لم تكن استضافة برنامج من الرياض على اوربت للسفير البريطاني لدى المملكة السير شيرارد كوبر كولز عادية من الناحية الإعلامية المألوفة لدينا ، في تخاطبنا كسعوديين مع الآخرين ، خصوصا في وسط الظروف التي أحيطت حولنا بسبب تصرفات فردية من شرذمة أساءت لنا كثيراً على مستوى تعامل الآخرين معنا !! كان اللقاء مع «أبوهنري» - كما يحبذ السفير البريطاني أن يطلق عليه - عفوياً وصريحاً وخالياً من البروتوكولات المعتادة من إعلامنا عندما يكون الضيف شخصية أجنبية، فالزميلان سعود الدوسري وايمان المنديل نجحا بالفعل في إمتاعنا بلقاء ممتع ، في توقيت مناسب ومع شخصية هامة . في إعلامنا الرسمي اعتدنا أن تكون اغلب الحوارات التلفزيونية متخمة بهرمون المجاملة ، لذلك أصبحنا معتادين فقط أن ندور في حلقة واحدة هي فقط رؤيتنا لأنفسنا، فالضيوف هم أنفسهم والقضايا المناقشة نفسها ولكن بحذر أكثر، والحوارات تحولت إلى خطب مع مذيعين غير مؤهلين في أحيان كثيرة !! كان السفير البريطاني وهو يتحدث عن السعوديين وبتلقائية يعطينا تصوراً آخر نعرفه عن أنفسنا ولكن لا نتيح للآخرين للتعبير عنه بطريقتهم وبأسلوبهم، بلغته العربية المحببة و المتخمة باللهجة المصرية الاسكندرانية تحدث أبوهنري عن تساؤل الكثيرين حول التأشيرات البريطانية للسعوديين و أكد أن البريطانيين يرحبون بهم وليس هناك تحفظات على استقبالهم ودراستهم وزيارتهم لبريطانيا ، بعيدا عن ما يحاول البعض في التقليل من مكانة السعوديين والترحيب بهم دوليا وخصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر . سماعنا للآخرين وهم يتحدثون بصدق هو ما نحتاجه نحن كسعوديين ، فنحن نحتاج للعمل الإعلامي المناسب لكل يوم وكل لحظه نعيشها ، لكي نبتعد عن تعاملنا مع الشخصيات المرتبطين معها بمصالح بمنظور المجاملة فقط ، فقد كان اللقاء مع السفير البريطاني مكاشفة بين السعوديين والمسئول الأول في سفارة بلاده ، فكان الحوار راقيا وكان فيه تقريب لوجهات النظر بعيدا عن ما كنا نتصوره من عدم رغبه الآخرين بالسعوديين لزيارة البلدان التي يرغبونها وخصوصا لندن وصيفها الساحر. والسفير البريطاني أعطانا في الوقت نفسه دروسا في كيفية تحقيق الدبلوماسي للكيفية التي يجب أن يكون عليها العامل بالسلك الدبلوماسي في تعمقه وقربه من تفاصيل البلد الذي يعمل به ، فمن أبجديات الدبلوماسية التي درسناها في العلوم السياسية نجاح الممثل لبلده في تعامله مع وسائل الإعلام للبلد الأجنبي الذي يعمل به ، وهذا للأسف نفتقده كثيرا من قبل الكثير من الدبلوماسيين السعوديين العاملين في سفاراتنا ، فلا «حس ولا خبر» لهم للأسف وكأن الكثيرين يعملون ببروج عاجية. أخيرا أتمنى وخصوصا من العاملين في سفاراتنا أن يستفيدوا من الدروس السياسية والإعلامية والإنسانية التي أعطاها السفير البريطاني من خلال برنامج «من الرياض» وكيف كان الانطباع الجميل من المشاهدين السعوديين له وهم يستمتعون بحديثه الودي والمزدان بتقديره للسعوديين وبلغته العربية التي اكتسبها من خلال إقامته بالإسكندرية وتحديداً من أجواء محطة القطار بسيدي بشر المشهورة .