من عادة الشعراء وما يلاحظ على أكثرهم وجود عبارة استهلالية في أول أبياتهم كمدخل يبين الحالة التي كانوا عليها وهم يفكرون قبل إنشاء قصائدهم. تكون هذه العبارة في أغلب الأحيان قصيرة و فضفاضة قابلة لأن تحتوي أي غرض من أغراض الشعر ، سواء غزل أو مدح أو فخر أو هجاء أو نصح وإرشاد أو بوح ذاتي يتنفس فيه الشاعر فضاء خياله ويحلق فيه ، ويريد أن يكون وحده، وربما يشارك الآخرين بطرح قصيدته أمامهم لتسمع أو تقرأ . ومن أمثلة العبارات التي كررها كثير من الشعراء متأثرين ببعضهم وتحتمل كل المعاني ويقبل النص احتواءها بلا نفور هي عبارة ( لا ضاق صدرك ). العبارة إذا هي عنوان هاجس سابق قام الشاعر بتوطئة لما يريد قوله و استهلال كعنوان رئيس ، وفي الوقت نفسه تنشئ تساؤلا بعدها ، هذا السؤال هو : ماذا أفعل ؟ وأيضا تحفز على استقبال بقية القصيدة ترقبا للجواب ومشاركة في الإحساس الذي يعد مشتركاً إنسانياً قد يعاني منه شريحة كبيرة ، وتأتي بالإجابة مباشرة في البيت نفسه الذي تم فيه الاستهلال بتلك العبارة . فمنهم من قال : لا ضاق صدرك عالي الصوت جره . ومنهم من قال : لا ضاق صدري نحرت بلاد جداني . وشاعر آخر قال : لا ضاق صدرك والليالي تحدتك اصبر عليها والصبر زين لو طال. بينما يقول شاعر آخر : انا الذي لا ضاق صدري من الناس اشكي همومي لخالق الناس كله وهذا الشاعر يقول : لاضاق صدرك وزاد الضيق واحراجه سج القدم والفياف الخالية دجها وهذا شاعر يقول : لا ضاق صدرك من الدنيا وما فيها . اصبر ترى الله وعد من يصبر الجنة والحقيقة أنهم قد لا يريدون بالضرورة والتحديد المعنى الحقيقي لضيقة الصدر التي يعجز البحر بمائه أن يغسلها ، أو ماء النهر بجريانه أن يطفئها ، ولكنهم ومن سياق بعض القصائد يعنون الملل ، والرتابة وما يترتب على ذلك من البحث عن فسحة فضاء وتجديد يكسر الروتين ، فتعاد النفس إلى ذكريات الأمس وزمن الطفولة ووقت البراءة ، أو غسل الروح بصدق التوجه إلى الخالق والدعوات المريحة والمربحة، وفتح الأفق الواسع الرحب الذي يجد فيه كل منا لذة الهدوء والسكينة والارتياح ولا يستسلم للضيق الذي مصدره دنيا الناس وما فيها من تنافس على الفاني . وأحيانا يقصد بها بالفعل ضيق الألم والحاجة وتكالب الهموم وتجمعها والحيرة وانغلاق المنافذ عن الفكر في حلول . و أحيانا يقصد بها فتح النوافذ للأحاسيس الراقية والشعور بكل ما يجعل النفس تأنس عندما تجد أبواب التفاؤل كلها مفتوحة حتى ولو لم يكن الشخص مهموما بالفعل . ويشبع الشاعر معاني أبياته ومضامينها فيما بقي من قصيدته نحو الغرض نفسه بكل ما من شأنه فتح أبواب الرجاء والأمل والتوجيه نحو إسعاد المتلقي . ومن القصائد في هذا المجال والتي تضمنت هذه العبارة : يقول الشاعر غزاي الحربي . لا ضاق صدرك عالي الصوت جره لو كان قلبك ما يطاوعك مسرور دنياك لو تسوى من الحِزن ذرّه ما كان تاليها توابيت وقبور وما كان للكافر بعمره مسره وما شفت في ملكه ملايين وقصور العمر يمضي بين حلوه ومره والموت حق وقابض الروح مأمور دام الحياة الفانية مستقره ورزقك يجيك وبين الأجواد مستور لا تنشغل بالوقت برده وحره واحذر تصير بقسمة الناس مقهور وحكم القدر لاجاك خيره وشره أشكر عظيم الشان والذنب مغفور والمجلس اللي يزعجك لا تمره خله تراك بشوفته منت مجبور والرجل سقها في صحاصيح بره ومد النظر مابين ريضان وزهور لا صار وجه القاع ما فيه جره والمشي حافي والثرى تو ممطور ساعات صمتٍ ما وراها مضره تسوى الكلام اللي به ذنوب و شرور أطلق خيالك وأترك النفس حره وخل الطبيعة في حياتك لها دور وبالليل لا بانت نجوم المجّره أذكر بديع الخلق بإحساس وشعور واسجد لرب الكُون مرة ومره و احفظ لسانك واترك الكذب والزور وفروض ربك خلها مستمره وطاعتك لا يدخل بها نقص وقصور و يقول الشاعر :محمد بن عبد العزيز الخنيفر لا ضاق صدري نحرت بلاد جداني يا زين ديرة هلي واللي سكن فيها لا جيتها زال همي وكل الاحزاني خص ليا شفتها وطبيت أراضيها يا عكل احبك ولاجلك دوم ولهاني ياديرة وسط قلبي دوم هاويها يا مسقط الرأس قلبي فيك حيراني يا ما حلا ديرتي لا حل طاريها لا أقبلت وشفت النخيل يهز وجداني ذكرت عصر الجدود وعصر ماضيها وذكرت أبوي وخوالي وكل عماني بوسط النقيب وسوابيط حواليها يا ما لقوا من متاعب ذيك الازماني اللي بها الجوع وفيها صبر أهاليها واليوم راحت ولا به غير جدراني وأفعالهم باقية ولا أحد بناسيها يالله عساهم بجنات وريضاني والكل يشرب من أنهار بواديها ويقول الشاعر سعد بن جدلان: لا ضاق صدرك والليالي تحدتك اصبر عليها والصبر زين لو طال واحذر تدور عند الأنذال حاجتك لا تقضي الحاجة ولا تستر الحال واحذر تبين لأقرب الناس شدتك لو تزعله لحظة حكت فيك الأجيال وان صرت ضيف الناس لا تطول مدتك غالي تجي وتروح يا طيب الفال وان كان همك بالزمن بس لقمتك الفول بريالين والخبز بريال ويقول الشاعر : محمد الدخيل انا الذي لاضاق صدري من الناس اشكي همومي لخالق الناس كله أتعوذه من كل شيطان خناس وارجيه يبري كل همٍ وعله وانا الذي لا من غدى الحال منحاس رجيت ربي يصبح الحال فله ياشاكيٍ همك الى الناس من باس ماكل همٍ هالخلايق تحله بعض البشر يزود اتعاسك اتعاس شخصٍ يزُود الهم ياصاح خله نفسي عزيزه ولا نحنى دوم هالراس الا لربه يوم كبّر وصله اسطر حروفي على أوراق قرطاس من ضيقةٍ في وسط قلبي محله ولا شكي لغير اللي خلق كل هالناس الواحد اللي فوق خلقه تعَلّه ويقول الشاعر : محمد القحطاني لاضاق صدرك وابتدى داخلك هم وشح الزمان وصرت بالحيل مرتاب وصار الملل في داخلك كنه اليمً حتى عيونك للنظر صارت أغراب ارفع يديك لكاشف الضر والغمً ماخاب من وجًه له ايديه طلاب الواحد اللي بالمخاليق يعلمً هو الذي لاضقت يفتح لك ابواب لامن عطا من غير كيف ٍ ولاكمً ماشحًت ايدينه على مذنب ٍ تاب يغفر ذنوب العبد لوهي تردمً ويستر خفا ذنب ٍ على صاحبه عاب والنفس للانسان تسقيه علقمً ومن لانهى نفسه عن الشر ماصاب كم واحد ٍ بأسباب نفسه تندمً ماينفعه دمع ٍ على العين سكاب ياقارئ الابيات تكفى . وقل تمً خالف هوى نفسك ترى قدمك حساب من قبل لا ترحل لقبر ٍ مظلّمً تبقى وحيد ٍ ملتوي فوقك الداب داب ٍ اذا ضمك ضلوعك تحطمً ضمة ماهي ضمة قريبين واصحاب في ساعة ٍ فيها القبر كله اعتمً شي ٍ مخيف وكل من حولك اغراب يالآدمي بادر على الخير واغنمً اغنم حياتك قبل تفريق الاحباب ترى الحياة اللي بها موت ٍ وغمً واجل ٍ بها لو طال محدود بكتاب واللي خلق ياناس بعروقنا دمً هذي حياة ٍ مابها غير الاتعاب ويقول الشاعر خليف الوهيداني: لاضاق صدرك وزاد الضيق وإحراجه سج القدم والفياف الخالية دجها . ابعد عن الضيق واقطع مصدر ازعاجه وكم ناس ماتت قبل تقضي حوايجها . وعلى قضى حاجتك رب البشر ناجه الله هو اللي ليا ضاقت يفرجها . . وان شفت امورك ماهي عدله ومنعاجه ساير امورك على الراحة وعالجها . . والرجل يعرف بمدخاله ومخراجه ولاتقبل النفس غير اللي يخارجها . . والناس للناس عند القل والحاجه كم ناس ، ناسٍ من الازمات تخرجها . . وخاو الذي كالبحر بالطيب وأمواجه واترك ضعوف الرجال ولا تهارجها . . رجلٍ ليا جيت يمه طلقٍ احجاجه ما هو من اللي سواليفه يعوجها . . واللي مخالفك في رايه ومنهاجه قربك منه يتعبك والنفس يزعجها . . وبعدك عنه يبعد الهاجوس وعلاجه لا تجبر النفس في قربه وتحرجها . .لوا تسكن أرضٍ دهور ولا احدٍ داجه أرضٍ خليٍ تبيّح سد دايجها . . ولو ماوصل برها الجوال وأبراجه اخير من عشرةٍ قشراً نتايجها .