والمقصود بساهر ذلك المشروع المروري البعبع الذي جعل الناس تمشي الهوينا على (بعض) طرقات بلادنا. طيب ولماذا الأرانب مش البني آدميين؟ الذي دفعني لحشر الأرنب ذلك القارض الرقيق الخجول هو تذكّري لفيلم كرتون شاهدته صغيراً وبقي في ذهني حتى هذه اللحظة. الفيلم من إنتاج عالم "وايت ديزني" تدور قصّته حول سباق للركض بين سلحفاة عجوز وأرنب شقيّ نشيط وقوي. انطلق المتسابقان وسط صيحات الجماهير التي ترى عدم تكافؤ بينهما وهذا ما دفع بالأرنب إلى التعالي على منافسته والتقليل من شأنها. السلحفاة أخذت الأمر بكل جديّة بينما الأرنب استهتر في كل خطوة قام بها. لقد انشغلت السلحفاة تماما بالسباق والدأب للوصول إلى الهدف "خط النهاية". الأرنب كان يمر من منافسته السلحفاة كالعاصفة في سرعته ثم يقف بعيداً ليضحك عليها في دبيبها. من شدّة استهتار الأرنب بمنافسته أنه كان يتعمّد الاسترخاء على جانبي طريق السباق لتناول الجزر بكل تلذذ ليُفاجأ بأن السلحفاة قد تجاوزته فيقوم كالمجنون باللحاق بها بكل سرعة. فوجئ من كان عند خط النهاية بقدوم السلحفاة من بعيد وهي تدب دبيباً ولا أثر للأرنب. في الأخير قطعت السلحفاة شريط خط الوصول قبل الأرنب فجن جنونه. القصة لها دلالات واضحة لن أفنّدها فليس هذا هدفي هنا. من يريد مشاهدة مثل هذا السباق ما عليه إلا أن يسلك أحد الطرق البرية الطويلة في بلادنا. وليُسقط مسلك السلحفاة على الشاحنات الكبيرة التي تسير بطيئاً، أما الأرنب فيتمثل في السيارات الصغيرة المزركشة التي يقودها الشبّان. الشاحنات تدب في مسيرها لكن بتواتر وتواصل. السيارات الصغيرة تكاد تطير عن الأرض من فرط سرعتها لكن توقفات سائقيها متعددة. مرّة لدى محطات الوقود وأخرى لقضاء الحاجة وثالثة للتفرّج على حادث صادف وقوعه على خط السفر ورابعة لشراء مُسليات (فصفص وتوابعه). في كل توقف من هذه التوقفات مهما كانت قصيرة الزمن لابد أن تمر الشاحنات ذاتها في مسيرتها الدؤوبة. في نهاية الرحلة قد يصل الجميع في ذات الوقت إن لم تصل الشاحنات البطيئة قبلا في حال وقعت السيارات الصغيرة في إحدى كمائن ساهر البشري (دوريات أمن الطرق). أخيراً أود أن أُذكّر بالوقت المتوفر أثناء السفر. التوفير في الوقت لقطع مسافة 100 كيلو متر بين سرعة 120 كلم/ س (السرعة القانونية) وبين سرعة 160 هي 12 دقيقة ولسرعة 180كلم/ س هي 16 دقيقة. هل هذه الدقائق تستحق أن يغامر الإنسان بحياته من أجلها؟