هناك مدير إدارة حكومية مدرسية استطاع ان يتعامل بكفاءة لمواجهة والحد من مشكلة خروج الموظفين وكثرة استئذاناتهم ومبررات أعذارهم التي باتت مكررة وغير مستساغة وسببت تعطيلاً للعمل لأن فكر الموظف وعقله أصبحا منشغلين وخارج نطاق الخدمة الوظيفية وهو في ذلك له ظروفه وهمومه الخاصة. هذا المدير قد لاحظ ان عدداً ليس بالقليل من موظفيه وهو على رأسهم منشغلين بالمتاجرة بالأسهم المحلية والمضاربة اليومية في قطاعات الشركات المتداولة في نظامها، وهي ظاهرة اجتماعية سائدة شملت في هذا الانشغال والتفكير تقريباً معظم وأغلب فئات المجتمع، أغنياءهم وفقراءهم، رجالهم ونساءهم، تجارهم وموظفيهم، طلاب الجامعة والمتسببين والباحثين عن فرص عمل، ولا نحتاج في ذلك إلى دليل قاطع وبرهان وحجة دامغة فالإقبال على أسهم بنك البلاد الذي شارك في عمليات الاكتتاب في أسهمه ما يزيد على ثمانية ملايين نسمة أي بما يقدر بنصف عدد سكان الشعب السعودي يعكس هذه الصورة بوضوح، وهي صورة جلية وليس فيها أي غبار وهي في جدواها وفحواها ومضمونها العملي إنما عبرت عن مبادرة حكومية رائعة من قيادة هذا الوطن عندما فتحت المجال لعامة الناس للمشاركة تحت مبدأ المساواة في حصة كل مواطن متقدم للشراء والغاء نظرية النسبة والتناسب عند بلوغ الحد الذي يزيد فيه مستوى التقديم عن ما هو محدود لتغطية هذا الاكتتاب والمجال قد فتح لاستفادة عامة الناس من هذه الفرص النادرة ليستفيد كل مواطن ورب أسرة ومتسبب من الأرباح شبه المؤكدة والتي تتضاعف لعشرة أضعاف مع فتح التذبذب لليوم الأول، فالأسهم عند الاكتتاب من خمسين ريالاً إلى ألف ريال وهو حلم كل فقير حقق من وراء هذه العملية البسيطة وبرسم مالي عند التقديم للشراء مقبول جداً ويراعي ظروف العامة وقدرات الناس وظروفهم أرباحاً مجزية وعوائد ربحية مرتفعة جداً، ومن طموحه مرة بعد مرة لتدوير أرباح المخصص لشراء الأسهم مع الشركات الجديدة التي تطرح باستمرار. المدير أول المتداولين نعود إلى هذا المدير الذي قد عالج مشكلة خروج موظفيه بحكمة وحسن تصرف فلم يحرمهم من فرصة الخروج لبيع الأسهم وتداولها لجني الأرباح اليومية المتوقعة منها لاسيما أنه على رأس هذه الفئة بين موظفيه الطموحين والمستفيدين من النمو اليومي المضطرد لحركة الأسهم وتزايد حجم معدلاتها وارتفاع مستوى مؤشرها فأوجد غرفة فيها جهاز كمبيوتر مزود بخدمة الإنترنت يمكن أي معلم أو موظف من زملائه استخدامه في عمليات البيع والشراء وتداول الأسهم والاطلاع المستمر والمتواصل لشاشة عرض تداول الأسهم حيث ترتفع وتهبط، تزيد وتنقص ويرتفع مؤشرها ويهبط حسب حال السوق وظروف العرض والطلب في قطاعات الشركات المدرجة فيه. خدمة للمميزين فقط النتيجة كانت مذهلة جداً حيث اكتشف المدير ان جميع الزملاء المرتبطين بهذه الأسهم إلاّ القلة النادرة منهم لديهم اشتراكات لبيع وشراء وتداول الأسهم عن طريق خدمة الإنترنت وكانوا فقط ينتظرون توفر هذه الخدمة لديهم ليقوموا بذلك وهم في مكان عملهم وأثناء أوقات الفراغ المتاحة لهم، هذا بعد ان قطع المدير وعوداً معهم بأن أداء الواجب العملي وتطبيق وتنفيذ جميع المهام يجب ان تحتل وتأخذ الاهتمام الأول وهذه الخدمة المتاحة والإضافة الجديدة لن تتاح وتتوفر وتكون متناول غير الموظفين المجتهدين والمجدين والقائمين على أعمالهم كما يجب ويكون ذلك حافزاً لهم ودعماً لهم وتعاوناً من أجل تطورهم في مجالهم العملي والخاص أيضاً.، فالإنترنت ليس فقط لتداول الأسهم وإنما أيضاً باعتبار العديد من المواقع المفيدة فيه والمتخصصة في مجالات العمل ترتبط مضموناً بممارسة الموظف للعمل ويمكن من خلال اطلاعه عليها وبحثه المستمر في كل ما هو جديد ومفيد وعملي ان يحقق لنفسه تطوراً عملياً متواصلاً ويحقق أيضاً حصوله على معلومات عملية وإضافات في تخصصه قد لا يجدها بالسهولة والمرونة في غير هذه التقنية السريعة والهامة. والواضح أنه مع هذه الصيحة والاتجاه الجماعي والإقبال المنقطع لتداول الأسهم ورغبة الامتلاك فيها ان كثيراً من الموظفين أصبحوا من مرتادي شاشات تداول الأسهم ومن العملاء المستديمين لصالات الأسهم لدى البنوك المحلية طلباً في الرزق اليومي المباح من وراء تداولها اليومي فضلاً عن وجود خدمة الإنترنت في كثير من القطاعات الحكومية والخاصة لموظفيها للاستفادة من الخدمات المقدمة والتي أصبح كثير من القطاعات تعتمد ولو بشكل جزئي على شبكاتها الخاصة للمراسلات وتبادل المعلومات وخلاف ذلك من فوائد عملية. فجامعة الملك عبدالعزيز على سبيل المثال ومعهد الإدارة العامة وأمانة محافظة جدة وغيرها من القطاعات تتيح لموظفيها فرصة التعامل مع الشبكة العنكبوتية وهي تقنية مطلوبة وملحة لتطور العمل وسبل تواصل الإدارات وفق شبكاته والمواقع الخاصة فيه. الحكمة الصينية هي السائدة وعلى ما يبدو ان الجميع يتحدث بأسلوب فيه خشية من الوقوع في الخسائر وبالذات للأشخاص الذين قد علقوا حياتهم الوظيفية بفرص الأسهم وأرباحها، فبعضهم قد حصل على قروض وتمويل بنكي للمتاجرة والاستثمار في مجال الأسهم المحلية الواعدة بأرباحها وتطوراتها ومستقبلها القادم. ومثل هؤلاء يوزعون أسهمهم على عدد من القطاعات تحت مبدأ الحكمة الصينية التي تقوم على أساس توزيع البيض على أكثر من طبق خشية وقوع الطبق وفساد جميع ما يحويه من بيض، أما إذا تم توزيع البيض على أكثر من طبق فإن البيض لن يذهب جميعه سدى إذا اهمل طبق واحد أو تعرض للأذى والتلف والنقصان. وهي حكمة يتبعها العقلاء والمدركون لحجم ومخاطر ارتفاع وهبوط السوق لأسباب داخلية أو خارجية أو لأسباب تتعلق بظروف وعقود وأرباح الشركة بعينها أو لظروف ومشكلات وأمور سوق الأسهم بشكل عام. آخرون يتعاملون بطريقة الاستثمار عن بعد فيشترون أسهماً معينة ومحددة في شركة معينة واعدة وتخبئ مشروعات قادمة بحاجة إلى انتظار لسنوات ويمهلون السهم فرصة أشهر أو سنوات دون عوائد حتى تتحسن الظروف ويحصلون على الاستثمار الأمثل والمطلوب بعيداً عن فرص المضاربة وهمومها ومشاغلها. طريقة حجر الضب أحدهم اطلق تسمية حجر الضب على طريقة بعض المتعاملين وبالذات الذين يقومون ببيع وشراء الأسهم بصفة يومية طلباً للأرباح السريعة والخاطفة مهما قلت وتدنت ولو خرج الشخص بمئة ريال فقط كربح يومي مضمون دون التعرض لاحتمالات الخسائر وهموم الانشغال والتعلق بأسهم بعض الشركات، وهؤلاء من يطلق عليهم عند هرولة الأسهم نزولاً بمتبعي سياسة القطيع الواحد، فإما بيع سريع وركض ولهاث من أجل الخروج ولو بخسارة قليلة خشية الوقوع مع النزول المتسارع في خسارة ثقلية وانهيار حقيقي لسهم هذه الشركة أو تلك ومع ذلك نكبة تضاؤل رأس المال وتناقصه لحظة بلحظة والتحسر بقية العمر ندماً وهماً وحزناً على ضياعه وفقدانه. وبالذات من الفئة الذين حصلوا على تمويل بنكي أو عن طريق الحصول على السيولة بواسطة بيع السيارات المحكومة بنظام الأقساط أو ببرامج تمليك الأسهم لدى البنوك المحلية وفق ضوابط شرعية كما بدا نهجاً واضحاً وخطاً ملفتاً تتبعه البنوك والشركات، طريقة حجر الضب قد تكون أسلم لمثل هؤلاء وأنسب لاعصابهم وسلامة صحتهم لأنهم عند الشراء السريع يفكرون بأسرع طريقة للخروج بأبسط وأدنى مستوى ربح هذا لو كان الاتجاه نحو الشراء موفقاً في الشركات الجيدة ذات العوائد والشركات الواعدة والتي يتوقع لها الخبراء النجاح والتطور، لكن بعض المساهمين الصغار هم الطعم المفضل والغذاء الرئيسي واليومي والمغذي لهوامير السوق والمسيطرين على حجم المبيعات واتجاه مؤشر الصعود والنزول فيه بحكم أنهم الفئة التي تحتكم على السيولة الكافية ويعملون وفق خطط وبرامج تتفق ونمو ومستوى وعطاء كل شركة، أما الصغار وهم أسماك الساردين كما يطلق عليهم السوق فليس أمامهم إلا أن يكونوا طعماً فريداً ومثيراً للهوامير، إذا كان الصغار يوجهون رؤوس أموالهم الصغيرة بغير علم ودون معرفة وبصيرة ولا يكلف أحداً منهم أو بعضاً منهم وهذا مؤكد نتيجة حجم الخسائر الواضحة من عمليات البيع الجماعي الضخمة عند أول حالات نزول للسوق فيربكون حجم التداولات ويخدمون الهوامير في وفرة أسراب من الساردين التي لا توصف إلا بالملايين من حجم الأسهم المعروضة، وأتابع فلا يكلف أحداً منهم عناء السؤال عن وضع الشركة التي يشتد عليها التداول هل هي من الشركات الخسرانة أو من الرابحة والواعدة، هل اطلع على قوائمها المالية وتطورات عملها ومديونياتها واحتياطيات أرباحها وأرباح الربع والنصف سنوية. وهل يعرف في الأصل موقع الشركة ونشاطها الحقيقي وعمرها الزمني وظروف وطبيعة تعاملاتها. لذلك مثل هذا الصغير لا يفكر عند الملمات والشدائد في غير الهروب والركض جرياً خلف سرب الساردين مثل أمثاله - ويمثلوا مع الاندفاع الهائج والضخم وجبة محترمة للهامور الذي باعهم بالغالي وحانت له ولغيره من الهوامير فرصة الشراء بالرخيص وقد تكرر هذا مرات عديدة وللاسف الشديد. مصلحة الصغار هي الأهم لكننا في نهاية الأمر لا نملك إلا أن نقف وقفة عرفان وشكر باسم جميع الذين دخلوا الأسهم وبالذات في مجال الاكتتابات المستحدثة لشركات الأسهم الجديدة التي أضيفت للسوق بواقع سعري مخفض ويراعي أموال العامة بنحو خمسين ريالاً للسهم تحقيقاً لفائدة كل مواطن يسعى لاقتناص فرص الكسب المضمون بإذن الله تعالى وبدعم من الدولة وتشجيعها ونظرتها لفائدة المواطن ونفعه وهذا ما جعل معظم المواطنين ان لم يكن جميعهم يدخلون كل اكتتاب جديد لشركة حديثة عهد أو لشركة تنوي وتعتزم التوسع بإضافة أسهم جديدة تضخ أموالاً للشركة وتنمي مشروعاتها وأنشطتها العملية. فلم يكن في السابق ذلك متاحاً لكل مواطن بهذه الصورة التي نراها تستهدف العامة وتقدم مصلحة الصغار على طموح ومصالح الهوامير وكبار المستثمرين وأصبح من الملفت أن نشاهد في كل اكتتاب أشخاصاً من جميع الفئات والمستويات والأعمال والطبقات يتسابقون للاكتتاب الذي بات شبه مؤكداً تضاعف أمواله إلى خمسة وعشرة أضعاف، فمليون محفظة استثمارية تضمها أقسام الأسهم في البنوك عبرت عن اتجاه كل رب أسرة مهما كان مستواه وظروفه للتقديم والحصول على المنفعة وبالذات من هم في أمس الحاجة إلى فرص كهذه يرتزقون منها ويسدون من أرباحها بعد بيعها احتياجات أساسية في حياتهم، حتى إن كثرة عدد الأطفال وتضخم الأسرة ذا فائدة لضمان الحصول على فرص أكبر من النصيب المحدد لكل مكتتب لذلك كانت النظرة موفقة جداً ومصيبة لعدالة توزيع أسهم الشركات على المواطنين لمنفعتهم وإعانتهم على ظروف الحياة وملماتها. ما يطالب به كل مساهم ومتعامل مع أقسام تداول البنوك أن تواكب هذا الإقبال وحجم الطلب والرغبة في الاستثمار في هذا الاتجاه بتطوير الأقسام المخصصة لتداول الأسهم لديهم وتحديث الأنظمة والبرامج والشبكات المرتبطة بنظام تشغيل وتداول الأسهم حتى لا نشاهد ما عايشناه من ازدحام وتكدس وبطء في برامج الحاسب التي أثبتت عجزاً في مقاومة هذا الإقبال المنقطع والطلب المتزايد سواء في عدد العاملين أو في سرعة وكفاءة أنظمة الحاسب وشبكاته، لعل شركات الوساطة التي ترمي الأجهزة المعنية بالأوراق المالية وتداول الأسهم إنشاءها لسد هذه الخانة ومعالجة هذه المعضلة تكون الحل المناسب والذي يزيد من حركة البنوك نحو منافسة فريدة ومتطورة يغطي الحاجة ويسد النقص الواقع في الخدمة.