في وقت مضى ردد مخرجو السينما المصرية مقولة "الجمهور عاوز - كده" لتبرير حالة السوء التي تعانيها أفلامهم، ثم تلقف السعوديون هذه المقولة ليطبقوها حرفياً في ساحة الأغنية، حيث لم يعد للفنان المطرب مجال لتأدية رسالته ولا لإبراز موهبته وثقافته، لأن المنتج لا يريد فناً حقيقياً أصيلاً قدر رغبته في مجاراة ذوق الجمهور لرفع أرقام المبيعات والأرباح. حالياً أصبح المطلوب من المطرب أن يقدم أي أغنية حتى لو كانت ضد قناعاته، لا تتوقع عزيزي القارئ أن المطرب السعودي غير موهوب وأنه راضٍ تمام الرضا عن الأغاني الجديدة التي يقدمها.. لا.. إنه موهوب ويمتلك ثقافة موسيقية ممتازة وليس راضياً عن ما هو موجود في الساحة الغنائية الآن، لكنه لا يستطيع أن يغير شيئاً، لأنه أسير لرغبة الجمهور الذي يريد أغانٍ معينة بأسلوب معين وليس على المطرب إلا الرضوخ لذلك. إن الجمهور في هذه الحالة أصبح هو من "يعجن" الفنان على "هواه"؛ خاصة ذلك الجمهور المراهق الذي تكتظ به قاعات الحفلات. الفنان أصبح مُسيّراً وتحول دوره إلى مجرد وسيلة لتنفيذ "ما يطلبه المستمعون". في فترة سابقة أواخر التسعينيات رفض عبدالمجيد عبدالله أن يغني القصائد النبطية بل حتى الألحان الشعبية، وكان يقول إن هذه القصائد لا تستحق أكثر من مجرد إلقائها في أمسية شعرية بصوت شاعرها، الآن تبدل الحال وتغيرت القناعات وبات عبدالمجيد عبدلله يقدم أعماله بما يتناسب مع رغبة «السوق» الجماهيري و لمجاراة الفنانين. رابح صقر واستجابة رابح صقر الفنان المبتكر الذي يمتلك ثقافة موسيقية عميقة وصنع في بداياته تركيبات موسيقية جديدة ومبهرة، نراه الآن وقد غيّر وجهته تماماً وأصبح بسبب ثقافة الجمهور يقدم أغان متواضعة لا تليق بحجم موهبته الموسيقية الفريدة، وكل ذلك لأن "الجمهور عاوز كده". الجمهور الذي يحضر الحفلات ويطلب الأغاني الراقصة له مفعول السحر على المطربين حيث قلب الساحة الغنائية رأساً على عقب وجعل من الأغاني السيئة مطلباً للجميع؛ حتى من قبل الفنان المبدع! والشواهد على ذلك كثيرة، خاصة لنجوم الأغنية الكبار الذين كانوا يقدمون في بداياتهم أغانٍ إبداعية متألقة من جميع النواحي، فاستسلموا الآن لواقع الحال الذي فرضه عليهم جمهور بسيط لا يريد سوى "النطنطة" في حفلة صاخبة.