أكد السفير البريطاني لدى المملكة السير شيرارد كوبر كولز عمق العلاقات السعودية البريطانية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.. وقال في حديث مطول مع «الرياض» أجري في مكتبه بالحي الدبلوماسي إن هناك زيادة ملحوظة في إقبال السياح السعوديين على السفر إلى بريطانيا حيث رصدنا زيادة تقدر بنسبة 62٪ من التأشيرات الصادرة من السفارة البريطانية هذا العام. وأشار إلى ان نسبة 89٪ من المتقدمين للحصول على التأشيرة يحصلون عليها في اليوم نفسه.وقال إنه موجود كسفير لبلاده منذ سنة وعدة أشهر.. وفي رأيه أن ذلك عمل مهم حيث تعد الرياض أهم موقع لأي سفير بريطاني في الشرق الأوسط.. وأوضح السفير ان العلاقات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والثقافية والشعبية بين المملكتين وبين الشعبين متميزة. وأشار إلى ان سرعة اصدار التأشيرات البريطانية للسعوديين يأتي من باب الثقة في الأصدقاء السعوديين الزوار.. لبلادنا حيث لا توجد مشاكل منهم ويعد هذا رمزاً لعراقة العلاقة الثنائية بين البلدين. اخطأنا في العراق وقال السير شيرارد كوبر كولز إن هناك تعاوناً بين المملكة وبريطانيا في موضوع العراق وأضاف: طبعاً في العراق نحن نعترف بأننا قمنا بأخطاء في بداية الغزو.. منها مثلاً حل الجيش العراقي وطرد البعثيين من الحكومة ولاشك ان تلك كانت أخطاء كبيرة. ولكننا موجودون هناك الآن والمهم مستقبل الشعب العراقي والأمن والاستقرار له ولذلك يجب التعاون مع أصدقائنا في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية لإقامة دولة مستقلة ومستقرة في العراق وديموقراطية بدون أي احتلال أجنبي وهذا هدفنا وهدفكم ونتمنى ان تجري الانتخابات العراقية في الوقت المناسب في أواخر يناير (كانون الثاني) وبعد ذلك فإن المجلس الانتقالي سوف يضع دستوراً جديداً وبعد عام من الآن سوف نرى عراقاً مستقلاً ومستقراً إن شاء الله. واستطرد قائلاً: إن انسحاب القوات الأجنبية من العراق رهن بالموقف الأمني ونحن نتعاون مع العراقيين لإقامة قوات أمن قوية يمكن الاعتماد عليها في المستقبل لذلك هناك برنامج تدريب مكثف في كل مناطق العراق. وأنا شخصياً متفائل ان نرى انتخابات للمجلس الانتقالي في أواخر يناير (كانون الثاني) المقبل. القضية الفلسطينية: الحل في إقامة دولة حقيقية وبالنسبة لقضية فلسطين قال السير كولز في سياق حديثه ل«الرياض»: الواقع ان توني بلير رئيس الوزراء يرى انها من أبرز المواضيع التي تهم الشعوب العربية والإسلامية وان هذا جزء مركزي لمكافحة الإرهاب لأن الإرهابيين يستغلون قضية فلسطين لتجنيد الشبان وجذبهم لذلك تحدث بلير مع الرئيس الأمريكي بوش قبل الانتخابات وبعد الانتخابات الأمريكية وإن شاء الله في الفترة المقبلة سنشاهد نشاطاً كبيراً جداً من الجانب الأمريكي خصوصاً في شهر فبراير - شباط المقبل حيث سيتم انعقاد مؤتمر كبير في لندن يبحث عن أمن القضايا ليس فقط عملية السلام ولكن هذا المؤتمر سوف يتركز على إقامة الدولة الفلسطينية الحقيقية والفعالة. مع جميع مقومات الدولة وموارد أمنية واقتصادية وسياسية وثقافية لدولة فلسطين.. وعن حدودها؟ قال السفير البريطاني لدى المملكة.. هذا المؤتمر سيركز على اقامة دولة فلسطينية ومواردها ودستورها وما يتطلبه من اقامة الدولة. وأجاب على سؤال حول ما أعلنته (إسرائيل) من رفضها حضور مؤتمر لندن، قال السفير البريطاني ان عدم حضورها ليس مهماً.. أنا شخصياً أتمنى حضور (إسرائيل). لأن هدف هذا المؤتمر هو اقامة الدولة الفلسطينية والدور المهم هو للأمريكيين والاتحاد الاوروبي وللفلسطينيين وللعرب أنفسهم. دور (إسرائيل) في هذا المؤتمر.. ليس أهم شيء، كل الدول التي لديها مصلحة مباشرة في اقامة دولة فلسطينية حقيقية ستحضر بالنسبة لقضية فلسطين وتوني بلير لديه مفهوم عن القضية الفلسطينية وان موضوع العدل هو المهم.. وانه لا يوجد أي حل للقضية الفلسطينية بدون اقامة الدولة الفلسطينية الحقيقية.. وهو يعلم أيضاً ان ذلك هو المفتاح لحل مشكلة الارهاب في الشرق الاوسط.. لأن الشعوب غاضبة وهناك عدة أسباب لهذا الغضب ومن أهم تلك الأسباب قضية فلسطين.. والسيد توني بلير يعلم ذلك وهو متعاطف مع الشعب العربي بالنسبة لقضية فلسطين. وعن طبيعة الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء البريطاني بعد غد الى (إسرائيل) والاراضي العربية.. قال ان هناك علاقة بين الاعداد للمؤتمر والزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء لكن من الامور المهمة بأنه يرى ويقف على الواقع في الاراضي العربية المحتلة وقد كان هناك في اوائل نوفمبر (تشرين الثاني) 2001. وبعد ثلاث سنوات من المهم أن يقوم رئيس الوزراء البريطاني بزيارة ليقف على الظروف الصعبة للشعب الفلسطيني لأنه لا يوجد حل لقضية فلسطين بدون الشعب الفلسطيني او بدون الشعب الإسرائيلي. انضمام تركيا من مصلحة الأوروبيين وحول موقف بريطانيا من دخول تركيا للاتحاد الاوروبي قال السفير البريطاني: الحقيقة ان موقفنا منذ زمن ان دخول تركيا للاتحاد الاوروبي هو في مصلحة اوروبا وفي مصلحة تركيا والشعب التركي ولكن يجب ان يكون هناك عدد من التغيرات في تركيا من الناحية الدستورية والقانونية ومن الناحية الاقتصادية ايضاً. لذلك نحن نرى بأن مستقبل تركيا هو الالتحاق بالاتحاد الاوروبي ولكن بعد فترة انتقالية طويلة. وانا شخصياً متفائل بأننا سنصل الى حل بالنسبة لقضية قبرص.. وأهم ما في الامر هو ان هناك تعاوناً بين الاتحاد الاوروبي والحكومة التركية بالنسبة لشروط دخول تركيا.. التقدم الدستوري وحقوق الانسان بالنسبة للقوانين والتقدم الاجتماعي وهذا سوف يكلفنا كثيراً ولكن عدم دخول تركيا الى عضوية الاتحاد سيكلف كل المنطقة اكثر بكثير. الاستثمارات البريطانية في المملكة وحول العلاقات السعودية - البريطانية في الجانب الاقتصادي..؟ وما مدى اقبال رجل الاعمال البريطاني على الاستثمار في المملكة ..؟ قال السفير البريطاني: ان عدد الجالية البريطانية انخفض شيئاً بسيطاً بعد الاحداث الارهابية ويوجد هناك اكثر من عشرين الف بريطاني متواجدين في المملكة وكل المجالس البريطانية لا تزال مفتوحة وعدد الطلاب - والحمد لله - جيد جداً في كل المدارس.. أما بالنسبة للاستثمار في هذا العام شاهدنا زيارات من رئيس بلدية لندن ومن وفود تجارية واستثمارية بريطانية عديدة، وحسب الاحصاءات فإن هناك تقريباً 150 مشروعاً مشتركاً بريطانياً في المملكة وقيمة الاستثمار البريطاني نحو 4 بلايين دولار.. وهذا رقم كبير جداً وحسب تقديرنا فإن المملكة العربية السعودية أكبر شريك اقتصادي لبريطانيا خارج اوروبا واليابان وأمريكا. والاستثمارات السعودية في بريطانيا كذلك هناك استثمار سعودي في المملكة المتحدة في سوق الاسهم والعقارات وفي الصناعات البريطانية.. وقد وجدت تجاراً سعوديين عددهم جيد لديهم مصانع في بريطانيا او مجمعات تجارية.. هناك استثمارات كبيرة.. وأنا اعرف ان لندن بالنسبة لمعظم الشعب السعودي هي المدينة المفضلة خارج المملكة. ونحن نرحب بكم في بلادنا وأقول لكم ولقراء جريدة (الرياض) بأن بلادنا هي بلادكم واهلا وسهلاً». وبالعودة للحديث عن الاوضاع في العراق والتدريب فيه للجنود.. قال السفير البريطاني: هناك برنامج تدريب للجيش العراقي من البريطانيين والاستراليين والامريكان. لكن معظم المدربين امريكيون وهناك برنامج تدريب مكثف في جنوب العراق من القوات المسلحة البريطانية. ومن الشرطة البريطانية.. وأهم شيء ليس فقط عدد الجنود العراقيين الجدد لكن كفاءة الجنود والشرطة ولذلك فإن البريطانيين يركزون على جودة التدريب وكفاءته. وبصراحة نحن حتى الآن غير سعداء بالنتائج لكن يجب ان تكون هناك جهود مكثفة أكثر في الفترة المقبلة لتدريب القوات المسلحة الخاصة بالعراق الجديد. مؤتمر الرياض لمكافحة الإرهاب وحول دعوة المملكة لعقد المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب في شهر فبراير - شباط المقبل ومشاركة بريطانيا فيه والمستوى الذي ستشارك فيه قال السفير: «لقد كنا اول دولة تعلن مستوى الوفد وسيكون وفدنا رفيع المستوى جدا ويمثل كل الخدمات الأمنية البريطانية المباحث البريطانية والاستخبارات البريطانية وشرطة مكافحة الارهاب والقوات الخاصة البريطانية بالاضافة إلى وزارة الخارجية، وقد تحدثت عن هذا الموضوع مع عدد من الوزراء في المملكة.. وتم تقديم عدة اقتراحات للمؤتمر.. وهناك تعاون مكثف بيننا للاعداد لهذا المؤتمر ونحن نرحب بانعقاده في المملكة وقد كتب رئيس الوزراء توني بلير رسالة خاصة لسمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عن هذا الموضوع.. هذا رمز للتعاون الجيد جداً بين المملكة وبريطانيا. لقد ذكرت عدة مرات باننا نحن نقف جنباً إلى جنب مع السعوديين في هذه الحرب ضد الإرهاب ونحن نستفيد من هذا التعاون ونأمل ان تستفيدوا انتم أيضاً بالنسبة لتبادل المعلومات عن الإرهابيين خارج المملكة.. وفي هذا الصدد قال السير شيرارد كوبر تولز بأن تقدير الخبراء البريطانيين جهود المملكة بالنسبة لمكافحة الإرهاب أيجابي جداً فجهود المباحث ووزارة الداخلية والأمن العام والشرطة في مجال التحقيقات والاجراءات الأمنية من ناحية الحرس الوطني وقوات وزارة الداخلية.. هناك تقدير ايجابي جداً.. ونحن لدينا خبرة طويلة في مكافحة الإرهاب.. ونحن نعلم ان الحملات الإرهابية من الصعوبة التحكم بها.. فمثلا في بريطانيا فجر الإرهابيون الايرلنديون قنبلة في فندق اثناء تواجد اعضاء مجلس الوزراء كان ذلك في العام 1984 ومرة اخرى في العام 1991م الإرهابيون الايرلنديون اطلقوا قذائف على المقر الرسمي لرئيس الوزراء.. لذلك في تقديرنا أن المملكة نجحت جداً في مكافحة الإرهاب والحمد لله. وأيضاً بالعودة الى موضوع قيام الدولة الفلسطينية اجاب السفير البريطاني لسؤال حول متى يتم قيام تلك الدولة.. بقوله: إن شاء الله إن شاء الله وبإذن الله وبجهود جميع الأطراف خصوصاً الولاياتالمتحدة.. في رأيي الشخصي ان باب السلام في الشرق الأوسط موجود في واشنطن إن شاء الله مع كل هذه الجهود سنرى دولة فلسطينية قبل مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، أي بعد أربع سنوات من الآن وحسب ما تقولون: «كلمة يا ريت عمرها ما تعمر بيت» يجب علينا جميعاً بذل الجهود المكثفة وللمملكة العربية السعودية دور مهم في هذا ونحن نقدر جهود المملكة بالنسبة للسلام فمثلا مبادرة الأمير عبدالله عام 2002م مبادرة مهمة جداً وفي هذه المبادرة يوجد كل عناصر الحل النهائي لهذه القضية