المرأة السعودية العالمة، الأديبة، الأكاديمية، كانت محور إحدى الندوات التي نظمت تحت مظلة هيئة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم( اليونسكو) في إطار الأنشطة المرافقة للأيام الثقافية السعودية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس خلال الفترة من 17-19 /5/ 1433ه وعلى مدى ثلاثة أيام. الحضور لهذه الندوة كان مميزاً والأنظار اتجهت إلى منصة المتحدثات وهن سمو الأميرة نورة بنت تركي الفيصل، ومعالي نائبة وزير التربية والتعليم نورة الفايز، والعالمة السعودية حياة سندي. بدأ الزميل تركي الدخيل في إدارة الحوار بأسلوبه الممتع المنسق الذي خرج فيه عن الأساليب الرتيبة المملة. تحدث عن المرأة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في ضوء الحديث الشريف ( حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء...) وتناول فيها المرأة السعودية بشكل عام وما حققته من إنجازات، وما حظيت به من تقدير واحترام في ظل نظرة ثاقبة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث جاء التوجيه بمشاركتها في عضوية مجلس الشورى والمجالس البلدية، كما تم تعيين العديد من ( بنات بلادي ) في مناصب قيادية في أكثر من جهة حكومية وأهلية. الأميرة نورة تناولت في مداخلتها ما تملكه المرأة السعودية من قدرات، وما تستحقه من دعم وتشجيع. كما تحدثت عن جوانب بارزة مما تقدمه القطاعات غير الحكومية لدعم المرأة في كافة المجالات. الأستاذة نورة الفايز استعرضت احصائيات دقيقة عن ما يتم رصده سنوياً من اعتمادات لخدمة التعليم في كافة القطاعات، وكيف ازداد عدد الطلاب والطالبات والمدارس للجنسين بشكل مرتفع مما أسهم في إفساح المجال أمام قدرات فائقة لتأخذ مكانها وتواصل مسيرتها في سبيل تحقيق قفزات علمية وعملية متعددة. نجمة الندوة، إن صح التعبير، كانت الدكتورة حياة سندي التي أبهرت الحاضرين من عرب وعجم عندما استعرضت سيرتها الذاتية وكيف تمكنت بنت الحجاز البسيطة من تخطي الصعاب وتحقيق إنجازات علمية عجز عنها الآخرون. كانت بداية الإنجاز حصولها على الثانوية العامة من المدارس البريطانية مما أجبر كل الجامعات التي سبقت أن رفضت طلبها أن تقبلها بدون قيد أو شرط . استمرت مسيرة العالمة السعودية وتحقيق إنجازها الأول في مسيرتها للحصول على الدكتوراه تلقت ضربة موجعة من الدكتور ( ستيف هوبكنز ) عالم الرياضيات في جامعة ( كيمبردج ) الذي أخبرها بأنها ستفشل في دراستها وتغادرالجامعة خلال ثلاثة أشهر. كما أخبرها آخرون أنها لن تستطيع المواصلة لأنها امرأة، ولأنها مسلمة. لم تستسلم حياة بل كانت الإحباطات شموعاً أضاءت طريق المستقبل لها وحققت ما راهن الآخرون على فشله. الأشهر الثلاثة التي حددت لتوقف مسيرة الإنجاز (لحياة العالمة) كانت كافية لأن تقدم خلالها ما يكفي لأن تختارها جامعة كيمبردج لتمثيلها في أحد المؤتمرات بتقديم أحد إنجازاتها العلمية. سيرة (حياة) الذاتية أكثر من أن تستعرضها مقالة وفي كل مرحلة من حياتها نقاط تحتاج للتأمل والتفكير وأخذ العبرة، وما أريد أن أختم به هو أن لدينا أكثر من ( حياة ) من بنات وطننا. إنهن يحتجن إلى الاكتشاف المبكر والدعم والتشجيع. لا نريد، كما قالت إحدى حاضرات الندوة، أن يأتي الاكتشاف والتكريم والاهتمام من جهات تعليمية خارجية. نريد المبادرة من جامعاتنا. نريد توفير الأجواء المناسبة فلدينا الكثير من المميزين والمميزات وسيأتي اليوم إن شاء الله الذي نرى فيه نماذج تبهر الآخرين ممن يعتلون منصات التتويج ويحظون بأعلى الجوائز والألقاب وأكثرها مكانة وقدراً .