واجهة كل قطاع تبدأ بذلك العامل البسيط الذي يرد على الاتصالات الهاتفية الواردة للقطاع ، فعبر نبرات صوته يتعرف المتصل على ما سيواجهه في ذلك المكان ، فهو إما أن يكون إنسانا لطيفا ودودا فيجيب إجابات مريحة مبديا رغبة في تقديم المساعدة تبدو واضحة في محاولته لفهم طلبك وحرصه على ايصالك للوجهة الصحيحة التي تقصدها ، وإما أن يكون جاف النبرات قليل الكلمات حد النقص والنفور ، يبدو نافد الصبر يكاد يقتلك لأنك أقلقته باتصالك فلا تكاد تأخذ منه ما يفيد وهو قد يحولك على وجهتك فتجدها خطأ أو لا تجدها برنين متصل لا يرد عليه احد، او بأن يغلق في وجهك الهاتف معلنا انك اخذت من وقته ما يكفي، وان ما تطلبه غامض او غير موجود .. وهناك بين الاثنين كثيرون دأبهم "تنشيف ريق المتصل " فلا يردون الا بعد عدد كبير من الرنات، أو حتى الاتصالات ويربكون المتصل اذا اجابوا ووجد نفسه نسي لمَ رفع سماعة الهاتف اصلا، وماذا يريد ومن يحادث ..؟! واقول إن هذا العامل هو واجهة كل قطاع لسبب جوهري هو أن اهتمام المكان بعملائه سيدفعه الى الاهتمام بكافة التفاصيل بدءاً من اسلوب الرد على المكالمات لذا فإن الرد اذا جاءك لطيفا ودودا فلأن هذا المكان يحترم فعلا المتصلين به ويرغب في تقديم خدمة افضل للعملاء وغالبا ما تكون هذه النوعية واجهة لمؤسسات القطاع الخاص الذين يعلمون ان وراء كل مكالمة ربما مكسب ما سيتحقق، وزبون محتمل سينضم الى قائمة زبائنهم لذا تجد المجيب لطيفا ظريفا خدوما ، فيما تحظى معظم مؤسسات القطاع العام بمجيبين على الهاتف موظفين بدوام يحسبونها بالدقيقة ، دوام يقبل النقص ويرفض رفضا قاطعا اي زيادة ، يشعرك على الخط انك ارتكبت جريمة كونك لا تعرف تحويلات المكان واذا اجاب على رنينك بعد عشرة اتصالات فهو على اتم الاستعداد لان يجعلك تندم على اللحظة التي فكرت توفير مشوار للمكان المقصود عندما تجد ان ذهابك بنفسك وسؤالك عما تريد اقصر بكثير من اتصال هاتفي بلا جدوى .. والحقيقة أن الراغبين في اصلاح مؤسساتهم والنهوض بها عليهم ان يبدأوا بهذا العامل ، وعلى مراكز التدريب أن تستحدث برامج تدريبية تدرب من خلالها هؤلاء على كيفية الرد على المتعاملين معهم فهذا من حسن الاستقبال وحسن الاداء وهو يرفع عبئا كبيرا عن الطرفين: العميل والقطاع حيث بوسع هذا المجيب أن يحسن توجيه المتصل فيوفر عليه وقتا كبيرا ويساهم في ضبط التصنيف بالمؤسسة التي يعمل بها الامر الذي يؤدي الى سرعة الانجاز وعدم تباطؤ المعاملات ويوفر الوقت الذي يضيع فقط في اعادة توزيع المهام .. والى اولئك الذين يستخدمون المجيب الآلي نستحلفكم بالله أن تضعوا حدا للرسائل الدعائية اثناء الاتصال فليس ذنب المتصل انه اراد خدمة سريعة فتم ايقاع عقوبة الاستماع الى نشرة مطولة عن خدمات القطاع لا يريد سماعها ولا يسعده انه مجبر على الاستماع لها ، بل إنني اهيب بجهة تنظيمية ما لا اعرفها ان تحدد ضوابط الرسائل الدعائية التي يجبر المتصل على الاستماع لها كأن يضع وقتا لا تتجاوزه لها او حدودا لنصوصها او أي شروط ترحم المتصل من عذاب سماعها في كل مرة يريد تلك الجهة .. وحبذا لو كان الامر اختياريا بأنك لو اردت ان تستمع الى خدمات هذا القطاع فاضغط الرقم كذا اما غير ذلك فهناك ما تريده دون تأخير او إبطاء .. وهذا يذكرني برسالة قصيرة أوجهها لصنفين من البشر يعمدان الى الرد على الاتصالات الواردة اليهما بأمور تضايق المتصل ربما بدون قصد وبحسن نية أولهما من يسمح لاطفاله الصغار بالرد على الهاتف وبعد مدة يفطن الى ان ابنه الذي لا يحسن الكلام يعذب شخصا ما على الطرف الثاني ! واولئك الذين يضعون صوتيات دينية او غنائية واحيانا ينقلونك الى الاذاعة الحية تسمعها ريثما يرد فلا تكاد تندمج مع المادة الصوتية حتى يقطعها عليك برده .. لهؤلاء اقول بالله عليكم لا تردوا على هواتفكم لأن المتصل بالتأكيد لا يريد سوى سماع مختاراتكم الصوتية !