لا توجد سوق بدون مضاربة ومضاربين وإلاَّ تجمدت كالقطب الشمالي في عزّ الشتاء إذ تختفي الشمس.. وسوق الأسهم من أعمدة التنمية المستدامة، لأن السوق توجه (الموارد النادرة للقطاعات المنتجة) والأموال - مهما تكاثرت تظل موارد نادرة ينبغي توجيهها للقطاعات المنتجة المدرة للدخل باستمرار والتي توفر فرص عمل نامية وتسهم في نقل التقنية وتعزيز القدرة الإدارية لدى المواطنين بل وحتى تعديل مناهج التعليم بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل وينبني (الإنسان المنتج) القادر على العمل والعيش في أي بلد رشيد، فالثروة الورقية تنتهي، أما الذاتية فإنها تستمر.. * نعود إلى (المضاربة) ودورها الرئيسي في قيام وتطور الأسواق المالية، إن كل سوق مالية تقوم - في الأساس - على الاصدارات الأولية من اكتتابات أسهم أو طرح سندات وصكوك توفر التمويل طويل الأجل للمنتجين، فلولا وجود المضاربين الذين يوفرون السيولة لمن يريد الخروج لتوقفت أو كادت الطروحات الأولية وتجمد السوق وتوقف محرك النمو.. * لكن المضاربة نوعان: سليمة.. وسقيمة.. الأولى تقوم على منهج أساسي يعتمد على مقارنة عوائد الشركات ومدى كفاءة إداراتها وآفاق نموها، بحيث يبيع المضاربون أسهم الشركات التي بدأت تسوء أحوالها وينتقلون للتي أفضل منها.. هذا نوع سليم وصحي من المضاربة لأنه يجعل السوق أقرب للعدل والكفاءة ويسهم في تحسين وتطوير إدارة الشركات برفع أسهم الشركات ذات الادارة الكفء وخفض أسهم الشركات التي إدارتها ابتدأت تسوء أو تضعف أو تتلاعب، هنا تصبح السوق (جامعة إدارية رائعة) لا تمنح شهاداتها إلا للأكفاء وتكشف الادارات السيئة وتخسف بأسهمها فيهيج الملاك على مجلس الإدارة ويغيرونه بالأفضل وفي هذا فوائد تعم الجميع، والمضارب هنا يشتري شركة ويُضارب بعقلية المستثمر (على وطية ثابتة). * أما المضاربة السقيمة فتعتمد على مقولة (اشتر مضارباً لا شركة) فينهال المضاربون على أي سهم يرتفع ويواصل ولو كانت أساسياته تثبت أنه لا يسوى نصف ثمنه، هنا تفقد السوق العدل والكفاءة لأن كثيراً من المضاربين يبيعون الشركات الجيدة بأبخس الأثمان ليشتروا الشركات الرديئة بأغلى الأثمان فيربح - غالباً - المضارب الرئيسي ويخسر خلق كثيرون يتعلقون على المشانق.. والأهم أن السوق تفقد العدل والكفاءة..