في ليلة حضرت فيها الدموع والذكريات كرمت الدورة التاسعة لمهرجان الدمام المسرحي للعروض القصيرة مساء الخميس الراحل شاكر الشيخ عبر ندوة خصصت للحديث عن مآثر الراحل. في البداية تقدم مدير الجمعية عيد الناصر بكلمة بين فيها أن التكريم أقل مما يستحق الراحل على خلفية ما قدمه للساحة الثقافية في المنطقة ، ممتدحاً الصفات الإنسانية التي اشتهر بها الشيخ من حب للآخرين ونكران للذات، قبل أن يعلن افتتاح الندوة التي تصدى لإدارتها الشاعر احمد الملا وبحضور كل من مدير عام جمعية الثقافة والفنون عبد العزيز السماعيل والشاعر محمد الدميني إضافة الى بدر شاكر الشيخ ، وبين الملا دأب مهرجان الدمام منذ انطلاقته على تكريم الرموز والالتفات لجهودهم ، أما الراحل فكان مثالاً في العمل الصحفي الثقافي وتتلمذ على يديه الكثير من وجوه الثقافة والإعلام في المنطقة بعد ذلك تحدث عبد العزيز السماعيل عن تجربته الشخصية مع الشيخ بالقول: لا يخفى على أحد الجهود التي قام به شاكر الشيخ في تأسيس جمعية ثقافة الإحساء ، والتي جاءت بدوافع الحب لعمله والتي شكلت حافزاً لكل من يعمل معه وأنا منهم ، وتعدى دوره ليمتد الى جمعية الدمام التي كان قريباً منها أيضا حيث ساهم وقدم كل أنواع المساعدة التي يحتاجها منسوبو الجمعية وخاصة المعنوية والخبرات التي يمتلكها . من جهته أكد الشاعر محمد الدميني أن الراحل شاكر الشيخ كان رفيق درب منذ بداية المسيرة في الإعلام ، حيث عملا سوياً في الملحق الثقافي لصحيفة اليوم ، ويضيف الدميني قائلاً : ، لا أنسى له تجربته الرائدة في الشعر العامي والنهوض به في المنطقة ، إضافة الى قدراته الأخرى في بقية الفنون مثل الموسيقى التي كان ملماً بها بشكل كبير ، مع اتجاهه الى دراسة اللغة الانجليزية حتى أصبح يترجم الشعر إليها . الشيخ كان لديه الكثير من الصفات المحببة للنفوس في مقدمتها قربه لزملائه التي تزيل أي حواجز وتجعله مقبولاً من الجميع ، كما كان يتمتع بحيوية دائمة كصفة يمتاز بها ، أما على صعيد الأثر الذي خلفه فلا يمكن حصر ذلك في كلمات أما ابن الراحل بدر شاكر الشيخ فتحدث عن والده بالقول : أجد من الصعوبة بمكان الحديث عن والدي بشكل مختصر يفيه حقه ، ولكن أود أن أشير الى انه كان ببساطة يحمل نفس الشخصية التي عرفها الناس في كل مكان ، فمعنا كان مثالاً للحب والتعامل الودود والمستمع الجيد والذي منحنا حق الاختيار وعدم فرض الآراء ، كما كان دافعاً لنا الى مواصلة التعليم والاستزادة منه حتى أكملنا تعليمنا خارج المملكة ، كما كان يجيد تنمية مواهبنا التي نريد بشكل يخرج أفضل طاقاتنا . بعد ذلك جرت مداخلات من محبي الراحل من الجمهور الحاضر ، بدأها الفنان جعفر الغريب الذي أشاد بشاكر الشيخ الإنسان والعلاقة التي ربطه به لأكثر من 35 عاماً ، قبل أن تمنعه دموعه من الاسترسال في حديثه ، تحدث بعدها الفنان مبارك الخالدي وقال إنه تشرف بالعمل مع الراحل وكانت تجربة أضافت له الكثير على الصعيد العملي والإنساني ، ممتدحاً الامكانيات التي تتوافر لدى الراحل من تحفيز للآخرين بالشكل الصحيح ، بعدها كانت وقفة للناقد احمد سماحة الذي قال إن الراحل كان بالفعل علماً ثقافياً وامتلك الطموح طوال حياته ، حتى انه كان يطمح لشراء صحيفة في مصر ، كاشفاً نيته إصدار كتاب عن الراحل يتضمن الكثير من الأمور التي تستحق النشر ، أما المخرج راشد الورثان فقال إن الراحل كان داعماً حقيقياً لجمعية الدمام وكافة الأنشطة الثقافية ، مبيناً أنه دفع 10 آلاف ريال لمهرجان الدمام المسرحي عندما علم بوجود بعض المشاكل المادية للمهرجان، في بدايات المسابقة قبل ثمانية أعوام. وفي الختام تسلم بدر شاكر الشيخ درعاً تذكارية بالمناسبة من جمعية الدمام ممثلة بمديرها عيد الناصر ودرع المهرجان سلمها مدير المهرجان ناصر الظافر ودرع اخرى سلمها راشد الورثان. «عصف» يعيد الروح وضمن فعاليات مهرجان الدمام المسرحي للعروض القصيرة الدورة التاسعة قدمت مساء الخميس الماضي جمعية الثقافة والفنون بالطائف لوحة فنية ابداعية بعرضها «عصف» من إخراج مساعد الزهراني، وتأليف فهد رده الحارثي. المسرحية كانت تناقش فكرة الانتظار داخل زوايا محطة انتظار الألم ،ومغادرة جسد وعقل يحيط به أسرار، والجميع ينتظرون ذواتهم التي رحلت عنهم ،وفي نفس الوقت الخوف من انكشاف حقائب الأسرار والذكريات،وقد أثار العرض كما قال الناقد الجفال. فكرة هل يستطيع الإنسان أن يزيل المعاناة من خلال الانتقال من زمن الى زمن او مكان الى مكان آخر وعملية البحث عن الذات المحفوفة بشعور الذنب، رافق العرض مؤثرات صوتية وجمل حركية ولوحة بصرية رائعة بشهادة الحضور ، المسرحية كانت تسير بتسارع جيد منذ بدايتها إلى نهايتها، تفاعل الجمهور مع أداء المجموعة التي قدمت فرجة ومشهدية بصرية لافتة. وقد قال كاتب النص فهد الحارثي عن نص «عصف» العمل من اقرب الأعمال لي. الجلسة التطبيقية بعد العرض بدأت الجلسة التطبيقية بإدارة الناقد احمد سماحة وحضور المخرج المسرحي مساعد الزهراني والناقد صاحب الورقة النقدية المسرحي عبدالله الجفال بعنوان «مسرحية عصف.. ما بين النص الأدبي والعرض المسرحي» حينما تعرض عنوان المسرحية على القاموس العربي تجد لها معاني كثيرة ، ولكني رأيت الأقرب الى الأحداث التي تدور في هذا العرض المسرحي وفي نصه أيضا بأن افتراق الورق لكي يفضح عن ثمرته، هي الأقرب الى تلك الحقائب والأسرار الدفينة والتي تشي الرحلة بكشف بعض خباياها. ويتابع الجفال من ناحية فكرة العرض: هناك علاقة بين الطاقة في كل مصادرها ممثلة بالضوء وبين القدرة على مواصلة الرحلة وحشد القدرة على اكتشاف الذات ومن ثم العودة الى خط البداية الا وهي الصفر، في لحظة يتنحى فيها الضوء جانبا كي يعلن عن نفاد طاقته، باكتشاف عجزه عن مواصلة الرحلة، او باكتشاف الغربة بين تلك الشخصيات الباحثة عن ذاتها، وبين المكان والزمان بحيث تسجل تراجعا الى نقطة البداية او النقاء مع المكان الذي شهد حالة الاغتراب بينه وبين الشخصيات وقت بدء الرحلة. فيما يرى الجفال في الحوار: تعج الحوارات بالعديد من المفردات التي تشي بهذا الصراع النفسي في دواخل الشخصيات مثل الضجيج، النزاع، القلق، الهروب، فقدان النفس، الوضوح، الطاقة، الأسرار، الهرب، التطفل، الانسحاب. ويختم الجفال الورقة بسؤال هل حقا نستطيع ان نزيل المعاناة الإنسانية من خلال الثبات على مسافة مكانية تحول دون التطفل على أشياء الآخرين ودون حالة بوح حقيقية؟ وهل شعار كل إنسان حر في أشيائه، شعار يصلح الحياة نحو استقرار نفسي، وهل نستطيع حقا ان نزيل المعاناة الإنسانية من خلال الانتقال من زمن الى زمن او من مكان الى مكان آخر؟ ويبقى من أروع وأكثر ما يثير الخوف في دواخلنا ونحن نتتبع هذه الحوارات المسرحية ذلك الحوار الذي تطلقه إحدى الشخصيات بالقول : لم يعد باقيا لدي ما يحفظني، نظراتكم مليئة بالفضول، الفضول يدفعني للخوف، الخوف يدفعني للقلق، القلق يدفعني للبحث عما أريد بعيدا عنكم. ثم كانت المداخلات للجمهور والبداية مع الشاعر احمد الملا عن عرض «عصف» فقال : اعتقد ان العرض جاء رائعا وممتعا وذلك بعد مجهود كان واضحا من خلال مخرج جميل ومؤلف متمكن وقد أعاد العرض لي الثقة بان المسرح مازال بخير وكانت ميزة الدهشة والتوازن في الايقاع وتصاعد الرتم لدى أداء الشخصيات رائعة على طوال العرض. واختلف مع الجفال في ان تكون النهايات هي انتصار للحق وهي حالة تطهيرية ،وكان في طرح الأسئلة متسعا كبيرا في جمالية العرض ووجود وعي للحوار، والرائع انه لم يكن شيء زائد على خشبة المسرح . فيما أكد المسرحي مسبح المسبح ان المخرج والمؤلف ومجموعة الممثلين كانوا في غاية الروعة والجمال في العرض خاصة في تحويل اللغة السردية إلى إيقاع متوازن في المسرح، وان اللغة كانت جيدة خاصة في مخارج الحروف. فيما يختلف التشكيلي يوسف شغري في ان هناك أخطاء لغوية كارثية، وكذلك لابد ان يكون في فكرة العرض ضوء أمل في آخر النفق. وفي نهاية الندوة قدم مخرج العرض مساعد الزهراني الشكر للجميع وان ما يريد أي مخرج ان يقوله فهو على خشبة المسرح ، ولابد من وجود عذر لبعض أخطاء الممثل هذا الكائن الجميل خاصة وهو يتعرض لضغط نفسي وجسدي، أتمنى استمرار المهرجان ووجود مهرجانات أخرى حتى يتطور المسرح في المملكة.