أقر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها يوم الإثنين 24 جمادى لأول 1433ه الموافقة على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، ويأتي هذا الإقرار بعد أن وافق مجلس الشورى على مصادقة الاتفاقية، حيث بين الأمين العام للمجلس الدكتور محمد بن عبدالله الغامدي أن الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات تأتي ضمن الجهود العربية الحثيثة التي تقوم بها جامعة الدول العربية لحشد التدابير الأمنية اللازمة تجاه مكافحة الجرائم في شتى أشكالها وصورها ومنها جرائم تقنية المعلومات عبر إيجاد الأسس النظامية والبيئة القانونية، منوهاً إلى أن الاتفاقية تعزز التعاون بين الدول العربية في مجال مكافحة جرائم تقنية المعلومات. الجدير بالذكر أن المملكة كانت سباقة إلى سن الأنظمة والتشريعات التي تخدم وتعزز بيئة تقنية المعولمات، فقد أقر مجلس الوزراء في السابع من ربيع الأول عام 1428ه نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، الذي يهدف إلى الحد من نشوء جرائم المعلوماتية، وذلك بتحديد تلك الجرائم والعقوبات المقررة لها. وفرض النظام عقوبة بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال أو بإحداهما على كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المنصوص عليها في النظام ومنها الدخول غير المشروع إلى موقع اليكتروني أو الدخول إلى موقع اليكتروني لتغيير تصاميم هذا الموقع أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله أو شغل عنوانه أو المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا أو ما في حكمها بقصد التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة. كذلك فرض النظام عقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحداهما على كل شخص ينشئ موقعاً لمنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره لتسهيل الاتصال بقيادات تلك المنظمات أو ترويج أفكارها أو نشر كيفية تصنيع المتفجرات. ويسعى النظام الي تحقيق توازن ضروري بين مصلحة المجتمع في الاستعانة بالتقنية الحديثة ومصلحة الإنسان في حماية حياته الخاصة والحفاظ على أسراره، والمساعدة على تحقيق النظام المعلوماتي وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية، كما يهدف إلى حماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة وكذلك حماية الاقتصاد الوطني. يرى البعض بأن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية لم يتم تفعيلة بالشكل المطلوب، ورغم ذلك نتذكر أول حكم قضائي في جريمة إلكترونية أصدرته المحكمة الجزائية في الأحساء عام 2008م، حيث حُكِم على المتهم الذي ابتز فتاة بصورها بعد أن اخترق بريدها الإلكتروني بالسجن سنة و10 أشهر و200 جلدة بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 50 ألف ريال سعودي. وكذلك القضية التي نظرت في المحكمة الجزئية في محافظة القطيف في قضية شابين (23، 34 عاما) الذين تم القبض عليهما بعد قرصنتهما لمواقع حكومية عدة منها موقع خدمة المجتمع والتدريب المستمر التابع للكلية التقنية في جدة، وموقع جمعية تحفيظ القرآن "خيركم" في محافظة جدة، بعد أن تم التتبع الإلكتروني لهما. وكان المدعي العام طالب بتطبيق عقوبة المادة 63 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، ومصادرة جهازي الحاسب الخاص بهما، مشيرا إلى أن ما أقدما عليه يعتبر ضمن اختصاص نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية. ورغم هذه النماذج من القضيا التي تم النظر لها بموجب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، إلى أن الحاجة تظل موجودة إلى تذليل التحديات والصعوبات في تطبيق أنظمة مكافحة الجرائم الالكترونية في السعودية والتي منها على سبيل المثال عدم وجود قوى بشرية مؤهلة ولديها الخبرة والكفاءة للعمل على الأجهزة الحديثة والبرامج المتقدمة التي تساهم مراقبة وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم. وفي سبيل إيجاد كوادر أمنية متخصصة نجد أن كلية الملك فهد الأمنية استحدثت عام 2011م دبلوم التحقيق الرقمي فوق الجامعي ومدته سنة كاملة وهي خطوة مهمة على الطريق، ويبقى السؤال الأخير هل نشهد قريباً إنشاء محكمة متخصصة في الجرائم المعلوماتية؟