يحسب لوزراة الاسكان مواجهة الجمهور والاعلام خلال معرض الرياض العقاري.. ويحسب للمسئولين فيها الحديث (نظرياً) على الأقل عن الشراكة بين القطاع الحكومي (وزارة الاسكان) والقطاع الخاص.. وهو طرح طالما تحدثت عنه سابقاً، رأي بالتأكيد مبني على تجارب وقفت عليها في دول اقل من المملكة أمكانات مادية وبشرية.. استراتيجية الاسكان التي يفترض أن تكون خطة طريق لمكونات هامة ضمن منظومة التوطين الاسكاني: المستهلك (متى وكيف يتملك)، المنشئة الحكومية (آلية العمل والتواصل مع القطاعات الأخرى)، المطور الاسكاني (التصنيف واساليب الدعم).. جميعها وغيرها لم تكن كذلك. تحديد الاهداف بوضوح.. يعضد جهود التوطين، ويختصر زمن التنفيذ للوصول إلى توازن سوق الاسكان، ومن ثم التنافس في الجودة والاسعار.. كما هو الحال في قطاع الاتصالات وبعض المنتجات الغذائية.. بدل السكن جزء من العمل وفق منظومة متكاملة.. لكن يجب أن يتوافق مع رفع (مؤقت) للقدرة الشرائية للمواطن؛ من خلال منح بدل سكن سنوي لمنسوبي القطاع الحكومي، وحفز القطاع الخاص لذات التوجه لمنسوبيه من المواطنين.. على أن (وهذا هو الاهم) تكون وفق مدة زمنية محددة (عشر سنوات) يكون خلالها عومل الحفز ورفع المعروض السكني من خلال استراتيجية فعالة وفي أقصى درجاتها، وليست نظرية. يمثل تطوير قطاع الإسكان في السعودية تحدياً حقيقا في كونه يستهدف ويجذب الاستثمارات المحلية والعالمية، التي عجز عنها بسبب غياب الانظمة المؤطرة لمجمل العمل في منتجات السوق العقاري ومنها أنظمة التمويل.. للعمل على تحقيق الموازنة بين العرض والطلب والموازنة بين المواطن وفرصة حصوله على مسكن ملائم له ولعائلته، كما انه يعد تحد لأن القطاع يفتقر إلى إطار للسياسات ويعاني نتيجة تشتت الجهود المؤسسية عدم وضوح خطوط المساءلة. . وفي الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن أول استراتيجية وطنية للإسكان والتي تهدف إلى خلق سوق إسكان يتجاوب مع الطلب، وزيادة عرض الأراضي المناسبة للتطوير، وتطوير أنظمة دعم بقصد تلبية المزيد من حاجات المواطنين للسكن، وتطوير إطار قانوني وآليات لوضعه موضع التنفيذ والتطبيق، وذلك لتحسين مقدرة الإنفاق على تمّلك المساكن في المملكة، وتوفير عدد أكبر من الوحدات بتكلفة أرخص في فترة زمنية أقصر، من خلال إنشاء وحدات بأحجام مختلفة لأوضاع اجتماعية واقتصادية متنوعة، وتحسين الدعم من أجل بناء المزيد من الوحدات السكنية. إلا ان هذه الاستراتيجية التي تأخر البت فيها وصفها البعض بأنها غير واقعية نظرا لانها خلت من مناقشة معايير التنفيذ والفترة الزمنية لذلك، وآلية التوزيع للوحدات التي تشيدها وزارة الإسكان وهل هي منح، أو أنها ستكون بسعر التكلفة.. وتصميم المساكن، وهي حدود تتجاوز المعايير الدولية.. وهذا يعد انتقادا ضمنيا لثقافة الناس في حجم الإسكان الذي يتطلعون إليه، وهذه التطلعات صعب جدا تحقيقها لغالبية العائلات لان مساحة السكن ترتبط بعوامل كثيرة غير مساحة البلاد. وطالب البعض وزارة الإسكان بتوضيح هذه الاستراتيجية، ومعالجة وضع أراضي المنح غير المستفاد منها لزيادة مخزون الأراضي المتاحة المخدومة. والسؤال المطروح على الساحة الآن: هل تحقق استراتيجية الإسكان تطلعات الناس؟... يعتقد الاكثرية انه يصعب تحقيق هذه التطلعات لغالبية الأسر نظرا لارتباط السكن بعوامل كثيرة غير مساحة البلاد، خاصة وان تملك السكن يعد متوسط الصعوبة أو غير صعب إذا كان ثمن السكن الملائم لا يتجاوز تقريبا أربعة أمثال الدخل السنوي للعائلة. وكلما زاد الرقم على أربعة، زادت الصعوبة في تملك سكن ملائم (بتمويل من منشأة خاصة).. واعتمادا على الاستراتيجية وعلى دراسات واستنتاجات أخرى، فإن نحو نصف العائلات يبلغ دخلها الشهري حدود خمسة إلى عشرة آلاف ريال. من جهتهم، شدد خبراء على انه يجب على وزارة الإسكان الإفصاح عن استراتيجية واضحة، معتبرين أن ما نفذته حتى الآن لا يتماشى مع حجم ما انشئت من اجله، مشيرين إلى أن الجهات الحكومية ليست الأنسب لتنفيذ برامج الإسكان.. والاستفادة من تجارب القطاع الخاص مرحلياً فقط .. ولذلك أرى أن دعم الدولة للمطور العقاري سيخفض أسعار المساكن، وأنه ضرورة لاحتواء المشكلة في ظل أن 85% من السعوديين رواتبهم أقل من 10 آلاف ريال، وهو ما لا يمكنهم من الحصول على مسكن، وفقاً لاسعار المعروض الحالي.. وقدّر مطورون أن الأرض تشكل 45% من تكلفة السكن، وأنها خلال ال30 سنة الماضية تحولت الأراضي إلى أداة احتكار لدى البعض، مشيرين إلى أن من الخطأ منح المواطن أرضاً دون بنية تحتية وخدمات. وتعمل وزارة الإسكان على تشييد500 ألف وحدة سكنية تضمنتها الاوامر الملكية التي تصب بالطبع في مصلحة المواطن، ويسهم في دعم السوق، وأن هذا التوجه هو من البرامج الأولية لتوفير بيئة ملائمة لسوق إسكان ناجح. وبينت دراسات ان المملكة شهدت تراجعاً في مقدرة الإنفاق على تملك المسكن، مع ارتفاع أسعار الأراضي وزيادة صفوف الانتظار للحصول على بعض آليات الدعم التي تقدمها الحكومة.. وهناك أكثر من مليوني متقدم لا يزالون ينتظرون دورهم في الحصول على منح الأراضي، كما ينتظر أكثر من 600 ألف متقدم دوره للحصول على قرض من صندوق التنمية العقارية، بيد أننا سنلاحظ في الفترة المقبلة تقلص صفوف الانتظار بصورة موقتة نتيجة للمبالغ التي ضختها الحكومة مؤخراً لرفع رأس مال الصندوق. وينبغي الأخذ في الحسبان أن صفوف الانتظار ليست مؤشراً دقيقاً على نقص المساكن، ذلك لأن أي شيء يقدم دون مقابل سوف يجتذب الناس للوقوف في صفوف الانتظار. واتساقاً مع هذه الجهود فإن المملكة يمكن أن تقدم العون لقطاع الإسكان من خلال الدعم المالي. غير أن برامج الدعم التي سبق انتهاجها شكلت في غالب الأمر معوقاً يعترض أسلوب تفعيل آليات السوق وأدت إلى مزاحمة القطاع الخاص وإقصائه. ولا تستطيع مؤسسات التمويل الخاصة أن تنافس القروض الحسنة الميسرة الخالية من الفوائد البنكية أو الإعفاء من المبلغ الأصلي للقرض. ومن ناحية أخرى فإن نظام توفير الأراضي أدى إلى ظهور أوجه قصور كثيرة وإلى تكاليف تراكمية، وهي أمور ينبغي إيجاد حلول لها على المدى المتوسط والبعيد. وتهدف إستراتيجية التمويل إلى زيادة الطلب على الإسكان، وتوفير التمويل لمنتجي المساكن، ورفع القدرات من خلال تحسين قطاع الخدمات المالية. وفيما يتعلق بجانب الطلب على الإسكان، تقترح هذه السياسة برنامج دعم حكومي موحد يتألف من شقين ليكون مع مرور الوقت بديلا لمنح الأراض الحالية وقروض صندوق التنمية العقارية والدعم المقدم للخدمات العامة. وفضلاً عن ذلك فسوف ينمو الطلب على الإسكان في حالة زيادة فرص حصول الأسر على القروض. ومن هنا تدعم هذه الإستراتيجية إصدار نظام الرهن العقاري وتنفيذه على الفور، كما تدعم إطلاق مبادرات يكون من شأنها زيادة السيولة لدى المؤسسات المالية. وبالنسبة لجانب العرض من الإسكان فإن الإستراتيجية تقترح إجراءات سيكون من شأنها تحسين فرص حصول موردي الإسكان على التمويل، بما في ذلك البلديات والمرافق ومطوري الأراضي وشركات البناء وقطاع الشقق السكنية. وسوف يقلل ذلك من التكلفة في جانب العرض، كما سيوفر الإسكان في نهاية المطاف لقطاعات من السوق لم تستفد من هذه الخدمة بصورة كافية في الماضي. كما تدعو هذه الاستراتيجية إلى تطوير قطاع الخدمات المالية. ويشتمل ذلك على إجراءات لزيادة شفافية السوق وتقليل المخاطر وتطوير المؤسسات المتخصصة وزيادة جودة الخدمات المقدمة، وذلك من خلال منح التراخيص والشهادات وغيرها من الأدوات والوسائل الأخرى. ويشمل ذلك الخدمات التي تتعلق بتسجيل الأراضي ونقل ملكيتها وخدمات المعلومات والتقييم إضافة إلى مجموعة من منتجات التأمين.