الاعتقاد السائد في أغلب المجتمعات يكرس أن النساء يعانين أكثر من الرجال بعد فشل العلاقات الزوجية، أو تجارب الحياة العاطفية الفاشلة، والتي تفتقد فيها المرأة الرجل الذي اعتقدت أنه من سيكمل المشوار معها إلى النهاية. لكن تبين أن هذا غير صحيح لأن الرجال يعانون أكثر بفعل الصدمات العاطفية كما تشير دراسة أجراها عالم اجتماع من جامعة فلوريدا، ونشرت بمجلة السلوك والصحة.. الدراسة خلصت إلى أن الضغط العصبي الناتج عن العلاقات غير المستقرة يؤثر في الصحة العقلية للرجل أكثر من المرأة، وكذلك إنهاء العلاقة. في حين ان المرأة أكثر عاطفية بصفة عامة سواء أكانت في علاقة أم لا، فإن الرجل يتأثر بنوع العلاقة العاطفية، ومدى استقرارها. كما تبين أن الرجل والمرأة يتأثران بكلّ جوانب العلاقة المختلفة سواء أكانت سلبية أم إيجابية، لكن الرجل يتأثر بشكل أكبر، وتتحدد ردود أفعاله في وقت معين وفقاً لنوعية العلاقة. وخلاصة الدراسة تعكس أن الرجال يعانون من الصدمات العاطفية، عكس ما هو سائد من انهيار المرأة عندما تفقد شريك الحياة، لكن هل هذه الدراسات مسلّم بها؟أم أنها تختص بشرائح معينة، ومجتمعات ايضاً مختلفة، وقد تفرز أيضاً ما هو مختلف، حيث إن استطلاعاً حديثاً للرأي أجري في ألمانيا حول العلاقة المتشابكة بين الرجل والمرأة أظهر أن النساء يحلمن بالاخلاص الأبدي أكثر من الرجال، ويجدن أن البقاء مع شريك الحياة طوال العمر أمر رومانسي جداً في حين لم يتمنّ هذا الأمر سوى نحو 50٪ من الرجال فقط. كما أظهر الاستطلاع ان ثلثي الرجال والنساء يجدون في إنجاب طفل من شريك الحياة من أكثر الأمور الرومانسية. ونتائج الاستطلاع وإن جرت في ألمانيا، إلا أنها قد تبدو عامة وعاكسة لأغلب النساء اللاتي يحلمن باستكمال الحياة مع نفس الشريك سواء أكان مخلصاً أم لم يكن خاصة في ظل وجود أطفال وعائلة قائمة ومسؤولية قد ترى المرأة انها لايمكن ان تتنصل منها. ولذلك قد تكون المرأة أوفى من الرجل وبالذات إذا أصيب الشريك بمرض خطير، فالمرأة أوفى حيث يزيد احتمال انفصالها عنه ست مرات إذا أصيبت هي بنفس المرض. وبصرف النظر عن أن الدراسة أمريكية إلا أنها تبدو متطابقة مع ما يصيب النساء في كل أنحاء العالم، وعلى مختلف العصور، فاحتمال ان ينتهي المطاف بالنساء إلى الانفصال أو الطلاق إذا شُخصت إصابتهن بالسرطان مثلاً أعلى ست مرات منه حين يكون شريك الحياة هو المصاب. وقال الباحثون إن السبب في أن الرجال يهجرون الزوجة المريضة يمكن إرجاعه جزئياً إلى عدم قدرتهم على التأقلم بسرعة مع فكرة الاضطلاع برعاية الطرف الآخر ورعاية مصالح المنزل والأسرة. ولم تذكر الدراسة أن الرجل عندما يترك المرأة والزوجة المريضة وبالذات بعد عِشرة سنوات طويلة يذهب باحثاً عن الوناسة، والتجديد، والاستمتاع، والهروب من النكد والمرض، وإعطاء نفسه مبرر أن الشرع قد منحه رخصة البحث عن زوجة أخرى في ظل عدم قيام الأولى بالتزاماتها نحوه وبالتالي قد يطلقها، أو يبقيها وقد يعجل بنهايتها عندما تعرف أنه ذهب ولم يقف بجانبها، عكس المرأة التي وإن غادرت رجلاً مريضاً فهو استثناء، فالواقع يقول إن هناك نساء كثيرات يبقين بجانب الرجل سنوات طويلة وقد يبدأ ذلك من سن مبكرة للمرأة تمكنها إن أرادت ان تتزوج غيره،.. أعرف إحدى النساء أصيب زوجها بغيبوبة نتيجة حادث وهي لم تكمل الثلاثين ولاتزال ترعاه وتقف على خدمته منذ خمسة عشر عاماً، وتكاد لا تخرج إلا لما هو مهم، وتعلمت مع أولادها كيفية رعايته والاهتمام به وبأسرتها. أخيراً ومنذ سنوات قليلة عانت شابة من مرض السرطان لمدة عام تقريباً ولم يصمد الزوج وتقدم للزواج من أخرى رغم انه كان بالامكان ان ينتظر لأن حالة زوجته وأم طفليه كانت متردية وبالتالي كما قيل له إنها لن يطول بها العمر كثيراً، ورغم أن من حوله نصحه بالتأني لشهور، لكنه أصر وحدد ليلة الزواج، لكن المرأة غادرت يوم زواجه ولم تتجاوز سن السابعة والعشرين، هل تصدقون ما حصل، دفن الزوج أم أطفاله وشريكته بعد صلاة العصر، وزفّ نفسه إلى حياة جديدة في المساء نفسه. أحياناً بعض الصور الحياتية والمواقف الصادمة تجعلنا نغلق أبواب التعليق، الذي هو ملك خاص لكل من يقرأ هذه الحادثة ويتوقف أمامها من وجهة نظره، ومن إحساسه كإنسان بالدرجة الأولى..!