حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير في خطبة الجمعة أمس من الانشغال بنشر المعايب, وإظهار المثالب, وتتبع العثرات والسقطات, والكذب على الناس وذمهم, وتشويه سمعتهم لأجل حظوظ النفس الأمارة بالسوء, داعيا إلى حسن الظن ولم الشمل وتوحيد الجماعة بالحلم عن السفيه, والسكوت عن الجاهل, والعفو والإغضاء. وقال فضيلته : كلام المرء يترجم عن مجهوله, ويبرهن عن محصوله, واللسان معيار أطاشه الجهل, وأرجحه العقل, وآفة القول ترك العدل, "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى", "اعدلوا هو أقرب للتقوى", فاعدل وإن أبغضت, وأنصف وإن سخطت, ولا تكن ممن إذا غاب عاب, وإذا حضر اغتاب, وأكثر في السباب واشتد بالعتاب, والجليل من أصلح لسانه, وأقصر من عنانه, ولم يحمله البغض على الكذب والافتراء, ولم يدفعه السخط على الاعتداء, فالاستطالة لسان جهالة والبهتان ملاذ السفهاء, والتشفي بالكذب دأب الفسقة, والإساءة بالتهم المفتعلة, والقوادح المخترعة سبيل أهل الفجور, ومن انقاد للطبع اللئيم, وغلب عليه الخلق الذميم استطال في أعراض مناوئيه, واستباح الكذب والزور لإقصاء منافسيه, وتصغير أقرانه ومخالفيه, ووسمهم بقبائح يخترعها عليه, وفضائح ينسبها إليه, وربما سلط عليه من يشهر سيف القدح ضده, ومن لاح غدره وظهر مكره, وأجزل المدح لمقربه ومعطيه, وأسدل الستر على مقادحه ومساويه, فإذا انقطع العطاء انقطع الوفاء, فانقلب المدح قدحا والستر فضحا, والثناء طعنا, والدعاء لعنا " فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون". وأضاف: يكثر القدح بين الأقران والنظراء ,الذين تجمعهم وظيفة, أو مهنة أو صنعة, أو دائرة, فيتغايرون ويتحاسدون, ويستطيل بعضهم في عرض بعض, بالذم والسب والشتم والتصغير لأدنى خلاف أو نزاع, ولا يسلم من ذلك إلا من حجبته التقوى ومنعه العقل, وكلام الأقران يطوى ولا يروى, ويدفن ولا ينشر لأنه يصدر في حال الغضب والحسد وتحمل عليه العداوة والمنافسة, وتدخله المبالغة والزيادة والكذب والغيرة والكيد. وقال: الحذر من مسلك وخيم يزل القدم, ويورث الندم, والحذر الحذر من الانشغال بنشر المعايب, وإظهار المثالب, وتتبع العثرات والسقطات والكذب على الناس وذمهم وتشويه سمعتهم لأجل حظوظ النفس الأمارة بالسوء, وترفعوا عن إساءة الظن, والتمسوا المعاذير, واعفوا عن الإساءة والتقصير, ولا يضلنكم الشيطان إنه عدو مضل مبين. وأضاف: لا يردع السفيه إلا الحلم, ولا يرد الجاهل إلا السكوت, وإذا سكت عنه فقد أوسعته جوابا, وأوجعته عقابا, ولا راحة إلا في العفو والإغضاء, وقد قيل في إغضائك راحة أعضائك, فاعفوا واصفحوا وتذكروا ثواب العفو وجزاء الصفح وعاقبة الحلم, حاذروا ما يبدد شملكم أو ما يفرق جماعتكم.