بين بهجة وسخرية عرض الافتتاح الكويتي وسوداوية عرض مسرح الطائف وغموض وتشويش عرض جمعية الرياض.. اتضحت الصورة الأولية لمهرجان الدمام المسرحي للعروض القصيرة في دورته التاسعة والمقامة هذه الأيام في مقر جمعية الثقافة والفنون بالدمام والتي أعلن انطلاقتها مدير إدارة الجمعية العربية للثقافة والفنون الدكتور محمد الرصيص. العرض الكويتي.. ساخرا الليلة الأولى من المهرجان شهدت استقبالا جماهيريا بهيجا لفرقة تياترو الكويتية، ولعرضها الافتتاحي "كرسي الشعب". المسرحية الكويتية التي فازت أخيرا بجوائز الدورة الثامنة لمهرجان أيام مسرح الشباب بالكويت؛ سجلت في مسرح الدمام، فرجة مسرحية وهي تنتزع إعجاب الجمهور بالعرض الذي أخرجه عبد العزيز النصار عن نص للكاتب المغربي الطاهر بن جلون. وتدور أحداث مسرحية "كرسي الشعب" في مقهى "فنتازي"، هو أشبه بصورة بانورامية للحياة العربية التي نعيشها، بشخوصها الصادقة والمزيفة؛ من شخصية النادل الفقير والمحروم إلى "المحتسب" المتستر بالدين والداعم للشخصيات التجارية والمالية في الانتخابات، في إسقاط مباشر على واقع الحياة السياسية والأخلاقية العربية الراهنة. وقد برع الممثل ناصر الدوب في تجسيد شخصية "المحتسب" بصورة كوميدية، من خلال الأزياء "الكاريكاتورية" والحركة و"الأوفيهات" التي كان يطلقها.. إلى جانب حوارات الشخصية التي جاءت محاكية للدعاة الجدد في بعض الفضائيات المصرية. وجاء استخدام اللغة الفصيحة في المسرحية، ممتعا، إذ برع الممثلون في إطلاق "القفشات" الظريفة، دون الشعور بتكلف استعمال اللغة الفصحى على خشبة العرض المسرحي. لتختتم المسرحية على نداء نادل المقهى: "الرأي الحر من أجل الوطن". وشهد حفل افتتاح الدورة التاسعة من المهرجان، حضورا جماهيرياً، اكتظ به مسرح جمعية الدمام، لحضور الطقس المسرحي السنوي والذي بدأ هذا العام على نغم "ربابة" عبدالله دهيم وصوت النهام البحري صالح العبيد وأوتار عازف العود الفنان حمد الرشيد. عباس الحايك: مشكلة ورشة الطائف في الممثلين والدوران حول البحث عن الذات! الدود.. غياب الفكرة الليلة الثانية من أيام المهرجان شهدت عرض أول المسرحيات الداخلة في المسابقة وهي مسرحية (الدود) للفنان راشد الشمراني مع فرقة جمعية الثقافة والفنون بالرياض. العرض شهد ثلاث لوحات لم تكن واضحة الملامح، شملت حركات وايماءات فقدت أي اتصال مع الجمهور الذي بدا حائرا طيلة مدة العرض الذي كان مشوشا وغامضا وخاليا من الفرجة المسرحية؛ بل ولم يحمل أي فكرة لما يريد أن يقول، بعد أن بدأ بتقرير متلفز جاء بمثابة مقدمة تعليمة استفزت البعض وهي تشرح فكرة العرض التي تقوم على تقديم عملية الاخراج على كتابة النص؛ غير أن نتيجة العرض، لم تكن موفقة، لتجد نقدا لاذعا في الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض المسرحي؛ الأمر الذي دفع الفنان راشد الشمراني للوقوف أمام الجمهور والإعلان قائلا: "مسرحيتنا (الدود) حتى الآن لم تكتمل وهذا لا يعرفه إلا رجا العتيبي، حتى المخرجين لا يعرفون هذا الأمر. في إشارة للمخرجين الثلاثة الذين أخرجوا مسرحية الدود؛ علما أن عرض المسرحية في الدمام لم يقم بإخراجه سوى مخرج واحد هو أسامة خالد، بعد تغيب بقية المخرجين وعدد من الممثلين، مما اجبر أسامة خالد للاعتراف، قائلا: "أعترف أن هناك كثيرا من الإرباك في الصوت والحركة والإضاءة وذلك بسبب غياب الممثلين الأساسيين. الفنان راشد الشمراني، الذي وعد بكتابة النص بعد الاخراج، اعترف ايضا أنه حتى الآن لم يكتب نص الحوار للمسرحية. أما المسرحي نوح الجمعان فعقب أن هذا العرض لا ينتمي إلى الفنان راشد الشمراني. مضيفا: "إذا كان هذا العمل يريد أن يوصل رسالة، فأين هذه الرسالة". البعض الآخر رأى أن شخصية منتج وصاحب مشروع المسرحية (راشد الشمراني) طغت على شخصية المخرجين، الذين وجدوا أنفسهم أمام مشروع يزعم الانتماء للتجريب في المسرح، هو بلا فكرة واضحة، لننتهي أمام تساؤل، حول كيف قبلت لجنة المشاهدة في مهرجان الدمام المسرحي، قبول عرض بهذا المستوى، خصوصا بعد أن اعترف صاحب (الدود) أن المسرحية إلى الآن لم يكتمل!. راشد الشمراني: مسرحية «الدود» لم تكتمل حتى الآن! عصف.. مسرح الطائف فكرة، أكثر جاذبية، جاءت مع مسرح الطائف، من خلال عرض (عصف) للمخرج مساعد الزهراني عن نص للكاتب فهد رده الحارثي من خلال العرض الذي قدم في الليلة الثالثة من المهرجان. وتدور المسرحية حول عدد من المسافرين تتأخر عليهم الرحلة فيقومون باستباحة حقائب بعض، والتعرف على ما بداخلها، لنكتشف مع كل حقيبة، حكاية ما لصاحبها المسافر. أحد هؤلاء المسافرين، يتبين أن حقيبته خالية، فيلجأون إلى محاولة البحث في جيوبه، إلا أنه يصرخ فيهم: "لن تجدوا سوى الجوع والخوف والقلق". مسرحية "عصف ذهني" والتي استثمر مخرجها فضاء العرض المسرحي، عبر الحركة وتوظيف الإضاءة والسينوغرافيا، بشكل موفق إلى حد ما، كشفت عن خلل في أداء الممثلين الذين جاء بعضهم، متكلفا ومبالغا أكثر من اللازم، مما دفع الكاتب المسرحي عباس الحائك إلى القول "أن مشكلة ورشة الطائف المسرحية.. في الممثلين، فهم يهتمون بالنص والسينوغرافيا، ولا يعطون اهتماما ملحوظا بأداء الممثل.. إلى جانب مشكلة الدوران حول نفسهم في طرح موضوع البحث عن الذات..إلخ. فرجة وجمهور في عرض «عصف» شاكر الشيخ مكرما بعد رحيله في التفاتة لائقة بالفقيد الراحل.. اختار منظمو المهرجان أن تحمل الدورة التاسعة اسم الإعلامي والكاتب والمثقف الراحل شاكر الشيخ، والذي ترأس لجنة تحكيم مسابقة الدمام للعروض المسرحية في دورتها الأولى والثانية، فضلا عن دوره الريادي في تأسيس الحركة الثقافية في المنطقة الشرقية منذ أوائل السبعينيات ودعمه إداريا وتنظيميا، الأنشطة والفعاليات الموسيقية والشعرية والمسرحية في الشرقية، حيث شهد المهرجان أقامة أمسية تكريمية للراحل الشيخ، أدارها الشاعر أحمد الملا وتحدث فيها المسرحي عبدالعزيز السماعيل والشاعر محمد الدميني ونجل الراحل الفنان محمد شاكر الشيخ؛ إلى جانب مداخلات للفنان جعفر الغريب والدكتور مبارك الخالدي والصحافي المصري أحمد سماحة والإعلامي حبيب محمود والفنان ابراهيم جبر.. كلها كانت بمثابة شهادات شخصية لدور الفقيد الراحل في دعم وتأسيس الحراك الثقافي الذي تشهده اليوم المنطقة الشرقية. من حفل الافتتاح من العرض الكويتي «كرسي الشعب» من عرض «الدود» لجمعية فنون الرياض من ندوة تكريم الراحل شاكر الشيخ الدكتور الرصيص مفتتحاً فعاليات المهرجان الراحل شاكر الشيخ