اقترحت عليها الخادمة بكلمات مكسرة مكشرة عن أنياب الغضب بأن تضع بلاستيك لتغليف المكتبة فقد ملت من نفض الغبار اليومي عن تلك الكتب المكدسة منذ سنوات والتي لا تمتد إليها يد ولا تحركها من مكانها فغضبت واستنكرت: كيف تتجرأ على إهانة مكتبتي؟؟ يالها من وقحة..!! ولو نظرنا للأسباب التي تكون وراء اقتناء بعضنا أو أغلبنا للكتاب كل عام لأصابتنا الدهشة خصوصا عند ربطها بالنتائج. فهناك من أصابه الهوس والشغف باقتنائها بغرض القراءة ولم يقرأ منها سوى القليل وهذا أمره طبيعي قياسا بغيره. وهناك من تعود على جمع أكبر عدد منها رغبة في رؤيتها تملأ رفوف مكتبته فقط ولكي يقال عنه مثقف بدرجة امتياز..!! وهي بالطبع قد غطاها الغبار وتعودت الهجر والإهمال فاصفرت الأوراق وذبلت المعاني واختنقت الألفاظ.. (لله درك أطلق سراحي وهبني لمن يلتهم زادي) بلا جدوى فلا حياة لمن تنادي..!! وهناك من يقتنيها أملاً في إيجاد وقت لقراءتها حبا لها وربما عشقاً بها وهو النوع السائد مثقف مع وقف التنفيذ. وربما (ثقافة بايتة لم يتم تحديثها). وهناك من يرابط بالموقع وكلما سألت عنه قيل بمعرض الكتاب يقلب الكتب وهو يقول لمن بجانبه: يا أخي مليان بيتي كتب ومن فاضي يقرأ ليه اشتري كتب!! أقول له: (ليه جاي طيب أو مع الخيل ياشقرا) وما أسرعه بالجري عندما يكون هناك تجمع أو جدل أو نقاش. أما من يذهب للمعرض وبيده قائمة يبحث عنها فهو يدرك تماما ماذا يريد وماذا يحتاج منها ولن تذهب أمواله سدى لأنه يحتاجها ببحث أو رسالة علمية أو يتبع جدولاً وقراءة منظمة متسلسلة في أي مجال يرغب أو ربما تكون متنوعة لكنه بالنهاية يتحرك بوعي ودافعية (مدفعية) لا تهدأ قبل نيل المراد فيبحث عما ينقصه من كتب لم يتمكن من امتلاكها من قبل (بطول بال وصبر وسكينة) وإذا قلت أنها ستكون بمكانة كبيرة بنفسه (كصديق حميم) لا أبالغ حيث لن يعرف الغبار طريقه إليها قبل أن يصبها برأسه صبا ولو لم يجد الوقت فهو سيجده حتما لأنه يسعى لغاية والغاية منتهى ما يصبو إليه الإنسان فهنيئا له. وهناك من يتجول بالمعرض ليل نهار يقلب أغلفة الكتب (الجذاب منها) دون المحتوى ويسد بجسده باب دار النشر إذا كان (بدينا)- أعانه الله - فلا يجعل لك فرصة للنظر والبحث وإياك أن تطلب منه إفساح الطريق ونيل الفرصة لأنه لن يلتفت إليك أصلاً (مافيه إرسال واستقبال للذبذبات البشرية عاجبك ولا الباب يوسع جمل) طبعا باب المعرض وليس الدار.. فهو باب الدار غير المتحرك. والمصيبة تتضاعف لو كان بجانبه عدة نسخ منه لا يبالون بمن حولهم فيبدون كالحائط - سبحان الله - هذا النوع من الناس مع احترامي لكأس النسكافيه بيده يحتاج لكرسي وجلسه رايقة ليتذوق القهوة ويثرثر فهي هدفه مع الدونات الشهية فأين الجلسات الجانبية يامنظمي المعرض ألا تدركون أن هناك (الجائع فكريا والجائع باطنيا). أخيراً وبلا شك فهناك اختلاف في تقدير مكانة الكتاب لدى شرائح المجتمع بسبب رؤية مترسخة بالذهن واختلاف بالأذواق والظروف أو بسبب ما نعانيه بهذا الزمن من تسارع في عجلاته ونبض أحداثه فالكل يجري وراء العيش ويغرق بالزحام وما تبقى من وقت يكون بين شاشة الحاسوب والكيبورد وما تستهلكه من أوقاتنا مواقع التواصل الاجتماعي من أحاديث يتم تجاذبها مابين مد وجزر فالكل يتحدث والكل يستمع والنتيجة ضياع للوقت وتزايد في الجدل وجاذبية ساحرة للعقول بلا منتهى.. عالم النت عالم واسع يعتمد على القراءة ولكنها ليست القراءة التي تنمي الفكر وتهذب السلوك دوما مع احترامي لما يتم تحميله عليها من كتب إلا أنها مرهقة للنظر ومتلفة للتركيز.