في قصة السباق الشهير بين الأرنب والسلحفاة تتحقق المفاجأة حين تفوز الأخيرة... والمفاجأة هي ما يعطي القصة طعماً مختلفاً، لأن المنطق يقول بخلاف ذلك، تحدد القصة أسباب الفوز بدلع الأرنب وتمهله في صورة من صور عدم احترام المنافس، في أفلام الكرتون التي استثمرت هذه القصة يظهر الأرنب بعد قطعه شوطاً لا بأس به من السباق متوقفاً في مطعم يأكل جزرة، أو مقهى يتلذذ بكوب قهوة بعد الركض، وقد يزور جدته على الطريق، ومعه «دربيل» ينظر إلى الأفق المقفر، المساحة رحبة فمتى ستصل سلحفاة!. لكن تخيل معي لو أن السلحفاة لديها ثروة ما، وقررت الاستفادة من إمكانات الأرنب في سرعة القفز والجري، خمنت انه القوي الأمين و«لهلوب، يجي منه»، ثم وقعت عقد شراكة معه، العقد ينص على استثمار الإمكانات والمرونة الأرنبية بما يحقق الفائدة للطرفين، لن يستغرب لو سلمته السلحفاة الخيط والمخيط وقنعت بالقيلولة، لكنها بحكم إمكاناتها الزاحفة لن تعرف ماذا سيفعل الأرنب. القصة «العربية» لشراكة القطاع الخاص مع القطاع العام تشبه قصة الأرنب والسلحفاة، حتى يخيل لي أن أول من صاغها وكتبها بنهايتها تلك أي انتصار السلحفاة في النهاية، كان هو أول من فكر بالخصخصة على الطريقة العربية المنتهية باستباحة حقوق المستهلك خاصة في الخدمات، فالمتضرر من الأرنب يقدم شكوى للسلحفاة، ويمكنك تخمين النتيجة. الأجهزة الحكومية البيروقراطية تشبه السلحفاة في حين يقفز القطاع الخاص مثل أرنب يقرض الجزرة تلو الجزرة، وخذ مثلاً على سرعة الاستجابة في قضية بسيطة جداً جداً، مثل رسوم خدمة المطاعم التي فرضتها الأرانب منذ سنوات «بدون احم ولا دستور»، بعد هذه السنوات، قررت السلحفاة إيقافها، وهو ما يعني قناعة تامة بعدم صحة الفرض أساساً، لكنها لا تستطيع عمل ذلك إلا على طريقتها البطيئة، في المقابل انظر لسرعة الأرنب أو الغرفة التجارية «بجدة»، في الاعتراض قبل أن يجف حبر قرار إيقاف تلك الرسوم مع مهلة شهرين كاملين. لا يمكن للسلحفاة أن تسبق الأرنب ولا يمكن لها مراقبته، الإمكانات مختلفة، السلحفاة لا تفوز في السباق إلا في قصص الأطفال المصورة. www.asuwayed.com twitter |@asuwayed