أود أن نتفق أولاً بأن تناول موضوع العاملة المنزلية في بيوتنا, حضورها وغيابها همومها وغربلتها, يأتي من منطلق فضفضة تجتاح اغلبنا كلما مررنا بأزمة تعايش معها, وليس بمقدورنا اقتراح الحلول بالطبع على اعتبار بأن لكل حالة وضعا خاصا ما يجعل الاحكام المطلقة غير موضوعية او مؤثرة,وعليه , فإن ما سوف يتناثر امامكم الان ليس تصورا ذاتيا بقدر ما هو محاولة تجميع لما خزنته ذاكرتي وذاكرة من اعرف وتفاعل ذات يوم مع قضية ظاهرة المقيمات في بيوتنا.. وماذا يحدث حينما يسافرن او يختفين فجأة ! تعلق الصغار بالعاملة المنزلية هو اكثر ما تردد اجتماعيا عن التأثير السلبي لوجودها, رغم ان ظرف ترك الاطفال معها معظم الوقت لابد ان ينتج عنه تآلف واعتياد ما يثير أسى الامهات بالطبع لانه وضع لم يخترنه,حتى إن بعضهن يظهرن حرصا خاصة المرأة التي لا تخرج للعمل فتحول العاملة إلى مساعدة لها في العناية بالصغار وليست مسؤولة عن كل التفاصيل. صديقة مرحة حكت لي ذات يوم كيف انها هي التي شعرت بغربة نفسية اكثر من ابنائها حينما سافرت عاملتها عائدة لبلدها بعد خدمة اربع سنوات,وقالت بأنها ستفتقدها .. وتفاعلت معها قليلا من فرط ثنائها على عاملتها ثم قالت بأن الاخيرة ترسل لها رسائل وفواكة استوائية كلما جاء مسافر هنا.. معقول! ثم بعد عدة اشهر هاتفتها تريد العودة مجددا..انها الالفة لاشك التي تنبت من المودة والرعاية المتبادلة نهايات سعيدة وهناك بضعة مشاهد حضرتها ,شخصياتها نساء كبيرات في السن والتجربة ربما تجاربهن تبحث عن مؤلف لان اغلب حكاياتهن عبرٌ ودروس اولا باول.. وبعضها مضحك ومسلّ.. سمعت امرأة ناضجة بالعمر تحذر خادمتها بجدية بالغة" اياك ان تغيري من اماكن الاشياء بالمطبخ..احذري"! والعاملة المحلية تهز رأسها موافقة وتردد بعربية غير مكسرة " ماما انا ما اغير شي والله" والتفت إلى العمة اسألها عن سبب كل هذا الخوف فالمواعين " تحرص عليهم" لن تذهب إلى اي مكان فما المشكلة؟ " لا انت ما فهمت" تبدأ بالتوضيح " اعلم بأنها امينة بس اذا غيرت مكان الاشياء وراحت اجازة ماذا افعل انا؟ احوس وانا ادوّر؟ ايه صح..كلام معقول , فكم من المرات نجد انفسنا نبحث عن اشياء في البيت او المطبخ تغير مكانها فجأة فتضيع مع الوقت...فيرهقنا البحث. طبعا حالة الاعتماد الكلي على العاملة يجعلها تتصرف في الترتيب إن تركت كل المهمات لتقديرها. وبصراحة هذا وضع يحدث في معظم البيوت ولا اجد تفسيرا له غير سؤال كنت طرحته ذات زاوية تبحث فيمن خرّب الاخر العاملة او سيدة البيت؟ الان تشكو لي احدى الصديقات بأنها لم تعد تجد وقتا للقراءة والدعاء بعد اداء الصلاة براحتها بعد ان سافرت الخادمة في إجازتها لبلدها.. وتضيف بأن وجود العاملة نعمة ان تذكرنا كم من الاشياء نحتاج وقتا مخصصا لها دون ان يستدعينا عمل البيت والابناء التي لا تنتهي. اما اكثر الامثلة طرافة فقد اتت من قريبة تحلف بأن ما من عاملة جاءت بيتهم دون ان تنمو عضلات ساقيها خلال شهور فتصبح مثل لاعبات الجمباز من كثر ما تطلع وتنزل السلم في مهمات تحميل المشتريات وقوارير الماء وما يطلبه اهل البيت من الدور العلوي ان كانوا مستأنسين تحت او يريدون شيئاً من الدور الارضي ان كانوا مرتاحين فوق. العاملة حسب علمي لم تكن تشكو من روتين اهل البيت فقط تطالب في كل رحلة تسوق من مدامها نوعاً جديداً من دهان الالام... وتتبادل المعلومات الصحية مع عاملات الاسرة. بصراحة رغم كل مشاكلهن المعتادة إلا انهن يكسرن الخاطر في بعض الحالات.لذا اجد ان الاستعانة بأكثر من عاملة في بيت كبير رحمة لهن قبل اهل البيت.