أثار قرار شركة "داو كيميكال" الأمريكية القاضي بسرعة إغلاق وتجميد خمسة مصانع بتروكيماوية ضخمة تابعه لها في أوروبا والأمريكتين، أثار حفيظة بعض شركاء داو حول العالم الذين انتاب عددا منهم نوعٌ من القلق حيال هذا القرار الذي فسر بعض منهم مسبباته نظراً لعدم استقرار الأوضاع المادية لتلك الشركة العملاقة التي تأثرت أعمالها وعوائدها قطعاً نتيجة لاستمرار الضعف في الاقتصاد الأوروبي. إلا أن الشركة بررت شروعها لإنفاذ خطط إغلاق وتعطيل مصانعها الخمسة التزاماً بخطة الشركة الاستراتيجية القائمة على مبدأ ضرورة خفض التكاليف وسياسة تدبير الادخار لمواجهة أزمة تردي اقتصاديات القارة الأوروبية حيث سوف يوفر هذا القرار للشركة نحو 250 مليون دولار سنوياً ما يعادل 188 مليون يورو، إضافة إلى التخلص من 900 وظيفة ومن المقرر إنفاذ هذا القرار بالكامل على مدى عامين. وعلى الرغم من قوة أوضاع شركة داو الإنتاجية والتقنية كونها تعد ثاني أكبر شركة عالمية للبتروكيماويات من حيث الإيرادات وضخامة قواها العاملة التي تبلغ نحو 52 ألف عامل في مختلف أنحاء العالم وتميزها في المنتجات والخدمات المبتكرة، والتي تتضمن الكيماويات المتخصصة، والمواد المتقدمة، التي توفرها لعملائها في حوالي 160 بلداً وفي القطاعات سريعة النمو مثل قطاع الإلكترونيات والمياه والطاقة والطلاء والمنتجات الزراعية وبلوغ عدد منتجاتها 5000 منتج في 188 موقعا في مختلف أنحاء العالم، إلا أنها دخلت مرحلة صراع وكفاح للمحافظة على نفوذها في أقوى الأسواق العالمية مثل أوروبا والأمريكتين التي أثر تردي اقتصاديات تلك الأسواق سلباً على الشركة. وكان قرار الشركة أولاً إيقاف تشغيل مصانع تنتج منتجات العزل الستايروفوم في البرتغال وهنغاريا وإلينوي في أمريكا وتعطيل مصنع آخر في هولندا وإغلاق مصنع التولوين في البرازيل الذي شهد ارتفاعاً في التكاليف وانخفاضا في الربحية. وإضافة إلى إغلاق تلك المصانع سوف تدمج وتوحد الشركة مرافق البولي يوريثان وأنشطة وأعمال الأيبوكسي على مدى العامين القادمين، فضلاً عن إلغاء مجموعة مختارة من المشاريع الرأسمالية. ويتخوف المصنعون والاقتصاديون الأوروبيون من مآثر إغلاق تلك المصانع التي سوق تلقي بظلالها سلباً على أوروبا الغربية التي تشهد اقتصاديات متقلبة غير مستقرة. إلا أن الشركة أكدت بعدم تضرر خططها الاستثمارية على ساحل الخليج الأمريكي ملفتة إلى التزامها ببرامج النمو التي أعلنتها مسبقاً. وبررت الشركة إغلاق مصنع منتجات العزل في إلينوي نتيجة لضعف سوق البناء في الولاياتالمتحدة، إلا أن الشركة طمأنت بعدم حدوث شح في العرض حيث قررت زيادة الإنتاج في مصنع آخر تابع لها لمنتجات العزل في ولاية نيوجيرسي لتغطية الأسواق التي يغطيها مصنع إلينوي. وفسر بعض الاقتصاديون قرار داو بإغلاق تلك المصانع نظراً لنجاحها المكتسب في الهيمنة في قلب الأسواق السعودية من خلال ظفرها بأقوى الصفقات للتحالف مع شركة أرامكو السعودية لبناء أكبر مجمع بتروكيماوي في العالم بالجبيل الصناعية مشروع "صدارة" بتكلفة 75 مليار ريال ما يعادل 20 بليون دولار بعد تأكد الشركة من نجاح هذه المشاركة التي سوف تدر للشركة إيرادات سنوية تبلغ 10 بلايين دولار خلال الخمس سنوات الأولى من عمر الشركة حيث من المخطط تدشين إنتاجه باكورة وحداته في النصف الثاني من عام 2015م على أن تكون جميع وحدات المجمع البالغة 26 وحدة قد دخلت في طور التشغيل عام 2016م، علماً بأن هذا المشروع كان مقررا إقامته في رأس تنورة إلى أن تم نقله للجبيل لانخفاض التكاليف.