يُعرّف التوحد أنه اضطرابٌ نمائي ناتج عن خلل عصبي وظيفي في الدماغ، يظهر في السنوات الثلاث الأولى من العمر؛ ويلاقي بسببه الأطفال صعوبات في التواصل مع الآخرين واستخدام اللغة بشكل مناسب، والتفاعل الاجتماعي، واللعب التخيلي إضافة إلى ظهور أنماط من السلوك الشاذ. وتصبح مهمة أولياء أمور أطفال التوحد شاقة في ظل ضعف الاهتمام من القطاع الحكومي غير المرضي لذوي المرضى، فضلاً عن مجابهة جهل المجتمع بذلك الاضطراب، حيث يعتقد كثيرون أن أطفال التوحد يستخدمون العنف والضرب، ولديهم عدوانية تؤذي الآخرين. وأوضح عدد من أولياء أمور "ذوي التوحد" أن معظم الأماكن العامة والمتنزهات والمطاعم لا ترحب بدخولهم على الرغم من أن ذلك يعد حقاً مشروعاً لهم؛ لدمجهم في المجتمع فهم لا يعانون من مرض معدٍ ليتم وضعهم في الحجر الصحي فضلاً عن أن أهاليهم يبذلون جهوداً مضاعفة في ذلك إلى جانب مواجهة نظرات المجتمع المنتقدة والمشفقة على أبنائهم. ثقافة قليلة في البداية، أكدت "هيا محمد البيشي" معلمة توحد وناشطة في مجال التوحد، أن حال الطفل التوحدي في المملكة مؤسف؛ نتيجة لقلّة الثقافة والإلمام بهذا الاضطراب المتزايد حيناً بعد آخر، إضافة إلى جهل أعراضه وبالتالي تأخر التشخيص في بداية الاضطراب، مطالبةً المسئولين بإنشاء مركز استشاري وطبي للكشف المبكر على هذا الاضطراب، إلى جانب إنشاء مركز حكومي متخصص؛ حتى يتسنى للأطفال المصابين مراجعته، لأن أعدادا هائلة من المصابين يمكثون في منازلهم من دون أن تُقدّم لهم أي خدمة. وأشارت إلى ضرورة تسليط الضوء على اضطراب التوحد من قبل وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء؛ لوجود أعداد كبيرة من المرضى، فضلاً عن حالات لم تكتشف بعد لجهل الأسرة باضطراب "التوحد" وأعراضه، ما يزيد من أهمية الحديث عن ذلك السلوك ومستجداته وأعراضه والطرائق الصحيحة للتعامل مع مصابيه. أعراض رئيسة وذكر "محمد بن حسين الغامدي" أن "الجمعية الأمريكية" تُعرّف التوحد أنه اضطراب نمائي عام يشتمل على مجموعة من ثلاثة أعراض رئيسة، هي قصور في التفاعل الاجتماعي، وغياب مهارات التواصل، ومحدودية النشاطات والاهتمامات، على أن تظهر الأعراض قبل سن ثلاث سنوات، مبيناً أنه يعيش بيننا أكثر من 200 ألف مصاب باضطراب التوحد، وجزء كبير منهم لا يجدون كثيرا من متطلباتهم، ومن أهمها تقبلهم اجتماعياً، إلى جانب الأحقية المماثلة لغيرهم في ارتياد المرافق العامة، مقترحاً تدريب العاملين في المدن الترفيهية والمطاعم والمتنزهات على كيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال، موضحاً أن كثيرا من الآباء والأمهات يفضلون أن إبقاء أبنائهم في منزلهم؛ لأنهم يعلمون أن أطفالهم غير مُرحّب بهم في كثير من الأماكن. وطالب أن يأخذ أطفال التوحد حقوقهم كاملة كغيرهم من الأطفال، وذلك بمزيد من التكاتف والاهتمام للتغلب على معاناة أسر المرضى ومساعدتهم في أزمتهم، ذاكراً أن بعضهم لا يزال لا يعرف عن "التوحد" إلاّ اسمه فقط، بل وربما لا يعرف الاسم فقط. نقطة بداية ووصفت "أفراح عبدالرحمن المحمود" متخصصة في التربية الخاصة، مسار اضطرابات سلوكية وتوحد وناشطة بمجال التوحد، المجتمع أنه نقطة البداية والانتهاء في عملية احتواء الطفل التوحدي بعد الأسرة، حيث يعتبر الطفل التوحدي قبل كل شيء إنساناً وفرداً بين أفراد المجتمع مثله مثل ذلك الشخص العادي، وله ما له من حقوق، مشددة على أن المجتمع مطالب بتوفير جميع الخدمات والرعاية الشاملة (صحية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية..)، إلى جانب تقديم المساعدات وتوفير الإمكانات المساعدة على نيل كافة الحقوق، أسوةً بالأطفال العاديين، إضافة إلى الحق في التعليم، من خلال إنشاء مراكز متخصصة وتجهيزها بكافة الاحتياجات لهم، ودمج حالات التوحد ممن تسمح قُدراتهم في المدارس العادية، والإشراف على البرامج المقدمة لهم ومعرفة صلاحياتها أو حاجتها للتعديل من قبل أشخاص مختصصين بتخصص التوحد، وكذلك التخصصات المهمة للأطفال التوحديين المساعدة لهم بالحصول على أعلى درجات التكيف مع المجتمع، كل طفل بحسب إمكاناته وقدراته. وبيّنت أن من متطلبات ذوي التوحد توفير الخدمات، وإتاحة الفرص لإحساسهم بالسعادة من خلال إيجاد خدمات اجتماعية يحتاجها الطفل التوحدي مثل أماكن عامة وأندية ومتنزهات، إلى جانب إحضار أخصائيين للعمل معهم، والاتصال بالأُسر والمؤسسات التعليمة؛ للحفاظ على سلامتهم وعدم تعرضهم للأخطار حتى تتكاتف جميع الجهود للوصول إلى الواجب المفروض من طرائق الرعاية المُقدمة لهم في جميع الخدمات والأوقات، إضافة إلى الرعاية الصحية المتمثلة في توفير الامكانات لرعايتهم صحياً، وخاصة خلال الاكتشاف المبكر للتوحد للحصول على النتائج المرجوة من التدخل المبكر. وأشارت إلى إمكانية تغيير نظرة المجتمع السلبية نحو الطفل التوحدي من خلال النظرة الايجابية للمصابين باضطراب التوحد، والحرص على إبراز إبداعات التوحديين، وحصولهم على مراكز مرموقة في مجتمعهم، مستشهدةً ب "تمبل كاردل"، وهي إمراة توحدية تعمل أستاذاً مشاركاً في جامعة كلورلدو تحمل دكتوراه في علوم الحيوان، ولديها مخترعات كثيرة باسمها في هذا المجال، وأيضاً "دانا وليز"" لها أكثر من كتاب عن التوحد، وأيضا "البرت انشتاين"، و"اسحق نيوتن"، وغيرهم كثير ممن عُرفوا على مستوى العالم. وأضافت:"إن مجتمعنا العربي لازال ينظر إلى الشخص المصاب باضطراب التوحد نظرة قاصرة وسلبية، لم تشحذ همم المصابين، ولم تمد لهم يد العون على المستوى المطلوب، فيجب العمل على نشر التوعية بشكل أكبر في المدارس والمرافق العامة حول اضطراب التوحد وأعراضه، وكيفية التعامل مع الطفل التوحدي في المرافق العامة مثل الأماكن الترفيهية والمطاعم والمطارات وغيرها.