الثور الذي تتوقع أن تراه في أي قرية صينية هو ذلك الذي يجر العربات ويحرث التربة في الحقول وليس حيوانا عملاقا مصنوعا من طن كامل من الذهب الخالص. ويوجد هذا الثور الثمين في الطابق الستين بناطحة سحاب ترتفع إلى علو 328 مترا وتعلوه كرة ذهبية في هوكسي التي تعتبر اغنى قرية في الصين قاطبة. ويقول المسؤولون المحليون إن هوكسي تعتبر " قرية اشتراكية نموذجية" وأسسها وو رينباو أمين عام الحزب الشيوعي بالمنطقة في عام 1961، عندما قرر تحويل القرية الزراعية الفقيرة إلى منطقة فاحشة الثراء تعتمد في اقتصادها على تطبيق احدث التقنيات في مجال الزراعة وصناعات الفولاذ والمنسوجات والخدمات اللوجستية. المساكن في هوكسي عبارة عن فلل متماثلة وتصدر القرية منتجاتها المتنوعة إلى 40 دولة، وأصبحت مقصدا يتجه إليه الصينيون ليتعلموا كيف يصبحوا أثرياء. وفي الوقت الذي فيه يعاني العالم ،بما فيه الصين، من تداعيات التباطؤ الاقتصادي،تظل هوكسي عالما قائما بذاته. وتقول تينا ياو المرشدة السياحية وهي ترافق السياح من طابق إلى آخر في برج القرية ، والذي يفوق طولا أي مبنى في لندن،" بلغ تكلفة الثور300 مليون يوان ( حوالي 185 مليون ريال) ولكن قيمته الآن تصل إلى 500 مليون يوان ، بينما بلغت تكلفة بناء ناطحة السحاب 3 مليارات يوان ( حوالي 86و1 مليار ريال). وتضم الطوابق الأخرى حيوانات عملاقة مصنوعة من الفضة الخالصة. وتتدلى ثريات عملاقة مطعمة بالجواهر فوق رؤوس الزوار في قاعات الطعام التي تتسع لآلاف الأشخاص ، الذين يتنقلون بين هذه المواقع على ممرات من رخام مطعم رقائق الذهب. وتنتهي هذه الممرات إلى أحواض مائية تعج بأسماك القرش والراي السامة. برج هوكسي يرتفع 328 مترا وهناك من بعيد يتراءى للناظر مجمعات من الفيلات الفاخرة والسيارات الفارهة . ويحصل كل واحد من سكان القرية على نصيب من عائد دخل القرية وبالإضافة إلى سيارة ومسكن ورعاية صحية مجانية وزيت طبخ بلا مقابل. وتضم القرية نماذج لأشهر المعالم العالمية مثل قوس النصر ودار أوبرا سيدني بالإضافة إلى كل المعالم الشهيرة في الصين مما جعل منها مقصدا سياحيا يزورها حوالي مليوني زائر كل عام. ويبلغ عدد الأسر التي أسهمت في تأسيس القرية ممن يعرفون ب "حملة الأسهم" حوالي 1600 أسرة ويصل متوسط دخل الأسرة الواحدة إلى حدود 100 ألف جنيه إسترليني ( حوالي 600 ألف ريال سنويا). وهذا ما يميز هوكسي عن أي قرية صينية أخرى. ففي حين تعاني بقية أنحاء البلاد من هوة سحيقة في الثروة بين المدن الغنية المطلة على السواحل الشرقية والجنوبية وبين القرى الريفية إلا أن هوكسي تولت زمام المبادرة لتصبح واحدة من أجمل واغنى المدن في العالم رغم احتفاظها بمسمى قرية. وهنا لا احد يتمتع بإجازة أسبوعية وغالبا ما تخلو الشوارع من السكان لأنهم يتواجدون في أماكن عملهم باستمرار .وأثمر العمل الدؤوب عن توفير مال يكفي لتنويع مصادر الدخل للقرية. فندق لونغكسي الدولي في هوكسي ومن هذه المصادر السياحة، في ما يسمي ب "سياحة الثراء" حيث يساهم بعض السكان المحليين في استقبال مليوني سائح يزورون قريتهم سنويا.ويتمثل ابرز معلم سياحي في ناطحة السحاب المثيرة للإعجاب والتي قصد بها المسؤولون في القرية أن تكون ندا لأعلى مبنى في الصين وهو مركز التجارة العالمي في بكين والبالغ ارتفاعه 328 مترا أيضا. وتقل مساحة القرية في مجملها عن كيلومتر مربع واحد وتضم مساكن على شكل ثكنات ومصانع ومساكن من طراز "باغودة" ( مبانٍ على هيئة معبد صيني متعدد الأدوار)، للسكان المحليين.وتضم ناطحة السحاب فندق لونغكسي العالمي الذي يضم 2000 سريرا ويوظف 3000 شخص يرغبون في أن يصبحوا أثرياء على طريقة هوكسي. مسكن على طراز الباغودة وتتوزع في أنحاء القرية مكبرات صوت عملاقة تبث النشيد الوطني للقرية ، الذي يحكي عن كيف أن هوكسي هي قرية المعجزات. ويقول رجلان يعملان في مجال الأمن ولا يمتلكان أسهما في القرية إنهما معجبان بما يحدث في هوكسي ولكنهما يعترفان بأنهما يضمران شيئا من الحسد تجاه حملة الأسهم الذين يحققون ثروات من عائداتها كل عام.