صحيفة الرياض العدد الصادر في 5 يونيو 2012 " إن ثلثي التضخم ناتج عن ارتفاع السلع والخدمات المحلية ، لاسيما مجموعة السكن وتوابعها التي بدأت النزعة التضخمية فيها بالظهور مجددا ، حيث ارتفع معدل التضخم السنوي في هذه المجموعة من 9ر8% في شهر مارس إلى 2ر9% في شهر ابريل الماضي ، لذا قررت الدولة إنشاء 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة 250 مليار ريال " وإذا كان ثلثا التضخم ناتج من ارتفاع السلع ، فإن الثلث الباقي ناتج من جشع التجار ، وهذا ما يجب على الدولة أن تراقبه..