لا يمكن النظر إلى زيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع للولايات المتحدة بمعزل عما يدور في المنطقة، والتي تأتي في توقيت مهم وفي ظروف استثنائية وفي غاية الدقة، فالملفات الملتهبة لاشك أنها أخذت حيزاً من النقاش، كما جاء ذلك في بيان البيت الأبيض يحسب للدبلوماسية السعودية أنها تتحرك عندما تستشعر بان ثمة ضرورة للقيام بذلك، ليقينها التام بان التحديات في المنطقة تتطلب تحركاً آنياً وفاعلاً لاسيما في ظل الإفرازات السلبية لأحداث المنطقة . وهي بذلك تنطلق من أرضية الحوار وأهمية اللقاءات المباشرة وتحديداً مع الدول المؤثرة في المسرح الدولي، لأن ذلك يقود بالضرورة إلى حلحلة الملفات الشائكة ويدفع حتما باتجاه انفراج سياسي، ما يساهم بلا أدنى شك في خلق أجواء تهدئة في المنطقة عوضاً عن التصعيد والتأزيم. على انه لا يمكن النظر إلى زيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع للولايات المتحدة بمعزل عما يدور في المنطقة، والتي تأتي في توقيت مهم وفي ظروف استثنائية وفي غاية الدقة، فالملفات الملتهبة لاشك أنها أخذت حيزاً من النقاش، كما جاء ذلك في بيان البيت الأبيض الذي أشار إلى أن الرئيس الأمريكي وضيفه الكبير استعرضا جملة من القضايا الثنائية والإقليمية فضلا عن مستجدات المنطقة. وأكدا قوة ومتانة علاقة الشراكة بين الولاياتالمتحدة والسعودية. وهذا له دلالاته العميقة، لاسيما أن البلدين يستندا على علاقات إستراتيجية عميقة اتسمت بالتميز على مدى عقود من الزمان رغم ما مر بها من توتر تارة وفتور تارة أخرى. الأمير سلمان الذي التقى الرئيس أوباما ممثلاً لخادم الحرمين الشريفين، يُعد أحد أركان الحكم في الدولة السعودية الحديثة، ويُصنف الشخص الثالث في تراتبية الدولة، أشار بان زيارته لواشنطن، وهي الأولى له بعد توليه منصب وزارة الدفاع، تهدف لتعزيز العلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات انطلاقاً من حرص الملك عبدالله لدعم هذه العلاقات والسعي المشترك لخدمة السلم والأمن والاستقرار في العالم، ولعل أمن الخليج وحمايته من المخاطر المحدقة به، يأتي في تقديري في المرتبة الأولى من حيث الأهمية. على أن حديث الأمير جاء منطلقاً من محددات السياسة السعودية الخارجية، ويتوازى مع طبيعة الدبلوماسية السعودية التي تُعَدّ اليوم إحدى الدول المحورية في المنطقة، ومحل اهتمام الكثيرين في العالم، نظراً لمواقفها السياسية المعتدلة ،ودورها في إحداث التوازن في سوق وأسعار النفط عالميًّا، فضلاً عن مكانتها الدينية المؤثرة في العالمين العربي والإسلامي. ومع ذلك فالسعودية تجنح لسياسة هادئة، وذلك بسبب رغبتها الصادقة في تخفيض مستوى التوتر والتأزيم في منطقة هي متوترة بالفعل، وتدعو الدول المؤثرة في دعم استقرار منطقة الخليج ، وعدم الدخول في صفقات ومساومات على حساب دول هذه المنطقة لأنها بطبيعة الحال لن تتساهل أو تصمت حيال ما يمس أمنها أو استقرارها. غير أن التحديات في تقديري تمثل هاجساً لدى القيادة السعودية تتمثل في استمرار آلة القتل في سوريا، وضرورة اتخاذ موقف أممي يحمي الشعب السوري ويحترم خياراته، فضلاً عن وضع اليمن ومستقبله ودور القاعدة فيه، ناهيك عن قضية الصراع الطائفي الذي بات يهدد دول المنطقة. وظهور المد الإيراني وتدخله في شؤون دول المنطقة كدوره مثلاً في العراق، فطهران دخلته من الزاوية الطائفية وليست كدولة تعارض الاحتلال خاصة بعدما تكشفت الحقائق ودور المالكي فيها، ما يؤكد فعلاً مخاوف دول الجوار على أكثر من صعيد، فالخليجيون يأملون في عراق مستقر وآمن وموحد ، وان ما يجري داخله لا يكون على حسابهم، ولا يشكل تهديداً لأدوارهم الإقليمية. ناهيك عن جمود عملية السلام، فالقضية الفلسطينية، تعتبرها السعودية قضية مصيرية، ووقفت معها حرباً وسلماً بتوفير الدعمين السياسي والمادي لأصحابها، كونها أحد المرتكزات الأساسية للسياسة الخارجية التي وضعها المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز، ولعلنا نذكر موقفه الشهير آنذاك بان لا مساومة على القضية الفلسطينية لدرجة أن وصفه الزعيم البريطاني تشرشل آنذاك بأنه عنيد حين الحديث عن فلسطين. ولذلك فالرياض دائما ما تدعو واشنطن بأن ترتهن في تعاملها مع الآخرين للاحترام والحوار والندية، وان تضغط باتجاه حل الدولتين. وهذا يقتضي بطبيعة الحال ضرورة وجود مصالحة فلسطينية حقيقية، ووجود توافق فلسطيني حول إستراتيجية لإدارة الصراع، فالانقسام حقيقة أضعف حضور القضية في المحفل الدولي. غير أن حضور الدبلوماسية السعودية بهذا الثقل والتأثير سواء في المحافل الدولية، يمثل بلا شك إزعاجا لإسرائيل وجماعة اللوبي الصهيوني من ايباك وغيره ، لأن هذا يعني حضور صوت مؤثر ومقنع، ولذا فالأوساط الليكودية داخل الولاياتالمتحدة تعلم بان السعودية هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تستطيع أن تؤثر على صاحب القرار في البيت الأبيض، وبالتالي من الضرورة بمكان تحجيم دورها أو تشويهه أو تحييده إن أمكن، وذلك عن طريق حملات إعلامية رخيصة. ولعل من تابع بعض وسائل الإعلام الأميركية، لا يستغرب تلك الحملة الإعلامية إذا ما عُرف من يقف وراءها من جهات لها مواقف معينة من المملكة، ويصل لقناعة بأنها أقرب إلى الممنهجة منها إلى الارتجالية، ومن يتأمل معظم الانتقادات التي ساقها البعض لا تخلو من كونها مجرد اتهامات وآراء شخصية . غير أن السعودية باتت لا تؤثر فيها هذه الاسطوانات المشروخة كونها اعتادت عليها، وستبقى تدافع عن القضايا العربية، ولذا فهي ترى وجوب تفعيل القرارات الشرعية الدولية،وتطالب بإيجاد آليات واضحة لتطبيقها من اجل الحل النهائي وليس التسويف والمماطلة والتأجيل الذي تميزت به إسرائيل. صفوة القول، إن زيارة الأمير سلمان تكرس رسالة الرياضلواشنطن التي تتمثل في أن تتحمل مسؤوليتها بان تكون راعياً محايداً لعملية السلام وليست منحازة وداعمة لإسرائيل، فبقاء هذا الصراع دون حل، سيعزز ظاهرة التطرف والإرهاب ويضعف دور دول الاعتدال ويعطي ذريعة لأصوات الانغلاق والتشدد بتعزيز الكراهية للغرب. ناهيك عن أهمية استقرار الإقليم الذي له أولوية لأن ما يهم دوله هو أمنه واستقراره في منطقة لم تعرف سوى التوتر والقلق والتازيم.